أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلوى فاروق رمضان - كيف سمح الجمهور بالتطاول على فنانيه















المزيد.....

كيف سمح الجمهور بالتطاول على فنانيه


سلوى فاروق رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 7215 - 2022 / 4 / 11 - 00:07
المحور: الادب والفن
    


كيف سمح الجمهور بشتائم فنانيهم

بدأ غوغائي الدعوة الأزهري" عبد الحميد كشك" الخطابة في مسجد "عين الحياة" بشارع مصروالسودان في حدائق القبة عام ١٩٦٢، وظل يسب ويقذف ويشوه الفنانيين والأدباء ،وتم سجنه بسبب معارضته للرئيس السادات ووصفه له بخيانة الإسلام بعد توقيع الأخير علي إتفاقية كامب ديفيد ، الدولة رأت الخطر عندما أهان الرئيس ولكن إهانته لقوتنا الناعمة تسلية وحرية رأي ، العجيب أن الجمهور الراقي المتذوق للموسيقى الذي كنا نشاهده في حفلات أم كلثوم وعبد الحليم وغيرهم ، وقف متفرج وضاحك لهذا الغوغائي الذي يقذف الفنانين الذين أمتعوه وإرتقوا به، الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، بل الجمهور الذي وجدناه يجلس بحريته قبل الهوس بالفتنة ، والمرأة تجلس بجانب الرجل بأدب ولم يجرح أحدهم الأخر ، هم أنفسهم الجمهور من إقتنع بعد ذلك أن المرأة عورة وفتنة وأن الإختلاط هو كل الشرور ، ونفس الجمهور الراقي الذي ترتدي النساء منهن أجمل الفساتين ليحضرن به الحفلة، هو هو من إقتنع أن الغلاء سينتهي إذا تحجبت النساء ، وهؤلاء هن حفيدات المنتقبات والمحجبات اللاتي إقتنعن إنهن عورات أو أجبروا علي هذا ، ونفس الإعلامي الفني الذي إكتسب شهرته من حواراته التي أجراها مع الفنانين ويبدوا لهم إحترامآ كبيرآ هو من يبدي إحترامآ كبيرآ أيضآ للشيخ الغوغائي الشاتم لهم ، أو ممثل في عمل فني يدين الإرهابيين ولكنه هو نفسه يتحدث عن ذكري مقتل المفكر فرج فودة ويقول عليه نفق ، فكل هذه التناقضات لم يردعها العصر الذهبي للفن لعدة أسباب من ضمنهما .

