|
رجل من زمن الحصار
طلال حسن عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 7230 - 2022 / 4 / 26 - 09:31
المحور:
الادب والفن
مسرحيات قصيرة جداً
رجل من زمن الحصار
طلال حسن
حلم
ظلام ، صمت تام ، يضاء رجل عجوز مهدم
الرجل : منذ أن تقاعدت ، قبل أكثر من عشر سنوات ، وحلم غريب لا يكاد يفارقني ، حتى صرتُ أخشى النوم ، والغريب أنني ما إن أغمضُ عينيّ ، وأغفو ، حتى أرى نفسي ديكاً هرما يذبحني صاحبي من الوريد إلى الوريد . ومع الأيام ، اختلفت عليّ الأمور ، ولم أعد أعرف ، أأنا موظف متقاعد ، يرى نفسه ديكاً هرماً يذبحه صاحبه من الوريد إلى الوريد ؟ أم ديك يرى نفسه موظفاً متقاعداً ؟ الرجل العجوز يصمت ، يخفت الضوء بالتدريج إظلام
الرقم خطأ
ليل ، الرجل في سريره ، يتلوى أرقاً ، التلفون بجانبه
الرجل : فوق جمر الأرق ، على مدى أيام ، أتلوى وحيداً ، في حلكة الليالي ، وكل ما في داخلي صحراء ، لا نهاية لها ، يلفها صمت القبور . وكما تتوق الصحراء إلى قطرة ندى ، تقت إلى صوت إنسان ، يبلل صمت صحرائي ، لعل بذرة حية ، تستيقظ في داخلي ، وأغفو على إيقاع تنفسها ، وأرتاح ولو للحظات . ولاح لي التلفون ، فمددتُ يدي ، ورفعتُ سماعته ، وأدرت رقماً لا على التعيين ، ومن بعيد ، ربما من مجرة أخرى في آخر الكون ، جاءني صوت فتاة ، يخاطبني برقة : ـ الرقم خطأ ، يرجى إعادة الطلب .. واستيقظت في داخلي أكثر من بذرة ، فوضعتُ سماعة التلفون على وسادتي ، وأغمضتُ عينيّ ، وسرعان ما غفوتُ ، وصوت الفتاة يخاطبني برقة : الرقم خطأ يرجى إعادة الطلب .. الرقم خطأ يرجى إعادة الطلب .. الرقم خطأ ..
الرجل يغفو ، صوت الفتاة الدافىء مستمر
إظلام
النهر
ظلام ، صمت ، التلفون يدق ، يُضاء يوسف يرفع السماعة
يوسف : ألو .. خالد : " في التلفون " عفواً يوسف . يوسف : نحن في منتصف الليل ، خيراً . خالد : البقية في حياتك . يوسف : من ؟ خالد : سالم . يوسف : آه يا للأسف . خالد : عرفت هذا منذ قليل . يوسف : قبل أيام كنا معاً ، وصحته كانت عادية ، يا خالد . خالد : لقد انتحر . يوسف : ماذا ؟ انتحر ! خالد : اختفى أياماً ، وبحثوا عنه في كلّ مكان ، وحين خفّ الفيضان وجدوه مغروزاً في قاع النهر . يوسف : آه ، يا للغرابة .. خالد : يوسف .. يوسف : قال لي ، قبل أيام ، ونحن نعبر الجسر ، والنهر فائض ، إنه يصاب بالرعب ، وخاصة عند فيضان النهر . خالد : تصبح على خير . يوسف : تصبح على خير .
