أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - في الديمقراطية التوافقية ماهية الإشكالية وجوهر المشكلة















المزيد.....

في الديمقراطية التوافقية ماهية الإشكالية وجوهر المشكلة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7223 - 2022 / 4 / 19 - 06:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الديمقراطية حينما تكون خيار أساسي في بناء منظومة الدولة وشكل لإدارة المجتمع يجب أن نعود فيها إلى القاعدة الأساسية التي أنتجت كل مفاهيم الديمقراطيات وهي الرأي والرأي الاخر المبني على البحث عن أفضل الحلول التي لا تستثني الاحتمال الأخر المضاد أو المعارض، ببساطة الديمقراطية الحقيقية هي تعدد الأفكار والروى في صراع تنافسي لتقديم الأجدر المدعوم برأي عام ينحاز لما يراه قادرا على تجسيد إرادته بشكل صريح ومعبر عنه، وإلا فإن خيار التوافق على كل شيء كقاعدة هو خيار البحث عن تنازلات وخسارات متبادلة تنتهي بمشروع الديمقراطية إلى الهزالة والضبابية دون حسم كافي أو دون فيما يعرف بمشروع الأغلبية الديمقراطية.
الديمقراطية التوافقية هي نوع من أنواع الديكتاتوريات النفعية التي تقوم على قاعدة تبادل المنافع بين أطرافها من خلال مصطلح التوافقية ذاته، بمعنى أن مفهوم الاغلبية والمعارضة لا يمكن أن يكون فاعلا ولا موجود في تطبيقات هذا النوع مما يسمى جزافا ديمقراطية، القيمة الحقيقية لكل عمل ديمقراطي هو أن تكون هناك تعددية في الأفكار والوسائل والمناهج والممارسات، وبالتالي التوحد دوما خلف التوافق واعتباره محور لاسترضاء الجميع سيقتل بالتأكيد كل مسعى لتكوين رقابة ومحاسبة ونقد بأعتبار أن كل المشتركين بالأمر المتوافق عليه هو صناع والمستفيدين من ما ينتج من عمل أو طروحات سياسية، وبالتالي الكل يكون حريص على الابتعاد عن الحساب والمحاسبة والنقد والتصحيح والتغيير، وبذلك تخسر الديمقراطية جوهرها الفاعل في رسم رؤية المجتمع والتصرف بموجب ما سيكون.
قد تكون حالات من التوافقية ضرورية في وقت ما او لحالة معينة نتيجة ظرف او مجموعة أسباب تتعلق بقضية محددة قد تكون مصيرية أو تمثل غالبية الرأي العام وتوجها اجتماعيا وسياسيا غالبا، هذا لا يمكن أن يعمم أو يتخذ كقاعدة لنمطية الديمقراطية أو عنوانا لها، القاعدة الشرعية والفقهية التي تقول و (أحيانا) ((الضرورات تبيح المحظورات))، هي قاعدة استثنائية تقدر بقدرها ولا يمكن تجاوز القدر فيها، كذلك التوافق الديمقراطي الحقيقي هو حالة استثنائية تقدر بقدر الضرورة، وإلا ليس هناك عملية سياسية وطنية أو إشكالية تجمع الجميع بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية على التوافق على كل شيء، إلا إذا كان العنوان والجوهر الذي خاضت فيه الأحزاب والكتل مشروعها التنافسي قائم على مشتركات من نوع واحد، بمعنى أنها عملية سياسية أحادية الجانب ليس لها معارض أو مضاد أو هي وليدة رحم سياسي واحد، وهنا تكمن المشكلة وتتبلور الإشكالية بأن الديمقراطية التوافقية هي شكل من أشكال الديكتاتورية الفردية.
التجربة الديمقراطية العراقية لما بعد 2005 بنيت على قاعدة التوافق من خلال النص في الدستور على مبدأ التوازن والتوافيق في بناء العملية السياسية، وإن كان ذلك لا يعني أن البناء الديمقراطي المنشود في العراق من الصورة التي رسمها المشرع الدستوري أن تكون الديمقراطية النيابية ملزمة دستوريا بهذه الحالة، حينما ينص الدستور على كون نظام الحكم في العراق ديمقراطي تعددي وفي نفس الوقت يحظر على الجميع الانفراد في صياغة هذا الشكل أو إقصاء أحد أو التعامل بموازين مختلفة، فإنه يؤكد حقيقة على جذرية الفهم الديمقراطي الذي يستهدف بالنتيجة التوازن والتوافق بين مكونات الشعب، وليس بناء ديمقراطية عاجزة ومتعكزة على التوافق مما يجعلها أشبه بالعقيمة أو العرجاء في ساحة السباق.
الإشكالية التي يدير بها الكثيرون دفة الديمقراطية في العراق هو فهمهم المتشظي لمعنى أن تكون ديمقراطيا في ذات الوقت أن تكون في حياد بين مصالح الفرقاء والمصلحة الوطنية الكبرى، بمعنى أن المصالح الأخيرة هي الأجدر بالتقديم والمراعاة لأنها تضمن بالنهاية جميع مصالح الفرقاء عندما نؤسس لمفهوم سليم لحق المواطنة وتمتين الروابط البينية بين مكونات الشعب ومصالحها الخاصة، فقد قامت المنظومة السياسية العراقية بكل أطيافها ومسمياتها على قاعدة المصالح الفرعية، وبذلك تكون التوافقية المعلنة نتيجة كل لك هي توافقية تشاركية في تحصيل المكاسب الفئوية بعيدا عن المصلحة الكبرى او المصلحة الاهم والتي تتمثل بغاية العمل الديمقراطي وطنيا وشعبيا، فمن يريد تحقيق مصلحة خاصة نراه يقايض ويناور الأطراف الأخرى على ذات النط من المصالح وهنا تكمن جوهر الإشكالية.