أولاً : غياب التنظير

لم أتذكر أي حركة في التاريخ نجحت ولم يسبقها التنظير ، حتي الحركات الإرهابية لم تتمكن من نشاطها قبل التنظير ، فقبل تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي كان يوجد تنظير سيد قطب ومن علي شاكلته ، ولإستمرار العبودية جاء التنظير من الفلاسفة ، سقراط وأفلاطون وأرسطو ليروجوا أن نفسية العبد مختلفة عن نفسية الحر ، وفي القرن الثامن عشر قبل دخول عصر التنوير وفصل السياسة عن الدين كان يوجد تنظير من مفكريين وفلاسفة أوروبا كفولتير وجان جاك روسو وديفيد هيوم .
أهمية التنظير تكمن في إنها تجعل المقبلين علي أي خطوة مقتنعين بها وليس منفعليين مع الحالة والأمر الواقع ، بل يعلمون أهمية الموضوع المنظر له وأخذوا فرصة أن يروا إيجابياتها وسلبياته وعواقبه وأهميته .
عندما نرجع للعصر الذهبي للفن ، لا نرى منظريين من مفكريين وفلاسفة يأسسوا في أذهاننا أهمية الفن وكيف يرقى بنا ونلمس هذا الرقي علي أرض الواقع ، وأنه ليس من الرفاهيات التي ممكن الإستغناء عنها، ولم نر الإعلام يبروز لنا مفكريين يوعوا الجماهير لدور الفن إن وجدوا ، بل وجدنا أن الفنانيين العباقرة هم من الأساس جاؤوا في بيئة معادية للفن ، فهذه فنانة قاطعها أهلها وهذا الفنان الذي وقف أهله في طريقه وهكذا بل كان يطلق على الفنانين مشخصاتية ولم يقبل منهم شهادة أمام المحكمة .
علي الرغم أن مصر بلد الفنون كما هي حضارة الطب والهندسة والقانون ، وعلي الرغم تشربنا للفن وكل مناسبة لنا كشعب الفن حاضر في وجداننا ، نفرح نغني ونرقص ،ننجح نغني ، نستقبل شهر رمضان بأغاني خاصة به وأصبح شهر لإستقبال الأعمال الفنية ، وفي إستقبال العائدين من الحج نغني لهم ونرسم جرافيتي الكعبة علي الحائط ولكن مع غياب التنظير يصبح التنظير المضاد هو المؤثر ، فإذا لم تثقل رأيك ورؤيتك لأمر ما من السهل أن من له رأي مضاد يكتسح ، لذا مهما ظهر أمامنا جمهور متحضر أو شعب عاشق للفن، ليس ضمانة أن التحضر سيربح في النهاية ، فالأخر يمتلك تنظير مؤسس ومدعم بالخوف من العذاب والطمع في الجنة وإدعائهم إنهم يتكلمون بإسم الله .
ثانيآ هوس الإحساس بالذنب

في الخطاب السلفي الوهابي يركزون علي إشعار الناس بالتقصير لدرجة نري من الكلام المتداول عند الناس الذي له دلالة ( إحنا كدا كدا داخلين النار ) من كثرة صعوبة إرضاء الله كما صورها لهم السلفيين ، فالله في كلامهم يريدنا مجاهدين نقتل ونقاتل في سبيله ، وهذا أمر مستحيل لمعظم المسالمين المسلمين ، ويتقولون علي الله إنه يريدنا أن تقبل النساء أن تكون إحدى الحريم للرجل والله لم يخلقنا مؤهلين للدياثة ، يتقولون على الله إنه يريد أن نكتم أنفسنا ونلبس ملبس ليس له علاقة بطبيعة المناخ ولا الحياة التي نعيشها ،أوالتحريض علي كراهية الأخر المختلف وهذا صعب على النفسية السوية ،وهذا علي سبيل المثال من خطابهم وليس الحصر، فهم يتكلمون عن طبائع وطقوس غير مناسبة للبشر أن يتماشوا معها ، والأكثر غرابة من هذا خطابات التحريم التي تشوه جماليات حياتنا ،التي لا يستطيع الناس الأكثر مزايدة علي غيرهم أن يتماشوا مع التحريم ، لذا يشعر الناس أن الطريق إلى إرضاء الله وعر ، فتظهر ظاهرة الفنانين المزايدين علي زملائهم أو في مظاهر التدين حتي لو هم أنفسهم غير ملتزمين بها، كمذيعة بحريتها تزايد علي أخلاق الغير محجبات وتقول أتمنى من الله أن يهديني وأرتديه وكأنها تتعرض للإضطهاد مثلا أو أن غير المحجبة غير مهديه ، فمع متطلبات غير إنسانية يقولون عنها الشيوخ إنها لطاعة الله ومع متطلبات إنسانية نريد أن نعيشها ، تحدث عقدة الذنب التي تستوجب الإسقاط النفسي علي الغير ، فيضطهد الفنان زميله الفنان بإعتباره بذلك يتطهر أو أن يلجأون إلي طريقة أخري لحمايتهم من الجمهور صاحب المزاج السلفي في إنهم يستميلونه عن طريق تبرأهم من الفن وإعلانهم إما إنهم تائبين أو يريدون التوبة، فإحساس الذنب يخلق الإزدواجية، فالناس تستمتع بالفن ويريحون أعصابهم من متاعب الحياة من خلاله ثم يستغفرون الله علي إعتبار إنهم يفعلون إثم ويشعرون بالتقصير أمام الله ، هذا التقصير يظهر كعدوانية علي الأخر الذي يضيع وقتهم المفترض أن يخصص للعبادة في نظرهم فيصبح دور الفنان مجرد لهو ، وهو ذاته الإحساس الذي يجعل فنانة عظيمة كشادية تقول للشيخ الشعراوي في أول مقابلة معه إدعيلي ربنا يغفر لي !