يوسف يعيد السماعة إلى مكانها ، تطفأ الإضاءة
إظلام
التنين
هتافات ، الحكيم وابنه الفتى بباب المدينة
الفتى : اسمع يا أبي الحكيم : " يصغي " إنني أسمع ، يا بنيّ ، هذا يومهم . الأصوات : عاش .. عاش .. عاش صوت 1 : عاش البطل صوت 2 : عاش بطل اريدو صوت3 : عاش منقذنا البطل صوت 4 : عاش قاتل التنين صوت 5 : عاش منقذنا قاتل التنين أصوات : عاش .. عاش .. عاش الفتى : " يشير إلى الناس " انظر ، يا أبي ، .. انظر ، أنظر . الحكيم : إنني أراهم ، يا بنيّ ، إنهم يهللون فرحاً ببطله المحبوب . الفتى : هاهم يستقبلونه بالهتافات والورود وأغصان الغار . الحكيم : ما حققه لهم وللمدينة العظيمة أريدو ، ليس بالأمر الهين . الفتى : " ينظر إلى أبيه متسائلاً " .... الحكيم : لقد قتل التنين . الفتى : أبي ! الحكيم : نعم ، قتل التنين ، وخلصهم منه . الفتى : لكنك تقول ، إن التنين وهم . الحكيم : وهل أصعب من قتل هذا التنين في العالم ، يا بنيّ ؟ الفتى : " يلوذ بالصمت " .... أصوات : عاش .. عاش .. عاش
تخفت الأضواء ، الأصوات مستمرة ، عاش عاش عاش
إظلام
مونودراما
ظلام ، صمت ، بقعة ضوء تسلط على الرجل
الرجل : يا للناس ، لقد تغيروا تماماً ، وكاد يتلاشى ما توارثوه من قيم ومُثل وأخلاق ، إن الأعداء يتحدّون في كلّ لحظة مشاعرنا ، والكلّ مخدرون .. نيام . هذا ما تحدثتُ فيه إلى زوجتي .. وتحدثت .. وتحدثت ، والتفتت إليّ ، وأخيراً نهضتْ ، واندست في الفراش ، ونهضتُ بدوري ، واندسستً إلى جانبها ، وأنا مازلتُ أتحدث .. وأتحدث .. وأتحدث ، والتفتتْ إليّ ، وحدقت فيّ ، فصحتُ بها منفعلاً : لم أتناول حبة الدواء ، ولن أتناولها . ونهضتْ زوجتي ، وجاءتني بحبة الدواء ، فأخذتُ الحبة منها ، دون أن أنبس بكلمة ، وبلعتها . ووضعتُ رأسي على المخدة ، وقد توقفتُ عن الحديث ، وشيئاً فشيئاً نسيتُ الأعداء ، وتحديهم لمشاعرنا ،واستغرقتُ في نوم عميق . صمت تام ، الضوء يُطفأ عن الرجل
إظلام
الخاتم
الصائغ ، تدخل المرأة الشابة ، وتقترب منه
المرأة : صباح الخير . الصائغ : صباح النور " يرفع رأسه " أهلاً ابنتي ، أهلاً ، أهلاً . المرأة : " تضع الخاتم أمامه " تفضل . الصائغ : ماذا لديكِ هذه المرة ؟ المرأة : كما ترى ، خاتم . الصائغ : " يأخذه بيده ويتأمله " هم م م م . المرأة : خاتم الزواج . الصائغ : " يضع الخاتم في الميزان " ما أخبار زوجك ؟ المرأة : لا جديد . الصائغ : أتمنى يا ابنتي ، أن تسمعي جديداً يفرحك ، في وقت قريب . المرأة : أشكرك . الصائغ : هذا الخاتم .. المرأة : " تمد يدها " أرجوك .. الصائغ : " ينظر إليها " .... المرأة : أعطنيه ، أعطني الخاتم . الصائغ : ما الأمر ، يا ابنتي ؟ المرأة : لا أستطيع بيعه . الصائغ : يفغر فاه صامتاً " .... المرأة : " تأخذ الخاتم " ....
