أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد فُتوح - الانتحار .. صرخة احتجاج ضد الحضارة العالمية














المزيد.....

الانتحار .. صرخة احتجاج ضد الحضارة العالمية


محمد فُتوح

الحوار المتمدن-العدد: 7191 - 2022 / 3 / 15 - 02:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الانتحــــار
صرخة احتجاج ضد الحضارة العالمية
------------------------------------------
منذ أيام قليلة قرأت خبراً ، أفزعنى ، وأثار عندى الكثير من التساؤلات . يقول الخبر ، أن معدل الانتحار العالمى ، فى تزايد ، حتى وصل إلى ثلاثة آلاف حالة انتحار يومياً . وفى مصر هناك شخص ، ينتحر كل 30 ثانية ، وحتى انتهاء سنة 2007 ، تم تسجيل ألفين وسبعمائة حالة انتحار فى المجتمع المصرى .
أليست تلك الأرقام مفزعة ، سواء كانت تشير إلى معدل الانتحار العالمى ، أو إلى الوضع فى مصر ؟ . إنه لشىء خطير ، أن يقرر شخص ما ، أن ينهى حياته بيديه ، لا بيد القدر.
وسواء كان ذلك الشخص ، فى السويد أو نيجيريا أو أمريكا ، أو المكسيك أو مصر ، وأياً كانت أسباب الخلاص من الحياة ، إلا أننا أمام حقيقة تفضح نفسها ، وهى التفكير فى وضع حد للحياة ، وتنفيذه فعلياً .
بمعنى آخر ، تعددت الأماكن ، تعددت الأسباب ، والانتحار واحد .
بصرف النظر ، عن الدوافع المختلفة للشخص المنتحر ، فى أى مكان ، فإننى أعتقد ، أن انتحاره ، هو وصمة عار فى جبين البشرية .
تلك البشرية ، التى تفخر بإنجازاتها المتطورة فى كل مجال ، تعجز عن مقاومة حالات الانتحار ، التى تحدث يومياً على امتداد الكرة الأرضية .
هذه الحضارة العالمية ، التى تحاصرنا جميعاً ، بسبب العولمة ، عليها أن تخجل ، من الأسس التى تقوم عليها ، والتى تدفع الناس إلى الموت .
حضارة المالك ، والقوى ، والمسلح ، هم الذين يحكمون ويصنعون قرارات الحروب ، ويخلقون المجاعات ، والفتن الطائفية ، والإعلام المتحالف ، لترويج كل أنواع التفرقة والتمييز ، ضد البشرية عملاً بــ مقولة " فرق تسد ".
حضارة ، لا تبالى بأشياء أساسية جداً ، لبقاء أى حضارة انسانية ، غايتها تحسين
أوضاع الغالبية الساحقة من الجنس البشرى .
أشياء ضرورية ، جداً لسعادة الناس ، وتمسكهم بالحياة . فهى لا تبالى ، بالعدالة أو انهاء البطالة ، أو المساواة أو الحرية الإنسانية ، متكاملة الأبعاد ، أو منع الحروب ، أو حظر تجارة السلاح ، أو إعلان الحقائق .
حضارة ، تنفق المليارات لتجميل النساء ، وانتاج أسلحة الدمار الشامل ، والترسانات النووية ، وانتاج أنواع فاخرة من طعام الكلاب ، وفرشاة كهربائية لتنظيف الأسنان ، بينما تبخل بالملاليم على الجياع والمشردين والمرضى ، والأطفال الذين يبدون كالهياكل العظمية من قلة الغذاء ، فى أفريقيا مثلاً .
وفى ترصد لإنتاج الأسلحة ، الأرقام الفلكية المتزايدة . لكنها ، تفرض الشروط التعجيزية ، لاستيراد القمح ، ومواد غذائية أساسية ، لبلاد غالبيتها ، تحت الفقر ، وتحت خط الجوع ، وتحت جميع الخطوط الإنسانية ، فى حدودها الدنيا .
مثل هذه الحضارة ، تنتج الحروب والتعصبات الدينية والعدوانية فى سلوكيات البشر ، والعنصرية والكراهية والعنف والحقد فى الممارسات الفردية ، أو بين الجماعات والدول .
وتنتج الأجهزة والصورايخ ، ولكنها لا تنتج بشراً سعداء . هى ليست حضارة ، قدر كونها بلطجة دولية ، تتغطى ، تحت غطاء الشرعية ولديمقراطية والحرية وحماية الخصوصية ، والحفاظ على الهوية .
هل يمكن أن نشعر ، بحد أدنى من الأمان ، وطبول الحرب قد تُقرع ، فى أى وقت فى أى مكان ، يريده المتاجرون فى الأسلحة ؟!
هل يمكن أن نشعر ، بحد أدنى من السعادة ، ونحن نعلم جيداً أن الحضارة العالمية السائدة ، يسيرها قطب واحد أوحد ، تدوس على البشر ، بسياسات الحرب وسياسات التجويع ، وسياسات " فرق تسد " ؟!.
وكيف يمكننا أن " نحب " الحياة ، ونحن تحكمنا حضارة الموت ، المعبأة بالأسلحة والمتفجرات والفلوس الملوثة بدماء الضحايا فى كل مكان ؟!.
إنها حضارة ، قراصنة ، ضد الإنسان ، وضد نفسها ، وضد النساء ، وضد القيم الأربعة ، لازدهار الحياة ، وسعادة البشر ، وهى العدل والخير والجمال والحب . ولهذا ، سوف تسقط أسرع مما نتخيل .
لا أعتقد ، أن شخصاً ما يفكر فى الانتحار ، ويُقدم عليه ، فى حضارة ، عادلة ، خيرة ، جميلة ، تمارس الحب ، لا الحرب . إن حالات الانتحار فى العالم ، تقول على لسان أشخاصها : " لقد أصبحت الحياة أكثر مما أستطيع تحمله " .
كل شخص منتحر ، يرسل صرخة احتجاج ، ضد هذه الحضارة المخيفة .
كل شخص منتحر ، يشير بإصبع الاتهام ، إلى هذه الحضارة ، غير الإنسانية ، القاتلة ، التى تسمم الحياة . وتجعل بعض الأشخاص يفضلون قتل أنفسهم ، عن الاستمرار تحت سماء هذه الحضارة .
سوف تظل أرقام الانتحار ، تفزعنا . وسوف يظل هناك ضحايا لهذه الحضارة ، سواء قتلتهم هى ، بأسلحتها وحروبها ، أو دفعتهم هى إلى قتل أنفسهم .
ما لم تتغير الأسس ، التى تقوم عليها هذه الحضارة آكلة لحوم البشر ، ومصاصة دماء الأفراد ، والجماعات ، سوف تتزايد أرقام الانتحار ، فى بلادنا ، وعلى مستوى العالم .
وصدق ألبير كامو ، حين قال فى كتابه " أسطورة سيزيف " .. " أن الانتحار
سيبقى هو المشكلة الفلسفية الوحيدة الجديرة بالتأمل ".
من كتاب " استلاب الحرية باسم الدين والأخلاق " 2009
----------------------------------------------------------------



