|
فن التطبيل فى عصور التهبيل !!؟
حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 7214 - 2022 / 4 / 9 - 19:00
المحور:
الادب والفن
كان ذكر مآثر الحكام والتغنى بمحاسنهم أحد أهم مقومات ما يطلق عليه بالفن المصرى الحديث، وذلك منذ بداية العصر الملكى البائد وحتى وقتنا الحاضر ، وكانت الآنسة أم كلثوم قد حازت فضل السبق فى هذا المقام عندما إنتهزت فرصة حضور مولانا لأحد حفلاتها فإرتجلت بعض الكلمات وتلتها بتغنج وسعادة وبدون تكليف قائلة " يعيش فاروق ويتهنى ، ونحي له ليالى العيد " ،، ونتيجة لذلك تعطف مولانا ومنح الآنسة أم كلثوم وسام الكمال عام 1946 ، كما نافس الفنان محمد عبد الوهاب السيدة أم كلثوم على نيل ذلك الشرف العظيم، فسارع بحشر بعض أغنياته بكلمات تمجد "الفاروق " راعى الفن ونجومه ، كما إستخدم عبد الوهاب موهبته لإثبات أن الفلاح يعيش حياة رغدة ناعمة متمرغة فى الهناء الإقطاعى وذلك فى غنوة( ما احلاها عيشة الفلاح مطمن وقلبه مرتاح ، يتمرغ على أرض براح ) أيضا كانت هناك العديد من الاعمال السينمائية التى إحتوت على خطب فارغة لأنور وجدى و سليمان بك نجيب وغيرهما لتمجيد الملك وعصره وشرطته التى كانت تتميز بحفظ الأمن والإستقرار ،وتقدم التضحيات لحماية البلاد من الأشرار !!
أما فى عصر الستينيات فقد تحول الفن من التطبيل الملكى الى التطبيل الثورى، وخاصة من خلال فن الاغنية فتحررت ام كلثوم من عباءة الملك المفدى ، وهرب عبد الوهاب من أسر القصور ونفاقها إلى براح التهييص القومى العمالى الإشتراكى النضالى ، وقد نافسهما فى ذلك الشرف الفتى الأسمر عبد الحليم حافظ وغيره من الشعراء و المطربين الشباب والعجائز ،حتى أن الامور وصلت فنيا الى إختصار الحرية والوطنية وروح الامة العربية فى شخص الزعيم الأوحد !! ، لكن والشهادة لله فقد نالت الكثير من تلك الاعمال قبولا عاما ولها تأثير وشجن مستمر لحد الآن !؟
وقد استمر هطول مهرجان التطبيل الفنى على سماء مصر فور حلول عصر السادات، ولكن الأمر تم هذه المرحلة بطريقة سمجة رذيلة لاقبول فيها ،وكانت السيدة فايدة كامل هى الرائد الأول فى هذا المقام التهجيصى ، فقدمت لنا نموذجا فريدا للتلاحم الوطنى بين الشعب وكبير العيلة عندما صاحت بصوتها الحيانى فى أغنيتها الشهيرة " خوض بينا النار هنخوض ويااااك ،، ياسادااااات ؟ لكن الفنان سيد مكاوى أنقذ الموقف وأبدع وحلق عاليا وأعاد الثقة للأغنية التطبيلية عندما ترنم وأشجانا برائعته "تعيش ياسادات " من كلمات الشاعر كمال عمار وتلحين سيد مكاوى ذات نفسه ، والتى تقول كلماتها " كان قلبى معاك، طول ما انت هناك ، وياك ماشيين ياصلاح الدين ، وبإذن الله رافعين رايات !!؟ والتى أذيعت تمجيدا لزيارة السادات الخيانية لإسرائيل فى نوفمبر عام 1977 ، تلك الزيارة التى كانت بداية السقوط الرسمى أمام العدو ؟
