|
الوجود بين الظاهر والصورة
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 7226 - 2022 / 4 / 22 - 21:43
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لكل وجود صورة ظاهرة تصل بكونه ظاهرة أي بكونه عرض أساسها الأسباب الكونية والكيفية والآنية، فالمطر كماء له صورة خاصة به تختلف عن صورة الثلج وتختلف الأخرى عن صوة البخار والكل ماء، فالماء كموجود له صورة ظاهرية متصلة من جهة ومنفصلة من جهة أخرى فالماء كموجود له صور كيفية متصلة به كونه عرض، وله صور منفصله أخرى متأثرة بالسبب وقوانين السببية لكنها لا تخرجه عن الصورة الأصلية المتصلة بأبعاد السبب المؤثر، فيكون موجودا واحدا لا متعدد، قد يظن متسائل بأننا نخلط بين المسميات وأن البخار غير المطر وغير الجليد وبالتالي لا يمكن عد هذه الموجودات صور لموجود واحد. هنا القوانين السببية هي المتحول والعرض واحد أصلا، فالحرارة كسبب فيزيائي يغير في حركة العرض ولا يغير في العرض أصلا، كما أن للمكان وللزمن قوانين تتصل بحركة العرض وتؤثر في الصورة المنفصلة ولكنها لا تؤثر في أصل الظاهرة، فالأنسان كطفل هو ذات عرضه الوجودي كرجل فللطفل صورة منفصلة عن صورته كرجل ولكن في الحقيقة كونه إنسان هو عرض متصل، والإنسان على سطح القمر وزنه سدس وزنه على الأرض بعامل المكان وقوانينه المتصلة بالحركة العرضية، ولكن هو كموجود وكعرض للموجود متصل كونه في الأرض أو في القمر فالعرض واحد متصل. الصورة المنفصلة بتأثير الفيماحولية المؤثرة على قواعد العرض هي المسئولة على بيان شاكلة الصورة ولا تؤثر في حقيقة العرض للموجود، بعبارة أخرى أن تغير الحركة العرضية تبعا لقوانين السبب مسئولة عن انفصال الشاكلة ولا تؤثر على الشكل العرضي للموجود في الوجود، وبالتالي أي تغير يتصل فيها بحيث أن أي رفع للسبب وقانونه يعيد الموجود في الصورة لشاكلة العرض وهو حركة عرضية تؤثر فيه فقط ولا تمتد للجوهر، وكل تغير بسبب عامل السبب يؤثر في تغيير الموضوع (العرض) بحيث يمتنع معها الموجود من العودة إلى شاكلته الأصلية، هو تغيير أبعد من تبديل الشاكلة ويمس الجوهر فهو يؤثر على الحركة الجوهرية هو تغيير موضوعي يقلب الشاكلة ويخرجها من الظاهرة إلى حالة نهائية جديدة تغير من وصف الموجود وصورته. التحليل الكيميائي وبفعل عامل فيزيائي مثلا يحول الماء كما هو مطر أو بخار أو ثلج تحت عوامل ذات سببيه إلى موجود ثاني وحالة نهائية أخرى تتمثل في تغيير الشكلية العرضية للماء إلى أوكسجين وهيدروجين، كل منهما له صورة تختلف عن صورة الموجود الأول الماء في الوجود، فالإنسان ككائن حي هو في صورة شاكلة واحدة متصلة ومنفصلة مادامت فيه الحياة، ولكن لو سلبت منه الروح بسبب ما يتحول من صورة موجود حي في الوجود إلى صورة مغايرة تماما تختلف بعرضها وحالتها النهائية أي بجوهرها وعرضها عما كان عليه قبل لحظة من موته، بالرغم من كون المادة هي ذاتها ولكن تغير الجوهر بالقانون المرافق للشروط الأولية بدل من الصورة وتغير بذلك وجود الموجود في الوجود. هناك وشائج تربط بين العرض والجوهر فليس كل منهما منفصل تماما عن الأخر، ولو كان كذلك لما تغير العرض بتغير الجوهر ولا تغير الجوهر بتغير العرض، فالعلاقة بينهما ممتدة بوشائج ورابطة ومتبادلة الأتجاه من وإلى بحيث تجعل من الوجود للموجود صورة حقيقية، فالأنسان كموجود له جوهر بشروطه الأولية المادة والزمان والمكان مترافقة مع قوانين العلية، مما يشكل له حركة جوهرية خاصة تتحكم بشاكلة الوجود ومتصلة به. كما أنه كعرض متأثر بالقوانين السببية التي منها أيضا الزمان والمكان والحال المادي الذي تجري فيه الحركة العرضية وتظهر صورته في الوجود وكلاهما لازم للأخر ولا ينفك عنه، فلو أخذنا العامل المشترك والرابط بينهما وهو الحال المادي والزمان والمكان تظهر لنا معادلة جديدة لصورة الموجود وكما يلي:_ قوانين الإيجاد (العلية والكينونة) +الشروط الأولية(مادة وزمن ومكان) +قوانين السببية =الحالة النهائية+ الظاهرة = الجوهر+ العرض = وجود الموجود في الوجود= الصورة والأصل. لابد من كون الوجود موجود في الوجود من أن يكون لجوهره أرتباط تبادلي في التأثير والتفاعل مع العرض والعكس صحيح، فلا وجود لعرض بدون جوهر للموجود ولا يمكن حتى تصور وقبول أن للمجود جوهر دون عرض، وهذا يعني أن الشروط الأولية للوجود لا يمكنها أنشاء وجود بدون علية، ولا للعلية دور في تكوين الوجود بلا شروط أولية، ولو توافر الركنين فلابد من أن تعمل الأسباب في الحركة العرضية للوجود لكي تكتمل الحركة الجوهرية وتتكامل