#محمد_فُتوح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة - ختان العقل - فى الصحف الدينية ... نعيش فى عصر - الكف ...
- - شو - عمرو خالد وغضبة القرضاوى
- لا مستقبل للاخوان المسلمين على أرض مصر
- سيدة ليبيريا الحديدية والنموذج الاسلامى للمرأة
- النساء الكويتيات يحترقن ليضيئن للرجال
- تجربتى مع أحد التاكسيات الاسلامية
- الليبرالية الحنبلية لحزب الغد
- قانون نقل الأعضاء من الموتى .. لماذا لا يصدر ؟؟
- كونداليزا رايس ..... أليست امرأة ؟!
- تأملات فى مفهوم الجمال ( 5 )
- تأملات فى مفهوم الجمال ( 4 ) الجمال فى الفكر الاسلامى
- تأملات فى مفهوم الجمال ( 3 )
- تأملات فى مفهوم الجمال ( 2 )
- تأملات فى مفهوم - الجمال - ( 1 )
- النيولوك للاخوان المسلمين .... الجهاد على أنغام الموسيقى الش ...
- وظيفة شكلية - تصحيح صورة الاسلام والمسلمين -
- العلمانية صمام أمن للمجتمع وشرط للتقدم
- لولا ثورة 23 يوليو 1952 ما كنت تعلمت
- امامة المرأة للصلاة ... نساء تستعذبن الصفوف الخلفية
- الاسلاميون فى تركيا وتعريض المكتسبات العلمانية للخطر


المزيد.....




- ماكرون يطرد 12 موظفا في الدبلوماسية ويستدعي سفير بلاده في ال ...
- ابنتا بوعلام صنصال تطالبان ماكرون السعي لإطلاق سراح والدهما ...
- الجميع -هدف مشروع-.. محللة توضح أهمية الفاشر لـ-الدعم السريع ...
- إسرائيل: لن تدخل أية مساعدات قريبا إلى غزة للضغط على حماس
- عباس إلى دمشق الجمعة المقبل للقاء نظيره الشرع
- الداخلية التركية تعلن القبض على 89 إرهابيا يشتبه بهم بالانتم ...
- إسرائيل تفرج عن 10 أسرى فلسطينيين من قطاع غزة
- الحكومة اللبنانية تطلق مشروع إعادة تأهيل طريق المطار
- شاهد.. -سرايا القدس- تعرض مشاهد من قصف استهدف الجيش الإسرائي ...
- بكين تمدّ جسورًا مع جنوب شرق آسيا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد فُتوح - الانتحار .. صرخة احتجاج ضد الحضارة العالمية