تضاء المرأة وحدها ، والخاتم في يدها
المرأة : يا لحمقي ، كدتُ أبيع الخاتم ، صحيح إنني بحاجة إلى ثمنه ، بعد أن بعتُ ذهبي قطعة بعد قطعة ، لكن هذا الخاتم ، خاتم زواجي ، الذي يحمل اسمه ، ماذا يمكن أن أقول له ، إذا عاد يوماً من الأسر ، ولا يجد خاتمه في إصبعي ؟
تسير المرأة الشابة مبتعدة ، والخاتم في يدها إظلام
الصورة
ظلام ، همهمة جمهور ، تضاء عريفة الحفل
العريفة : نستمر في حفل التكريم بمناسبة اليوم العظيم ، يوم الشهيد " تنادي " السيدة أم نضال ..
تصعد المنصة امرأة ستينية ترتدي عباءة
العريفة : " تصافحها بحرارة " أهلاً أم نضال . المرأة : أهلاً بك ، ابنتي . العريفة : " تضع الوسام على صدرها " هذا وسام الشهداء الأبطال . المرأة : أشكرك . العريفة : " تعانقها " مع أطيب التمنيات . المرأة : شكراً جزيلاً . العريفة : تفضلي . المرة تتراجع ، وتتأمل الصور على الجدار
المرأة : آه .. الصحفي : " يدخل ويقترب منها " هذا يومهم ، يوم مجيد . المرأة : " تهز رأسها دون أن تلتفت إليه " .... الصحفي : لابد أنك تبحثين عن ابنكِ أو حفيدكِ . المرأة : لا ، بل أبحث عن زوجي . الصحفي : " يتأملها مبتسماً " .... المرأة : " تتوقف عند صورة " تعال ، تعال انظر . الصحفي : " يقترب وينظر إلى الصورة " آه ، يبدو أنه في حوالي العشرين ! المرأة : عندما أغتيل ، في بداية الستينيات ، كان في الواحدة والعشرين من عمره .. الصحفي : " يلوذ بالصمت " .... المرأة : لم نعش معاً إلا حوالي السنتين .. الصحفي : " يبقى صامتً " .... المرأة : أنجبنا ولدين .." تبتسم ابتسامة دامعة " ها أنا تجاوزت الستين ، وهو مازال شاباً .. في العشرين .
المرأة تبقى أما الصورة ، الصحفي ينسحب بهدوء
إظلام
اللغم
المعتقل مشدود على السرير ، مكمم الفم ، حوله عدة رجال
الأول : المعتقل جُهّزَ ، يا سيدي الخبير . الخبير : " يتقدم من المعتقل " .... الثاني : زرعنا جسده كله بأجهزة تنصت حديثة ، ودقيقة ، وفائقة الحساسية . الثالث : وفحصنا جسده بدقة منطقة منطقة ، حتى لا يفوتنا شيء ، نندم بسببه . الثاني : لاحظنا ، يا سيدي ، أن في صدره شيئاً يتكتك .. تك تك تك . الثالث : ليتك تنصت بنفسك ، يا سيدي . الخبير : ينحني على صدر المعتقل وينصت " هم م م م .. الثاني : سيدي .. ؟ الخبير : أنت محق ، إنه لغم . الأول : لغم ! الثاني : هذا ما خمنته . الخبير : علينا أن ننزعه وإلا نسف العالم . الثلاثة : " يشهرون خناجرهم " .... الأول : لنفتح بطنه وصدره ، بحثاً عن هذا اللغم اللعين . الثالث : سأفتح البطن " يطعن المعتقل " وأفتش فيها . الثاني : وأنا سأفتح الصدر " يطعن المعتقل " وأفتش فيه . الخبير : فتشوا جيداً ، لا يفتكم شيء ، فالأمر خطير للغاية . الثالث : لا شيء في البطن . الثاني : هناك شيء في الصدر ، تحت الثدي الأيسر . الخبير : تقدم منه بحذر شديد . الثالث : " وقد مدّ يده " أمسكته ، يا سيدي . الخبير : لحظة ، ابقَ جامداً ، سأنزعه بنفسي ، وإلا نسف .. الثاني : سيدي ، مدّ يدك على امتداد يدي .. الخبير : " يمد يده بحذر " .... الثاني : نعم ، هكذا ، والآن أطبق عليه .. الخبير : أمسكتُ به ، اسحب يدك ، سأنتزعه من مكانه ، قبل أن .. الثاني : " يسحب يده " .... الخبير : ابتعد قليلاً .. الثاني : " يبتعد " ..... الخبير : انتزعتهُ " يُخرج يده ممسكاً بقلب يقطر منه الدم " ها هو اللغم ، آه لقد أنقذتُ العالم . الخبير يقف مزهواً ، والقلب المدمى في يده
إظلام
الخروج
غرفة مكتب ، يدخل الضابط ، و العريف وراءه
الضابط : الموقوف .. العريف : بالباب ، يا سيدي . الضابط : " يتجه نحو المكتب " أردتُ ملفه . العريف : وضعته أمامك ، على المكتب ، سيدي . الضابط : " يجلس " ليدخل الموقوف . العريف : " أمر سيدي " يخرج " . الضابط : " يشعل لفافة " ....
