|
سيدنا رمضان
فريدة عدنان
كاتبة وشاعرة
(Farida Adnane)
الحوار المتمدن-العدد: 7233 - 2022 / 4 / 29 - 16:25
المحور:
الادب والفن
إن المكانة التي خصها الله عز وجل لهذا الشهر الفضيل جعلت المسلمين في كل بقاع العالم يولونه اهتماما كبيرا و يتفننون في استقباله بمختلف العادات والتقاليد السائدة في كل بلد كما يعملون جاهدين على الظفر بركب الأجداد الصالحين الذين كانوا يوفونه حقه من عبادة وقيام الليل وفعل الخير وزرع أواصر المحبة والتكافل فيما بينهم. والمغرب كباقي البلدان الإسلامية يحظى فيه هذا الشهر الكريم بقدسية كبيرة ويكون الإستعداد له قبلي من طرف كل المغاربة،إذ نطلق عليه نحن أهل المغرب اسم" سيدنا رمضان" لما له من مكانة عظيمة وحب كبير في قلوب الكبار والصغار وبحلوله يتغير نمط الحياة عند كل الأسر فهو بالنسبة للجميع الضيف العزيز الذي لا يمل منه ويحمل معه نسائم الجنة. يستقبل المغاربة"سيدنا رمضان" بفرح وسعادة حيث تقوم النساء خلال شهر شعبان بتنظيف البيوت وشراء لوازم جديدة له وإعداد وجبات قبلية خاصة بهذا الضيف الكريم نظرا للوقت الذي تتطلبه في التحضير "سلو أو السفوف"وهو دقيق من القمح أو الشعير .. المحمر في الفرن والذي يضاف له اللوز والسمسم وبعض المواد الأخرى ذات نكهات مختلفة و الغنية بالفيتامينات التي تساعد جسم الصائم على الإحتفاظ بقوته طوال اليوم،إضافة إلى "الحلوى الشباكية" وهي نوع من الحلويات المقلية في الزيت بنكهة الزهر وترافق "الحريرة"في التقديم على المائدة الرمضانية التي تزخر بشتى أنواع الحلويات الخاصة بهذا الشهر الفضيل ."وللحريرة"مقام فريد في الموائد المغربية الرمضانية فهي سيدة الأطباق وبدونها لا يكتمل الفطور وتتكون من الحمص والدقيق وكثير من المواد الأخرى ولا علاقة لها بالشوربة فنكهتها مميزة فكل من يتذوقها يقع في غرامها ويطلب المزيد .كما تزخر الموائد الرمضانية المغربية بشتى أنواع الفطائر والمعجنات"الملاوي..البغرير..الحرشة.."وتتفنن المغربيات في تجهيز الأطباق والأذواق المختلفة . خلال وقبل "سيدنا رمضان"يكثر التردد على صناع اللباس التقليدي "الجلباب القفطان والجبادور"ويكون الجلباب هو الزي السائد لذا الكثير من المغاربة سواء في العمل أو المساجد .أما الأطفال فيحظون بنصيب كبير من الإهتمام خلال هذا الشهر الفضيل إذ تقوم الأسر المغربية بتحبيب الصيام لأطفالها عن طريق ما يسمى"بالترقاع"حيث يشجعون الأطفال على صيام النصف الأول من اليوم وإكمال النصف الثاني في الغد ،وتكون فرحتهم عارمة عندما يقوم الأهل بإيقاظهم وقت السحور لسماع قرع "الدقاق"او"الطبال" او" النفار" على حسب كل منطقة وهو ما يعرف عند بعض الدول العربية بالمسحراتي وهو شخص يجوب الشوارع والدروب ليعلن عن قرب موعد السحور مما يضفي على الليالي الرمضانية طابعا روحانيا جميلا من خلال "التهليل" أي ترديده للصلاة على النبي بألحان ثراتية (اللهم صلي وسلم على النبي..النبي العربي الحبيب سيدنا محمد ..صلى الله على الطاهر أسنانه مثل الجواهر ...)ويقوم أهل البيوت بتقديم الهدايا له وتكون في الغالب عبارة عن قطع نقدية أو السكر. ولا يتوانى الصغار أيضا عن أداء صلاة التراويح التي تقام في المساجد حيث يعم جو من الخشوع الممزوج بحلاوة أصوات الأئمة التي تصدح بآيات الذكر الحكيم. أما ليلة السابع والعشرين من "سيدنا رمضان" فبالنسبة لنا نحن المغاربة هي ليلة القدر تخضب فيها كفوف الفتيات الصغيرات بالحناء التي تقوم بتحضيرها النقاشات بماء الزهر الحر، وترتدي الفتيات القفطان المغربي الجميل الذي ترى فيه إبداع الصانع المغربي ومهاراته العالية في الخياطة والتطريز وابتكاره لأنواع جديدة من "السفيفة"وهي خيوط من الحرير مختلفة الألوان يحيكها الخياط التقليدي "المعلم" ويصنع منها أشكالا جميلة وعديدة لفتح باب الإختيار أمام الزبائن؛ كما يقوم الأهل بتزيين الصغيرات عند مصففات الشعر كعروس ويحملن على وقع أهازيش شعبية فوق"العمارية" وهو هودج العروس . تُبخر البوت بالعود والعنبر أما المساجد فطيب ريحها يفوح منذ آذان المغرب و تكون ليلتها تعج بالمصلين من نساء ورجال وأطفال والكل يرتدي الزي التقليدي المغربي وترى أطباق الكسكس المميز محمولا على الأكتاف وبخاره يمتزج برائحة العود الفواحة من المساجد وتحضير الكسكس في البيت وحمله الى المصلين من بين الطقوس التي تقوم بها المغربيات خلال ليلة السابع والعشرين من رمضان . تكثر طيلة أيام "سيدنا رمضان"موائد الإفطار الجماعي التي تنظمها جمعيات المجتمع المدني التي تنشط بشكل مكثف خلال هذا الشهر الفضيل وكذا المحسنين في مختلف الفضاءات والأماكن حتى السجنية منها،كما نجد بعض المقاهي تعد طيلة الشهر الفضيل الإفطار مجانا لكل الناس مما يظفي طابعا جميلا من التكافل والروحانيات على الحياة العامة وتجعل من "سيدنا رمضان" الضيف الغالي والعزيز الذي يغير الكثير من النفوس إلى الأحسن ويظهر النفائس الحقيقية بل يجعل الحياة تبدو بسيطة وجميلة. تقبل الله من الجميع الصيام والقيام وأعاده الله علينا وعليكم بالصحة والعافية.
#فريدة_عدنان (هاشتاغ)
Farida__Adnane#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
همسات 1
-
هايكو
-
فوز قصه
-
إليك يا.. رسالة أدبية
-
حضانة قصة
-
همسات فريدة
-
الواقع المر قصة
-
الحقيبة قصة
-
قصيدة صرخة جبل
-
مجالسنا/قصة
-
قصيدة الحلم البعيد
-
قصيدة لأنك أنت
-
غدر الايام
-
قصيدة ضاع إنائي الجميل
-
قصيدة تيسة العشق السرمدي
-
قصيدة شرود
-
أنا بخير
-
قصيدة تراتيل
-
أول ديسمبر/ رسالة أدبية
-
قصيدة أجيء إليك
المزيد.....
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|