ثالثآ دور الدولة
تقف موقف المتفرج منذ إشتداد التمدد السلفي، فليشتم من يشتم طالما لا يتحدث في السياسة ، فليحرض من يحرض على أهل الفن ، وليحرضوا السلفيين والإخوان علي من ترتدي ملابس مخالفة للزي الموحد الذي إعتمدوه زي للعفة، وبالتالي ينعكس هذا على نظرة الناس للفنانات المتحررات من هذا الزي ، والدولة محايدة تمامآ ، ومن جانب أخر نرى حالة فنانين كثر غير مأمنين معاشهم ولا نقابتهم ولا الدولة تساندهم بقوة ، اللهم إلا مؤخرآ زادت مساعدة الدولة لبعض الفنانيين الذين إحتاجوا المساندة لعلاجهم ، ولكن عند إهمال الدولة والنقابة جعلهم صيدآ سهلآ للتنكيل بالفن .
ففي حوار للإعلامي محمود فوزي يسئل الشيخ الشعراوي كيف أقنع الفنانات علي الإعتزال فقال كان يخوفهم من مصيرهن في الشيخوخة وإنصراف الأضواء عنهن ، وضرب لهم مثلأ بالفنانة فاطمة رشدي ( بطلة فيلم العزيمة) لإنها في أخر حياتها كانت فقيرة ولم تملك شقة تأويها .

رابعاً الفنان والإسقاط النفسي

الفنان كشخص مشهور هو مرآة لكل مشاكل المجتمع ، فمثلاً لو المجتمع زاد فيه آفة معينة فأول ما تظهر ستظهر على المشاهير ، فمثلاً لو نسبة الطلاق متفشية ستظهر عالفنانين ويكون من السهل التشهير بهم ، أن الوسط الفني غير آمن وحياتهم بطبيعتها غير مستقرة وكأنهم هم من أنتجوا هذه الظاهرة وليست هي موجودة في المجتمع ككل ، وفي طفولتي أتذكر تشفي السلفيين في أمراض المشاهير عندما يمرض أحد منهم ويشيعون علي الناس أن هذه الفئة تعاقب من الله ولا يموتوا بشكل طبيعي لإن الله غير راض عنهم .
كانت هذه أسباب الإزدواجية بين عشق الناس للفن وتطاولهم على مبدعيه.



#سلوى_فاروق_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية المصرية وإستلاب الوعي
- العلم والعقل الجمعي
- الخيانة المشروعة والمكايدة الذكورية
- عقد الزواج وعقد الشركة
- بسنت خالد ،ضحية الكيد الذكوري
- خواطر من وحي الحضارة
- التنوير وسنينه
- رموزنا المصرية . اللواء باقي زكي يوسف نموذجأ (٢)
- رموزنا المصرية . زينب الكفراوي نموذجآ ١
- لماذا نقرأ الأدب
- البوركيني وفن صناعة المظلومية ٢/٢
- البوركيني وفن صناعة المظلومية
- الهوية الدينية في القضية الفلسطينية
- موقف شيخ الأزهر من الإخوان
- أين العفة من الطلاق الغيابى ؟
- الشخلعة بين الشيخ والفنان
- (هل يستفزهم العرى حقا !)
- ثقافة تبرير التحرش
- بالعامية المصرية آنسة ولا مدام
- هل أخلاقنا حقيقية أم مجرد مظاهر


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلوى فاروق رمضان - كيف سمح الجمهور بالتطاول على فنانيه