ثم جاء عصر مبارك واستمرت قافلة الدعم الفنى للرؤساء، خاصة من خلال الحفلات السنوية التى كانت تقام بمناسبة نصر اكتوبر، وكان من أبرز ما قدم وقتها ذلك العمل التاريخى العظيم "إخترناه إخترناه " الذى تنافس من خلاله العديد من المبدعين الوطنيين على نيل الرضا السامى، وقدموا مثلا متميزا فى فنون التسويق والترويج ، ودرسا وطنيا بليغا فى أساليب البيع والتخليص ؟ وبرز فى تلك الفترة الفنان محمد ثروت الذى إشتهر بالعديد من اغنياته الوطنية الخالصة حتى بات نموذجا مضيئا فى هذا المقام ؟
لكن الفنان احمد زكى قاد بإمتياز ما يمكن تسميته بمرحلة التهليل الدرامى، وذلك عندما قام ببطولة العديد من الافلام التى تمجد الحكام الرسميين ،فقدم عدة أعمال كان على راسها فيلم ناصر 56 ، ثم فيلم أيام السادات الذى كان من إنتاجه أيضا وتضمن الفيلم ( على طريقة الخواجة يني ) إشادة بالدور البطولى لمحمد حسنى مبارك وتأثير الضربة الجوية العظيم فى مجريات المعركة ؟ ونتيجة لذلك نال أحمد زكى جائزة رفيعة من مبارك تقديرا لآدائه القيم فى هذا الفيلم فسارع على الفور بإعداد مشروع فيلم ( خصوصى )عن إنجازات مبارك ، وتم بالفعل الإعلان عن ذلك المشروع رسميا ، وكان من المقرر أن يكون أسم الفيلم "مبارك.. الضربة الجوية" ، ولكن مرض احمد زكى ووفاته عام 2005 وقف حائلا دون إستكمال حلمه العظيم بالقيام بتجسيد دور القائد الركن والفلتة التاريخية ، وهو ما أفقده شرفا عظيما كان الفنان نور الشريف كان قد سبقه إليه عندما لعب بطولة مسلسل يومى بالاذاعة جسد فيه بطولات الرئيس مبارك ودوره العظيم وضربته الجوية ؟
لذا لم يكن غريبا ولا مفاجئا فى أيامنا الحلوة !! أن تتصارع وتتسابق بعض النكرات الفنية من أجل نيل شرف التمجيد والتصفيق والرقص والتهليل والتزييف ، للتمتع بمزايا ومنافع تجسيد البطولات والملاحم التاريخية المقدسة، وتقديم نمازج حديثة للعبقرية المصرية التى تتفرد بالزعامة فى مجال الفنون التطبيخية !!
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من روائع الدراما المصرية ؟
-
سنقر الكلبى والقاضى حلاوة !!
-
المدلسون !؟
-
صكوك الغفران !!؟
-
التحالف ضد إيران !!؟؟
-
هيستيريا الرعب والهلع من أجل أوكرانيا ؟
-
الحق المنكسر دوما !!؟
-
لماذا يتجاهل الشعب المصرى إنتفاضة ماسبيرو؟
-
أوكرانيا والإرهاب الإسلامى؟
-
تحليل الواقع السياسى الدولى بإستخدام منظومة كرة القدم المصري
...
-
روسيا هى الشيطان الأكبر !!
-
دواعش واشنطن ، وإخوان موسكو ؟
-
النهار الأسود ؟
-
أمُّونة ماردتش علي !!
-
وبمناسبة التاريخ، هل تعلم المستضعفون؟
-
بمناسبة الجغرافيا ؟
-
الأقليات السياسية، وغير السياسية ؟
-
ممنوع دخول الديموقراطيين، أو الكلاب !!
-
كرة القدم السياسية ضد روسيا؟
-
الزمالكاوى معارض بالفطرة ،؟
المزيد.....
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
-
أحلام سورية على أجنحة الفن والكلمة
-
-أنا مش عايز عزاء-.. فنان مصري يفاجئ متابعيه بإعلان وصيته
-
ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ-بنت الأجيال-؟
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|