يدخل الموقوف ، برفقة العريف وجندي ضخم
العريف : الموقوف . الضابط : " يحدق فيه " أردت أن تخرج ، من دون إذن . الموقوف : " يلوذ بالصمت " .... الضابط : " يفتح الملف ، ويتصفحه مهمهماً " .... الموقوف : " يتطلع إليه مترقباً " .... الضابط : " يرفع رأسه " سندعك تخرج ، بعد القيام ببعض الاجرءآت " للعريف والجندي الضخم " خذاه . العريف : أمر سيدي .
العريف والجندي الضخم ، يدفعان الموقوف ، ويخرجان به
الضابط : الاجراءآت ، لابد منها ، هذه هي التعليمات " يدخن " سيفتحان جمجمته ، ويفرغان ما فيها ، ثم .. العريف : سيدي .. الضابط : " ينظر إليه عبر دخان اللفافة " .... العريف : أجرينا اللازم . الضابط : الآن يمكنه أن يخرج .
الضابط يغلق الملف ، ثمّ يسحق اللفافة إظلام
العاصفة
ظلام ، صمت ، من بعيد صوت مجروح
الصوت : أنا إنسان ..
يُضاء مخدع الملك ، الملك يهبّ خائفاً
الملك : إليّ يا أتباعي .. إليّ .. إليّ .
يُفتح الباب ، ويدخل الحكيم والمستشار والقائد
الحكيم : مولاي ، اطمئن ، نحن معك . القائد : الجند ، بقيادتي يا مولاي ، يحيطون بالقصر . المستشار : أنا مستشارك ، يا مولاي ، ما الأمر ؟ الملك : أسمع نباحاً مخيفاً يأتي من بعيد . الحكيم : " ينصت عبثاً " نباح ! المستشار : ذاك عبد ، يا مولاي . الملك : عبد ! المستشار : يصيح .. أنا إنسان .. الحكيم : أنا إنسان ! يا للويل . الملك : هذه سابقة خطيرة . الحكيم : وتكرارها أخطر . الملك : يا قائد جندي .. القائد : مولاي . الملك : أسكتوا هذا الصوت . المستشار : أنا معك ، يا مولاي ، فليسكتوه . الحكيم : هذه هي الحكمة ، فليُسكتْ وإلى الأبد . القائد : مولاي " يشهر سيفه " نم مطمئناً ، لن تسمع هذا الصوت ثانية ، حتى في المنام .
ظلام ، صمت ، من بعيد تهدر أصوات كالعاصفة
الأصوات : أنا إنسان .. أنا إنسان .. أنا إنسان .. إظلام
الملك يبني
قاعة العرش ، الملك يذرع القاعة منزعجاً
الملك : تأخر الحكيم ، خير له أن لا يتأخر أكثر ، وإلا فقدَ .. الحاجب : " يدخل " مولاي .. الملك : " ينظر إليه غاضباً " .... الحاجب : الحكيم بالباب . الملك : ليدخل . الحاجب : " ينحني " أمر مولاي .
