عبدالإلاه خالي
(Abdelilah Khali)
الحوار المتمدن-العدد: 7230 - 2022 / 4 / 26 - 23:39
المحور:
الادب والفن
انقضت خمس سنوات، فترة من طفولتي قضيتها بين البادية صيفا والمدينة باقي الفصول. كانت فترة لذيذة بأحداث ومغامرات هي الآن ذكريات تخصُّني. علاوة على أشياء أخرى حدثت:
أخواتي الخمس تزوجن وانتقلن إلى مقطن أزواجهن، ففسحن المجال لأخي أحمد وَأختي وفاء كي يناما معي فوق السرير.
باعت أمي أساور ذهب ورثتها عن حْنّا وبالثمن أضفنا طابقين علويين وأكرمنا الطابق السفلي بالتزيين والإصلاح، فصار بيتا بجدران إسمنتية وأرض مسلحة بعد أن كان كوخا طينيا بأرض متربة.
صحيح، موت إنسان قد يكون سببا في سعادة إنسان.
اشترى الحاج عبد الرحمان فياط صفراء فكانت أول سيارة تدخل الحيّ وتسجل اسمها في تاريخه بقوة.
حيُّنا الذي لم تدخله غير الحمير وعربات الزبالين يحتضن الآن سيارة صفراء فاقع لونها.
ذاك ما فعلته السنين الخمس بأسرتنا الصغيرة، أما الكبيرة فاستحالت بركانا مشتعلا تحرق حِمَمُه كل ما تجده في طريقها: خضات طلابية وإقفال الجامعات بين الحين والآخر، إضرابات عمالية وأزمات اقتصادية تغذي جوا سياسيا ينشحن يوما بعد يوم.
نعم انقضت خمس سنوات وأصبح الحي حيا والناس ناسا والمغرب مغربا.
وأنا أيضا تغيرت..
تغيرت نظرتي للنساء وبدأت أنجذب لنادية وأنظر إليها نظرة أخرى، صارت تثير انتباهي أكثر من أي وقت مضى. بدأتُ أجد عينيَّ وأنا أحادثها تحملقان في لون عينيها العسليتين ووجنتيها الورديتين وشفتيها المكتنزتين. وحينما تولي لي ظهرها أجد عينيَّ تستطلعان تسريحة شعرها وتدوران حول ساقيها وقوامها الممشوق.
هل تغيرْت؟ على الأقل هذا ما يبدو إذ صارت أمي تكثر من ملاحظة لم أكن أفهم مغزاها.. كانت تقول متنهدة:
- جبريل! اخشوشن صوتك، عقبال منشوفك عريس..
وصرتُ أخجل من النظر إلى نادية.. جلسنا ذات مساء على الدرجات الأمامية لمدخل البيت كما اعتدنا أن نفعل من زمان. رأسي مطأطئ، لا أستطيع النظر إلى نهديها وقد برزتا خلف القميص مستديرتين جميلتين.. لا أستطيع النظر إلى فخديها الفائرتين المثيرتين..
تلامست يدانا فاهتز بدني وسَرَتْ رعشة في داخلي.
أدركتُ أنني لم أعد طفلا..
خرجَتْ صباحا إلى جانب أبيها الحاج عبد الرحمان، مرَّت حذوي فطفقتُ أغني مقطوعة هندية. وقفَت لحظات سارحة في رحاب اللحن ثم واصلت المسير بعد أن حدجتني في دلال بطرف عينيها..
#عبدالإلاه_خالي (هاشتاغ)
Abdelilah_Khali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