أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل متين - عن رمزية النار














المزيد.....

عن رمزية النار


فاضل متين

الحوار المتمدن-العدد: 7196 - 2022 / 3 / 20 - 21:30
المحور: الادب والفن
    


ذهب الإغريق إلى اجتراح التكهنات ونسج الفرضيات حول جوهر الطبيعة وإس خصائصها، رأى انكسمينس أن الطبيعة مادة هوائية الأصل بينما طاليس أرادها أن تكون مائية العرق والجنس، غير أن فيلسوف الصيرورة ديمقراطيس لعلّة في نفسه وحكمة متوارية في عقله قال أن النار هي المنشأ الأول والصلصال النقي الذي تشكّل منه جسد الطبيعة، السماء نارٌ، الهواء نارٌ، والأرض تجمع رماد النار الهاطل من السماء النارية.
لم يتوقف الإغريق عن الالتفاف حول النار وتوريطهم إياها في تشكيل الطبيعة، بل ذهبت اسطورتهم أيضاً إلى اتهامهم بتسببها في اغضاب الإله زيوس الذي أنزل العذاب الأبدي بالإله بروميثوس، سارق النار من موقد الإله إلى وطيس البشر. لم يكن غضب زيوس عن بخلٍ لسرقة قبس بسيط من ناره، بل لأنه أدرك أنه خسر بذلك جزءًا من هيبته، وسلطته وتفرده ومعرفته المطلقة، إذ ناره لم تكن مجرد عناصر حرارية مكثفة، بل لهيباً يمور بالمعرفة، ونوراً يسطع بالوعي.... لقد صار هناك من ينافسه على المعرفة، من يزحزح سطوته بمشاركته السطوة.
للكرد والآريين حكاية اسطورية المبنى، رمزية الحكمة، وثورية المغزى مع النار.
تقول حكايا النار، حكاية السفر الأخير للظلام أن رؤوس الأفاعي كانت تمد ألسنتها وتوسع أعينها تراقب مطرقة كاوا حداد وهي تلوح عالياً في غفلة عن الملك وتتهادى نحو وكرها، نحو رأس الملك، عشها، وحاضن فراخها الشرهة لأدمغة شباب الكرد.
تسمّر الحداد في مكانه للحظات مرتعباً، متوتراً وهو يتابع دحرجة رأس الملك على الفرش الوثير، وأعناق الأفاعي تصعّر وتتلوى وتنز قيحاً. أراد كاوا في البداية أن يمد يديه للأغلال، ويسلم رقبته لحراب جنود الملك، غير أن صوتاً داخلياً حثه على التحرك، كان ذلك صوت الحرية، صوت الشعب المنتظر بشارته. وإذ تحرك، لم يهرب، لم يتخف، بل اتجه صوب قمة قصر الملك، وهناك أشعل النار، نار الأبد، ناراً طرية نورانية، عذبة، دافئة كالرحم، ناراً أزلية هي مصدر الولادة.

يميز الحالم الأعمق وفيلسوف التأملات الشاردة غاستون باشلار بين أنواع النار، نيران محملة بالدفء والذكرى، نيران طرية نقية هي حلم الفراشات، نيران العزلة الحالمة. النار من منظوره كائن يعيش فينا، في الأشياء والكواكب وأجنحة العصافير والفراشات. يقول لنا في إحدى شطحاته العذبة
"أن النار لها خصائص ومحددات الكائن الحيِّ، بل إنها تخضع لنفس منطق الدورة البيولوجية من ولادة وفتوة وشيخوخة وموت"

إن النار هذا الكائن المحمّل بالتناقضات حسب باشلار، المنتشي بالقداسة، دفء وحرق، ضياء وخوف، حياة وموت.
نار المعرفة البروميثوسي، ونار الحرية الحدادي/ نار الحياة، ونار الجذور الباشلارية ما هي إلا نار التشكل/الأصل، نار الكينونة.



#فاضل_متين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختلفنا في المكان واتفقنا على الموت
- مديح الانتحار
- قراءة في ديوان قبور لا تنتهي
- دنيا الله
- قراءة في رواية طفل فوق القمر .. ابحار في الجماليات
- ميراث مجروح
- اتركوني لعتمتي
- قراءة في نصوص هيفي قجو
- قوة اللغة وسحرها
- عينان مثقفتان
- أيّتها الصبية التي تنام طويلاً
- واقفةً كالآلهة
- سيمضي كل ذلك وستمضي أنت أيضاً
- دعينا من هذا وذاك
- طلب لجوء
- ممّا رواه الأرق
- في البدء كانت الدمعة
- الطفل الذي لا يقتنع بأنّه ميتٌ ونحن أيضاً
- صلاة الأستكرونة
- الجريدة النّازفةِ


المزيد.....




- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...
- نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت ...
- موكب الخيول والموسيقى يزيّن شوارع دكا في عيد الفطر


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل متين - عن رمزية النار