حركة الموجود في الوجود ويمكن عده موجودا بالحقيقة، لأن الأسباب كامنة في الحركة الجوهرية وعناصرها ولكنها فاعلة وبقوة في الحركة العرضية وتظهر أثرها، فالوشائج الرابطة تبقى هي سر كينونة الموجود موجدا في الوجود. ننتقل إلى صورة الموجود الكل وهو الوجود الذي يلامس في صورته أدراكنا ولنقل الوجود المحسوس، فهو منطبق تماما مع المعادلة ومنضبط بها وله صورة وجودية تفترق عن غيره ولا تتصل معه لا بالتناقض كما بينا في المبحث السابق ولكن بالتوازي، والتوازي أما أن يكون مستقيما كالخطان المتوازيان اللذان لا يلتقيان إلا خارج الزمن ويعني خارج حركة الإحساس بها، وهو ما يسمى باللا نهاية وهذا عبث محض، فلكون الموجود مخلوق بشروط أولية للشارط فأن له بداية فلا يمكن لكل بداية أن تسير عبثا إلى اللانهاية، فلا بد من نهاية محكومة بنفس الشروط (الزمن والمكان والحال)، فتبث النهاية بثبوت البداية. أو يكون التوازي بالحركة نحو المركز فهي حركة متوازية مع حركة الموجود، فيكون الوجود الأول الباعث والمغاير موازيا للوجود الموجود الممكن بالقوة كونه المركز والثاني المدار، وهنا نكون أمام أحتمالين أما أن تكون الحركة موافقة أي أن حركة المدار موازيه بالأتجاه وتتبع حركة المركز وتستند إليها وإلى طبيعتها، فأي تغير في الحركة المركزية بالتسارع أو التباطؤ تؤثر سلبا وإيجابا على حركة المدار، وتنفعل الثانية بالأولى وفقا لقوانين التوازي والإتباع وهو قانون فيزيائي سببي، أو أن تكون الحركة غير موازية بالفعل نفسه فتتجه للأتجاه الأخر فنصبح أمام قوة طرد لا مركزية تتيح للموجود في الوجود الممكن بالقوة أن ينفلت من مداره ويخرج من قانون المركز ويشكل بذلك أنفصالا نهائيا عنه ليتجه نحو اللا نهاية. النتيجة الأولى هي قادرة على تفسير أرتباط الوجودين وتبرر هذه الأستمرارية وتفهم العلاقة بينهما لتتشكل الصورة الحقيقية للوجودين، فهما مختلفين ومتوازيين بالصورة التي تجعل من الأول مركز لحركة الثاني والثاني مدار لمركزية الوجود الأول وينفعل بقوانينها، فالثاني متعلق بالأسباب كونه جسم مأسور بالزمن والمكان والأول متحكم بالأسباب ولا يكون مستحكما بها فهو خارج الزمن وخارج المكان وخارج المادة، لأنها من خلقه والخالق غير محكوم بما خلق لأنه سابق وجودا للمخلوق فلا يتعلق وجوده بهما. لأن القول بخلاف ذلك نرجع إلى مقولة أن للخالق الأول علة سابقة وبذلك نصل إلى أفتراض توالي العلل وهذا محال، فيكون المركز وهو الموجود الأول الباعث موجود بالواجب وليس بالقوة الممكنة له، فالصورة تنكشف هنا للموجود الأول كونه واجب الوجود على غير صورة الوجود الموجود الممكن، والثاني مواز لحركة الأول ومنفعل بحركة قوانينه وتابع له يسير نحو أرادة المركز ولا ينفلت منها. بل الأول قادر على سحب الثاني إلى المركز أو أبعاده بقوة حركته الذاتية لا بقوة حركة الفيزياء، وهي حركة بقانون الموجود الواجب الوجود الخارجة عن الزمان والمكان والحال المادي، وتستند على الأشاءة الكيفية والإرادة التكوينية {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}البقرة117، {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}آل عمران47، {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}النحل40، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}يس82، {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}غافر68.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرية على طبق من ذهب
-
... أمارات تحت سقف الله
-
مثقفون ولعبة الثقافة
-
مقدمة في التربية الأولية وعلاقتها بالنظرية الأجتماعية العامة
-
في الديمقراطية التوافقية ماهية الإشكالية وجوهر المشكلة
-
وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح2
-
وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح3
-
وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح1
-
مسار تصحيح العلاقة التاريخية الوجودية بين الإنسان وربه
-
كان ما هي الحدود التي يمكن تصورها لهذا العالم ؟,
-
الأنسان بين المقدر له والمقدر عليه
-
حلم العودة الى الجنة
-
التغيير الفكري الديني ... عوامل موضوعية وأستحقاقات ذاتية
-
التحولات الاولى في قضية الايمان بالدين وتطور مفهوم العقيدة
-
الأسئلة الأولى قبل الفلسفة
-
القداسة بين النص والناص
-
الدين في لعبة الإنسان الأنانية
-
وهم غودو الديني
-
هل الدين قابل للديمقراطية كمقهوم تواصلي؟
-
مقارنات في شكلية الأساطير ومصدرها
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|