يخرج الحاجب ، يدخل الحكيم العجوز على الفور
الحكيم : طاب صباحك ، يا مولاي . الملك : تأخرتَ . الحكيم : عفواً مولاي ، مُرني . الملك : أريد بنّاء . الحكيم : " مستبشراً " يبدو ، يا مولاي ، أنك ستبني مدرسة . الملك : سأبنيها ، لكن ليس الآن . الحكيم : آه .. مكتبة .. مكتبة للشعب . الملك : سأبني المكتبة ، لكن ليس الآن . الحكيم : مستشفى ، فأبناء الشعب .. الملك : ليس الآن .. ليس الآن . الحكيم : مولاي .. ؟ الملك : أنا لي أعداء ، وأعدائي هم أعداء الشعب والوطن ، استدع ِ البنّاء فوراً .. الحكيم : أمر مولاي . الملك : سأبني .. السجن .
الحكيم ينحني للملك ، ثم يخرج من القاعة
إظلام
امرأة ورجل
المرأة العجوز تبتعد عن المستوصف ، رجل وراءها
المرأة : " تتوقف متلفتة حائرة " .... الرجل : " يحاذيها " لا عليكِ منه . المرأة : " تمسح عينيها " .... الرجل : أنتِ تبكين . المرأة : رأيتً ما فعله بي ذلك الموظف . الرجل : إنه هكذا مع الجميع . المرأة : لم أقترف خطأ . الرجل : دعكِ منه ، لا تبكي . المرأة : " بصوت دامع " ليتني أموت . الرجل : لا تقولي هذا . المرأة : " تتلفت حائرة " لا أدري الآن أين أذهب . الرجل : اذهبي إلى بيتك ، وارتاحي قليلاً ، وانسي ما جرى . المرأة : زوجي كان بناء .. الرجل : كان .. ؟ المرأة : بنى مئات البيوت ، لكنه مات ، ولم يبن لنا بيتاً .. الرجل : " يهز رأسه " .... المرأة : ترك لي ولدين ، بنتاً وابناً ، تزوجت البنت أولاً ، ثم تزوج الابن ، زوجته لم تحتمل صوتي ، رغم أنني قلما أتكلم .. الرجل : " الرجل ينظر إليها صامتاً " .... المرأة : لجأت إلى ابنتي ، لكن زوجها لم يحتملني ، وبدأ يُشقي ابنتي ، وهذا ما لا أحتملهُ .. الرجل : " يبقى صامتاً " .... المرأة : " تسير متلفتة تائهة " ترى أين أذهب الآن ؟ بصوت دامع " ليتني أموت ، لعلي أرتاح .
المرأة تسير مبتعدة ، الرجل في مكانه
إظلام
تيمورلنك
قاعة العرش ، تيمورلنك يذرع القاعة غاضباً جداً
تيمورلنك : أنا تيمورلنك ، هذا المهرج اللعين ، يقول إن أسمي .. لينتظر ، سأنسيه اسمه ، و .. " يصيح " أيها الحاجب ..
الحاجب : " يدخل مسرعاً " مولاي ، جاء .. تيمورلنك : جحا ! الحاجب : جاءوا به ، بناء على أمر منك ، يا مولاي . تيمورلنك : أدخلوه في الحال . الحاجب : أمر مولاي .
الحاجب يخرج ، حارسان يدخلان حاملين جحا
جحا : مولاي ، نحن في منتصف الليل ، الرحمة ، الرحمة . تيمورلنك : " للحارسين " اتركاه واذهبا . الحارسان : " يتركان جحا " أمر مولاي " يخرجان " . تيمورلنك : جحا ، تعال . جحا : " يزحف على أربع " أمر مولاي . تيمورلنك : انهض ، وقف على قدميك ، لستَ خروفاً . جحا : " ينهض " أمر مولاي . تيمورلنك : انظر إليّ .
