أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - قصة قصيرة : في الاسبوع التاسع والاربعين














المزيد.....


قصة قصيرة : في الاسبوع التاسع والاربعين


طالب كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 7205 - 2022 / 3 / 29 - 00:39
المحور: الادب والفن
    


محاولاتك ، في اخفاء توترك ، اخفقت ، حين تخلصت من سيجارتك بعد لحظات قصيرة من اشعالها في المرمدة الكريستال ، شاهدت قسمات وجهك وهي تنحت بصمت تقاطيع غاضبة ، كانت اصابعك ترتجف حين سحقت السيجارة التي تفتت في قعر المرمدة ، كأنك تتخلصين من احدهم بسحقه ، شعرت برغبتك في الصراخ عندما كتمت نشيجك ، شعرت بحزنك العميق وهو يتسلق قلبك كحلزون لزج ، يمكنني قراءة عينيك الغائمتين ، جفونك تتلطخ ببقع كحل مبلل بدموع لم تغادر مقلتيك ، توارين غضبك بانشغالك في أحكام غلق ازرار معطفك القصير، وانت تصالبين ساقيك تحت الطاولة المستديرة ، بينما النادل ببدلته السوداء وقميصه الأبيض يضع كوب القهوة بهدوء وابتسامة مترددة على شفتيه ، سمعتك تقولين له شكرا ، رد النادل وهو ينظر في عينيك الواسعتين : الشكرا لك ..انه واجبي. حين هم بالانصراف مبتعدا .
كانت الساعة تشير الى الثالثة ، غيوم شتاء مبكرة اخذت تتلبد ببطء في سماء رمادية ، بدت الطرقات خالية ، كنت اجلس قبالتك ، لست بعيدا عن طاولتك حد يمكنني عد انفاسك و شم عطرك الخفيف ، عطر يشبه الخريف وازاهير الربيع ، الصنوبر والياسمين ورائحة الانوثة . اعتدت رؤيتك في المكان نفسه ، بالأحرى كنت انتظرك بصبر لا ينفد ، لم اجرؤ على سؤال النادل الاربعيني عن توقيتاتك ومواعيد دخولك ومغادرتك الكازينو ، المرة الأولى التي شاهدتك فيها كانت في بداية خريف العام الماضي ، كانت الساعة الواحدة ما بعد ظهيرة يوم سبت ، وهو اليوم الأول الذي ادخل فيه كازينو البرازيلية بعد ان جذبتني اليه رائحة القهوة التي نفذت الى خياشيمي ، جلست قرب الواجهة الزجاجية ، اهدر وقتي في التطلع الى المارة ، قلت ان انفرادك بنفسك يمنحك وقتا للتأمل وهو الامر الذي اجيده ، في لحظات التأمل تلك رأيتك تدخلين الكازينو ، بفستانك القصير الى حدما ، فهو يظهر ساقيك الممتلئتين بجورب اسود شفاف بحذاء كعب عال اسود لامع تلفين قوامك بجاكيت قصير ازرق ، يبرز نحول خصرك و استدارة وركك وقميص بلون سماء مشرقة ضيق يظهر تمرد نهديك ، بسلسلة ذهبية رفيعة تنتهي بقلب لازورد ينام في اخدود بلون الفجر والثلج ، في الحقيقة باغتني طغيان حضورك ، فانت لا تشبهين اي امرأة اخرى ، خطواتك المتمهلة وانت تتجهين صوب طاولتك ، فانت طوال سنة مضت ، كنت اتابعك فيها ، لم تستبدلي طاولتك بأي مكان اخر في صالة الكازينو الكبيرة ، كيف اخبرك باني شعرت بالانقباض، يطبق علي ، حين دخلت الكازينو في ذلك النهار البعيد ، متأخرا على غير عادتي ، وجدتك تتبادلين حديثا هامسا مع رجل في منتصف عقده الرابع ، قلت لنفسي ، وانا اخفق في قراءة شفاهك ، انها حياتك الخاصة ، فانا لا اعرف اسمك ولا اعرف اي شيء عن حياتك ، نحن غرباء ليس الا ، نجلس بصمت ، نتأمل وجوه العابرين الى وجهتهم عبر الواجهة الزجاجية الكبيرة ، نتذوق القهوة برشفات صغيرة ، ولكن ، في حقيقة الامر شعرت بالغيرة تقضم