في النظم الديمقراطية السليمة نشهد الكثير من حالات توافق ولا ننكر أيضا أن الغالب من هذه القرارات المصيرية والمهمة قد تكون أنجزت تحت مظلة التوافق الوطني، وليس تحت سطوة المصالح الفئوية والفرعية لمجموعة سياسية او دينية او عرقية، هنا أيضا تكمن عمق الإشكالية والتي تحتاج إلى إعادة هيكلة للممارسة الديمقراطية وإبعادها عن المحاصصة والتبعيض وأعتبار أن قضية الوطن ونهضته بالعمل الجمعي بمشاريع تتبنها الأغلبية وتراقبها الأقلية، ومن خلال أليات المحاسبة والنقد الديمقراطي يمكننا أن نعيد للواقع المتردي جزء من احترام الشارع وثقته، التي هزتها فضائح التوافق وتقاسم المغانم والمكاسب دون أن يرى الجمهور الشعبي جدية في معالجة قضاياه الملحة والمصيرية، ومما يؤكد هذه النتيجة هو المقاطعة الكبرى التي بلغت نسب مرعبة في المشاركة بالانتخابات وتناقصها في كل دورة عن سابقتها.
في المجتمعات الانتقالية والتي تعيش هاجس التجربة وتبني على المتراكم منها الذي ينجح في تأطير ورسم الصورة المثالية للعملية الديمقراطية، نجد أن هذه المجتمعات تعيد في كل مرة قراءاتها للواقع وتأشير حالات الخلل والفشل والإخفاق وتعيد في كل مرة شكل البناء السياسي مع الاحتفاظ بجوهر الهدف الديمقراطي، الواقع العراقي وباعتباره يمر في حالة انتقال وترسيخ للتجربة الديمقراطية نجده يعيد الفشل ويكرر نفس الاخطاء التي تتعاظم يوما بعد يوم، وذلك لخلل أساسي في الدستور وعدم القدرة حتى على إعادة قراءته ومحاولة تطوير الأليات التي تحدث الأحكام والأوصاف من خلال ما نص عليه الدستور ذاته، كما أن عدم إيمان البعض بالعملية الديمقراطية التي أتخذوا منها جسرا للوصول إلى غايات وأهداف خارج ما تنتجه العملية السياسية السليمة من تعظيم مكاسب وترسيخ أوهام جمعية، مستغلين بذلك الساحة الواسعة من المطاطية الفضفاضة التي كتبت بها أغلب مواد الدستور، وزرعت فيه الألغام التي تتفجر وتفجر كل العملية السياسية مع أي محاولة للتصحيح أو التغير أو الأبتعاد عن المفاهيم الجزئية التي يعج الكثير منها في ثنايا النصوص.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح2
- وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح3
- وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح1
- مسار تصحيح العلاقة التاريخية الوجودية بين الإنسان وربه
- كان ما هي الحدود التي يمكن تصورها لهذا العالم ؟,
- الأنسان بين المقدر له والمقدر عليه
- حلم العودة الى الجنة
- التغيير الفكري الديني ... عوامل موضوعية وأستحقاقات ذاتية
- التحولات الاولى في قضية الايمان بالدين وتطور مفهوم العقيدة
- الأسئلة الأولى قبل الفلسفة
- القداسة بين النص والناص
- الدين في لعبة الإنسان الأنانية
- وهم غودو الديني
- هل الدين قابل للديمقراطية كمقهوم تواصلي؟
- مقارنات في شكلية الأساطير ومصدرها
- أسطورة الخلق الأولى في الثقافات القديمة
- التدين والاخلاق الاجتماعية اولوية أم تزاحم؟
- الدين خيار بشري فطري ح3
- الدين خيار بشري فطري ح1
- الدين خيار بشري فطري ح2


المزيد.....




- أنور قرقاش بعد إطلاق النار في سلطنة عُمان: لا مكان للعنف في ...
- إدانة السيناتور بوب مينينديز في اتهامات بالفساد تشمل تلقى رش ...
- غوارديولا وكلوب على رأس المرشحين لقيادة إنجلترا خلفا لساوثغي ...
- -لا انسحاب من السباق ومن واجبي إنجاز هذه المهمة-.. رسالة باي ...
- الحرائق في ألبانيا دخلت أسبوعها الثالث.. تستعر وتتمدد
- بعد ترشيح ترامب له لمنصب نائب الرئيس.. مذكرات جي دي فانس تتص ...
- إسبانيا.. إصابات في حادث انقلاب حافلة ركاب في برشلونة
- -وجبة قاتلة- تكشف بعض أسرار عبادة التماسيح في مصر القديمة
- -حزب الله- يعلن قصف كريات شمونة بعشرات صواريخ -الكاتيوشا- (ف ...
- سيارتو: العالم يتابع باحترام مهمة أوربان بشأن السلام في أوكر ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - في الديمقراطية التوافقية ماهية الإشكالية وجوهر المشكلة