جحا : " ينظر إليه مذعوراً " مولاي .. تيمورلنك : ما اسمي ، يا جحا ؟ جحا : مو .. لا .. ي .. اسمك .. آه .. تيمورلنك : نسيته ! جحا : لا ، كيف أنساه ، أسمك لا يُنسى أبداً ، يا مولاي .. تيمورلنك : حسن ، ما اسمي ؟ جحا : تيمور.. تيمورلنك . تيمورلنك : آه ، هذا صحيح ، ليس اسمي عندك إذن .. أعوذ بالله . جحا : أعوذ بالله ! كذب ، لم أقل هذا .. تيمورلنك : " يحدق فيه " .... جحا : إنني لا أجرؤ على مجرد التفكير في أمر كهذا ، حتى بيني وبين نفسي . تيمورلنك : أعرف ، لكن أشيع بين الناس ، أنك قلت هذا ، وعليه لابد أن تدفع الثمن ، ليتعظ الناس . جحا " ينهار على ركبتيه " مولاي . تيمورلنك : " يصيح " أيها الجلاد . الجلاد : " يدخل فوراً والسيف في يده " مولاي. تيمورلنك : اقطع رأسه . الجلاد : " يمسك بجحا " أمر مولاي . الحارسان : أمر مولاي .
الجلاد يجر جحا ، ويمضي به إلى الخارج
إظلام
الخنجر
معبد ، كاهن مسن ، الرجل يجثو أمامه
الرجل : مولاي .. الكاهن : تكلم ، يا ولدي ، إنني أسمعكَ . الرجل : ذنبي يقض مضجعي ، اغفره لي . الكاهن : اهدأ ، يا ولدي ، حدثني عن ذنبكَ . الرجل : " يمسك مقبض خنجره " بهذا الخنجر .. الذي تراه .. الكاهن : تكلم . الرجل : قتلتُ ، قتلت إنساناً .. الكاهن : " يطرق صامتاً " .... الرجل : جُننتُ ساعتها ، فقتلتهُ .. الكاهن : " يبقى صامتاً " .... الرجل : انظر إليّ ، يا مولاي ، واغفر لي .. الكاهن : لا أستطيع . الرجل : " متوسلاً " أرجوك .. الكاهن : لن يستطيع هذا إلا الإنسان الذي قتلته . الرجل : لكنه ميت الآن ، يا مولاي . الكاهن : لا ، إنه حيّ ، حيّ فيكَ ، وسيبقى حيّاً ما حييت . الرجل : يا ويلي .. الكاهن : " يخرج " .... الرجل : لا " ينهض " لن أحتمل هذا ، لن أحتمله " يصمت لحظة " لا خيار " يستل الخنجر " مادام في داخلي ، فلأقتله ثانية ، وأرتاح .