مشاعري ، في ليال عديدة مرت ، هناك شيء يشبه الارق يعترض طريقي بصور متلاحقة ، تتدفق في ذاكرتي ، صورتك وانت تتبادلين حديثا هامسا معه ، ولكن لما كل هذا الألم والشعور بالتعاسة ، فانا لم ابادلها كلمة واحدة باستثناء مرة واحدة التقت فيها نظراتنا ، للحظة مرقت كبرق ، تحولت فيها الى هيكل من حجر وتلعثم حين تسللت نظراتك عبر حدقتي ، هربت مسرعة من تساؤلات عيني ، حين مددت اصابعك في علبة التبغ ، تستلين سيجارة رفيعة بلون ابيض ، اطبقتي عليها بشفتيك الحمراوين ، ادرك ان كل شيء تقومين به يبدو مصمما على ان يكون متكاملا ومدهشا، ولاعتك الكلاسيكية ، بشعلتها الزرقاء ، توقدين طرف لفافة التبغ ، بين طرفي سبابتك واصبعك الأوسط الطويل ، تتصاعد دوامات دخان ازرق في الفضاء المغلق ، بينما اصابع يدك اليسري تبعد خصلات شعرك خلف اذنك ، اواجه نفسي بالأسئلة نفسها بينما القلق يفتك باتزاني ، هل هو الحب الذي يدفعني يوما بعد اخر الى انتظارها وترقب دخولها عبر البوابة المشرعة على رصيف الطريق الضيق ، ولكن كيف للحب ان يتسلل الي ؟ وصورة الرجل في منتصف عقده الرابع الذي التقت به في احد نهارات شتاء عام مضى لاتزول من ذاكرتي ، لماذا كلما فكرت بمحاولة اقتحام طاولتها ، يجف فمي ، اكاد ارى شحوب وجهي وانا اتخيل نفسي اقف صامتا ومرتبكا قرب طاولتها ، كانت في الاربعين ، لم تغير تصفيفة شعرها ، اجدها انيقة جدا ، ملابسها بالوان كلاسيكية غامقة تكشف لون بشرتها الابيض المشوب بلون زهري خفيف ، الوشاح الفيروزي الذي يحتضن عنقها ، النظارة السوداء التي تغطي عينيها ، صدرها ، وساقيها الممتلئتين في جورب اسود شفاف ، حقيبتها الجلدية ، وحزمة الاوراق التي تنثرها على الطاولة ، انشغالها عن الاخرين ، حين تنهمك بالكتابة ، وهي تمضي وقت جلوسها الذي يستغرق ساعتين في الكتابة ، يوما بعد اخر انتظر دخولها الكازينو بقلق يجرف تفكيري ، لم اكن ابالي بمراقبة اي امرأة ـ بالأحرى لم تشغلني اي امرأة اخرى كما شغلتني المرأة الغامضة التي تجلس وحيدة في المكان المعتاد نفسه ، و تمارس الطقوس المعتادة نفسها ، الاوراق المتناثرة على الطاولة الصغيرة ، كوب القهوة والرشفات القصيرة كانها تتذوق فحسب ، وانهماكها في الكتابة غير عابئة بالاخرين. انتظر لحظة ما اراوغ فيها خوفي واعترف باسراري قرب طاولتها الصغيرة



#طالب_كاظم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حب ما


المزيد.....




- تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر ...
- تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها ...
- مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي ...
- السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم ...
- إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال ...
- اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
- عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
- موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن ...
- زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
- أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - قصة قصيرة : في الاسبوع التاسع والاربعين