صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن-العدد: 7212 - 2022 / 4 / 6 - 18:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما أسدل الستار عن الحركة الاحتجاجية العارمة "انتفاضة تشرين-أكتوبر"، بفعل بطش قوى السلطة وميليشياتها من جهة، وعدم قدرة المنتفضين على التنظيم من جهة أخرى، توجه اغلب عناصر تلك الانتفاضة-خصوصا الشباب منهم- نحو تأسيس قوى ذات طابع "مدني"، على غرار منظمات المجتمع المدني، فتلك الشبيبة تريد قدر الإمكان الابتعاد عن الممارسة السياسية، او تتصور ذلك.
ولهذه التوجهات أسبابا كثيرة، قد تكون أهمها ما فعلته قوى السلطة ذاتها من نشر فكرة "اللاحزبية"، فأيام الانتفاضة كان المحتجون يهتفون "كلا كلا للأحزاب"، ومن جهة أخرى يعلو هتاف: "الشعب يريد اسقاط النظام"، وعندما كان يوجه لهم سؤال: اذن كيف سيتم اسقاط النظام وأنتم ترفضون فكرة الحزبية؟ لقد وقعوا فعلا في تناقض محدد، فلا يمكن اسقاط نظام بدون نظام.
كانت القوى الإسلامية التي دخلت ساحات التظاهر تعزز وترسخ بشكل قوي وفعال من فكرة "اللاحزبية"، تعمل بشكل حثيث على جعل المتظاهرين يبتعدون عن القوى السياسية المغايرة لهم، كانت استراتيجية ذكية جدا: يرتدون زيا موحدا، يمشون في طوابير منتظمة، يمسكون العصي "التواثي" ويعتدون على أي متظاهر، وبعد ذلك ينشرون عناصرهم بين خيم المتظاهرين ليقنعوا الاخرين بعدم الانضمام للأحزاب السياسية.
بقي هذا التقليد ساريا بين المتظاهرين، وتمثل بشكل جلي فيما بعد بطروحات "الدولة المدنية"، التي يسعى لها الكثيرون من شبيبة الانتفاضة، والتي على أساسها شكلوا "هيئاتهم، منظماتهم، اتحاداتهم".
ملاحظة: اغلب هذه القوى الشابة لا يوجد في برامجها حتى مفردة "العلمانية"، وإذا ما قلت لهم لم لا تذكرون العلمانية؟ يجيبوك: "لا نريد ان نتصادم مع المجتمع"! يا لبؤس هذا الطرح؛ بل حتى القوى "التشرينية" التي صعدت للبرلمان لم-واعتقد لن- تذكر مفردة العلمانية يوما ما، فاغلب تلك القوى جذورها إسلامية.
اليوم هذه القوى "المدنية" تعمل بشكل مطابق لما تعمل به منظمات المجتمع المدني، فهي تعقد الندوات الثقافية، تجمع المساعدات لتوزيعها، تقيم مهرجانات للثقافة والفنون.. الخ، في النهاية تبتعد ما شاء لها عن الممارسة السياسية، الفرق بينها وبين منظمات المجتمع المدني ان الأخيرة تأسست على هذا الشكل.
لكن لماذا توجهت اغلب القوى المنبثقة من الانتفاضة الى العمل داخل السلطة او هي تسعى لذلك بشكل جاد؟ قد تكون لنا كلمة بصدد ذلك.
#طارق_فتحي
#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