الرجل يغمد الخنجر في صدره بقوة
إظلام
مونودراما
أغنية عن الربيع مكتب فخم ، يدخل الشاعر ، المسؤول يقف وراء المكتب
المسؤول : " يمد يده " أهلاً بشاعرنا .. الشاعر : " يصافحه " .... المسؤول : " يشير له أن يجلس " تفضل . الشاعر : " يجلس " .... المسؤول : تبدو بخير ، وهذا يسرني ، لم أركَ منذ مدة ، ولولا مشاغلي الكثيرة لزرتك في البيت ، وتمتعت بلحظات معك ، فأنت ، يا عزيزي ، شاعر هذا الوطن ، وصوته الغرّيد ، ويهمني أن تبقى الصوت الذي نحبه ، ونتباهى به " صمت " لقد بلغني عرضاً ، أنكَ أنشدت قصيدة جديدة ، أمام بعض الفتيان ، وقد أثار دهشتي موضوعها ، الجوع ، نعم ، الجوع ، وسبق أن أنشدتَ قصيدة أخرى ، في نطاق ضيق ، وأمام بعض الفتيان أيضاً ، عن المقاومة ، يا إلهي .. الجوع .. والمقاومة ، عزيزي أنت من غنى الحياة ، والطفولة ، والحب ، ومن غنى الربيع ، والحقول ، والأنهار ، والسماء الخضراء ، صحيح إنني لم أرَ في حياتي سماء خضراء ، لكن لا بأس ، إنه الشعر ، ولا ضير أن تكون السماء خضراء ، أما الجوع و .. تتحدث عن الجوع ، لا بأس ، لكن في البلدان الأخرى ، أنت لم تجرب الجوع ، وكذلك زوجتك وصغارك الحلوين ، وأنا لم أسمح أن تجرّبه ، ولكن .. وأنت الذكي ، لابدّ أن تبقى شاعر الوطن ، وصوته الغرّيد ، عفواً ، لا أريد أن أشغلك أكثر ، فمهامك كبيرة ، آمل أن أسمع منك قريباً ، قصيدة جديدة عن .. الربيع ، فحياتنا كما تعرف ، ربيع دائم ، أهلاً بك ، وتحياتي إلى زوجتك وصغارك الحلوين ، وأرجو أن تكون هديتي الأخيرة قد أعجبتهم " ينهض الشاعر " مع السلامة ، يا عزيزي ، مع السلامة . إظلام
رجل من زمن الحصار
دكان خضراوات ، البائع ، يدخل رجل عجوز
الرجل : مرحباً . البائع : " مشغولاً " أهلاً ، تفضل . الرجل : " يشير بيده متردداً " بكم ال .. البائع : " وقد عرف الرجل " اليوسفي ، بسبعين ديناراً . الرجل : عفواً ، أعني البطاطا . البائع : بستين .. الرجل : بستين ! آه ، وهذا الباذنجان ؟ البائع : بخمسة وسبعين .. الرجل : آه ، والطماطة ؟ البائع : الجيدة بخمسين ، وهذه .. الرجل : آه " يتراجع " عفواً . البائع : لم تتذكرني ، يا أستاذ . الرجل : عفواً ، يبدو أن ذاكرتي قد ضعفتْ ، مثل نظري . البائع : أنت معلمي في الابتدائية ، وكنتَ والحق يقال خير معلم . الرجل : أشكركَ ، يا بنيّ " يبتسم فرحاً " أنت تعرف إذن ، أني لم أرزق بولد ، لكن تلاميذي هم أولادي .. البائع : " يضع بعض الخضراوات في علاقة " .... الرجل : لقد أحلتُ إلى التقاعد ، في أوائل السبعينيات ، بعد خدمة أمدها أربع وثلاثون سنة و .. البائع : " يقدم العلاقة للرجل " تفضل ، أستاذ . الرجل : " ينظر إليه مذهولاً " .... البائع : هذه هدية بسيطة ، أعرف أن التقاعد .. الرجل : " تدمع عيناه " .... البائع : أرجوك ، أنتَ أستاذي .
الرجل يتراجع ، ثم يبتعد متعثراً ، البائع يقف جامداً
إظلام
مسرحية بانتومايم
ذهب مع الريح غرفة مؤثثة ، الكاتب يجلس إلى مكتبه ، يدخل الرجل البدين ، وبدخوله تبدأ الريح بالهبوب
الكاتب : " يتوقف لحظة ، وينظر إليه " .. الرجل : يشير له أن يعطيه المال . الكاتب : يعود إلى الكتابة . الرجل : يضرب المنضدة بيده غاضباً . الكاتب : يتوقف لحظة ، وينظر إليه . الرجل : يشير له ثانية وبغضب أن يعيد إليه المال . الكاتب : يعود ثانية إلى الكتابة . الرجل : يشير إلى رجلين في الخارج أن يدخلا. الرجلان : يدخلان . الرجل : يشير لهما أن احملا الأثاث . الرجلان : ينحنيان قليلاً . الرجل : يخرج مسرعاً . الريح تبدأ بالتزايد ، حتى نهاية المسرحية
الرجلان : يحملان قطعة أثاث ، ويخرجان . الكاتب : يستمر على الكتابة . الرجلان : يدخلان ويحملان قطعة أخرى ، ويخرجان . الكاتب : تزداد سرعته أكثر في الكتابة . الرجلان : يدخلان ، ويحملان المنضدة ، التي يجلس إليها الكاتب ، ويخرجان . الكاتب : يحمل أوراقه بيده ، ويسرع أكثر في الكتابة . الرجلان : يدخلان ويبعدان الكاتب ، ويحملان الكرسي الذي يجلس عليه ، ويخرجان . الكاتب : يقف مستمراً على الكتابة ، والريح تعصف به . الرجلان : يدخلان بملابس الشرطة ، ويحملان الكاتب ، ويخرجان به ، الأوراق تتناثر ، وتذروها الريح . عصف الريح يزداد ، إظلام تدريجي ستار
وعاد بابا
حديقة ، باب خارجي ، باسل يعالج دراجته
باسل : هذه الدراجة اللعينة ، لم تعد تصلح لشيء ، وكلما قلتُ لماما ، اشتري لي دراجة جديدة ، تقول انتظر ، سيعود بابا قريباً ، ويشتري لك كلّ ما تريده ، آه من بابا .
يُدفع الباب ، ويدخل رجل بذراع واحدة
الرجل : مساء الخير . باسل : " يجفل " من ؟ الرجل : هذا أنا . باسل : لم أسمع الباب يُطرق . الرجل : لو طرق لسمعته . باسل :لا ، خطأ ، تقول ماما ، على المرء أن يطرق الباب ، قبل أن يدخل . الرجل : ماما ! باسل : لحظة " يتجه نحو الباب " سأعلمك ما تعلمته " يطرق الباب " قل ، من بالباب ؟ الرجل : " يُجاريه " من بالباب ؟ باسل : أنا . الرجل : من أنت ؟ باسل : آه ، يُفترض أن تعرفني من صوتي . الرجل : لكني لم أسمع صوتك من قبل . باسل : حسن ، قل ثانية ، من أنت ؟ الرجل : من أنت ؟ باسل : أنا باسل . الرجل : " يتمتم متأثراً " باسل ! باسل : " عائداً " هذا ما كان عليك أن تفعله . الرجل :إنه باسل ، كما تمنيت " يحضنه " باسل. باسل : أوه ، اتركني ، أنت تشوكني بلحيتك . الرجل : باسل ، أنا بابا . باسل : بابا ! الرجل : نعم ، يا عزيزي ، بابا . باسل : لكن بابا في الأسر . الرجل : ها إني عدتُ ، يا بنيّ . باسل : لا ، لستَ بابا . الرجل : مهلاً ، أنت لم ترني إلا الآن . باسل : أنا رأيتُ بابا . الرجل : باسل .. باسل : رأيته في عشرات الصور . الرجل : لقد كنتُ في الأسر . باسل : بابا لا يشبهكَ . الرجل : لابد أني تغيرت .. قليلاً . باسل : بابا شاب ، قوي ، شعره أسود ، وله ذراعان .. الرجل : ذراعي أخذتها الحرب ، كما أخذتني منكما ، أنت وماما ، هذه المدة كلها . الأم : " من الداخل " باسل . باسل : نعم ، ماما . الأم : مع من تتكلم ؟ باسل : مع رجل أشيب ، له ذراع واحدة ، يزعم أنه بابا .
الرجل يقف جامداً ، باسل يركض بدراجته إلى الداخل
إظلام
#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصص قصيرة جدا
-
ثورة الإله كنكو
-
لقاء مع الشاعرة العراقية بشرى البستاني
-
آخر أيام اور
-
الثعلب وأنثى التمساح
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|