أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - هَمَساتٌ عن غَسيلِ الذَّات















المزيد.....

هَمَساتٌ عن غَسيلِ الذَّات


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 7189 - 2022 / 3 / 13 - 20:33
المحور: الادب والفن
    


هلّا ياصاحُ إعتَصَرتَ ليَ مما جَنيتَ من خَلجاتِ حَرف، وإختصرتَ مما ثَنيتَ من عَبَراتِ ذرفِ، وإقتصرتَ مما بنيتَ من نَظَراتِ طَرفِ، في مَقامةٍ تَكشِفُ سُبُلَ "غَسيلِ الذات"و بوَجِيزِ صَرف وخُلاصةِ كَشف.

قَدْ سَأَلَ صاحبي عَنْ عَظِيمٍ يلوذُ منهُ فراراً مَن كانَ لعَمَدِ الفكرِ نحّات! وبِرِقَّةٍ وتَحَنُّنٍ أبْدَيتُ لهُ مَعاذِيري وما مَلَكتُ من تَبريراتٍ، وبِدقَّةٍ وتَفَنُّنٍ أسدَيتُ لهُ مَحاذيري من سبرِ فضاءِ الذات، وأهدَيتُ لهُ موانعَ ما في الأمرِ من شبهِ إستحالةٍ ومن متاهات.
وإنّما لكلِّ ذاتٍ تَدبُّ على ظهرها شؤونٌ وحكاياتٌ، لكلِّ ذاتٍ هواها ووجهةٌ وتطلعات، وآهاتٌ في عوالمَ مُتقلّبات.
تَركتُ سائلي وما سَأل، وحاسوبي وما نقلَ من دَرْدَشَات، كي أرميَ بثباتٍ بضعاً من خطوات،
في نُزهةِ صباحٍ راجلةٍ، صُحبة صغيرتي فيما يُسمى تَنطّعاً "مُتنزهات"، وماهي بمُتنزهات، إنّما عملٌ غيرُ صالحٍ من مطبّاتٍ وأدغالِ وتُرهاتٌ، لكنّا نَدعُوها تزلَفاً وتملّقاً مُتنزهات.
وإذ كنّا الإثنينِ نَتخطّى، إذ بِجَرادةٍ عملاقةٍ حُبلى بجَرادات، تَقفِزُ فُجأةً من تحتِ قَدميّ لتَحُطَّ على شُجيراتِ سياجِ المتنزه صَافّات. قلتُ لصغيرتي؛
" لِنَقبضنَّ عليها قَبضةً واحدةً لا قَبضات، ولِنَحملنَّها الى الدّارِ كسلاحٍ مُحرّمٍ دخولهُ ومن الممنوعات، فنُرعبَ بها مَن فيها -نرعِبُ بالجرادةِ مَن في الدّار من الأخوةِ الأعداءِ والأخواتِ؟ ثُمَّ نُعيدُها كرةً أخرى هاهُنا بهونٍ وبرَحمات. ولكن..
ما إن مَرَقَت يَدِيَ أغصانَ الشُّجيرات، حتّى فوجئتُ بقَصرٍ من صُوفٍ ذي جلبةٍ وصَخَب، وبتنديدٍ من أربعةِ أفراخٍ ذواتِ زَغَب. أفراخُ طيرٍ يُدعى " أبو الزَّعَر" وذلك بِلَهجةِ مَن ينتميَ لأهلِ العراقِ في الحَسَب،
و(الزَّعَارَّةُ) بتَشديدِ الرّاء لُغةً تعني؛ شراسةَ الخُلُق وسوءَ الأدب، والزُّعْرُورُ كالعُصفُورِ السّيّءِ الخُلُقِ فاقدِ الذنب، فنقول؛ "رجلٌ زَعِرٌ " فيهِ زَعَارَّةٌ وفضاضةٌ فما أبقت زَعارَّتُهُ على رَحِمٍ ولا قُربى ولا صحب.
تَغريدُ أبي الزَّعرِ تغريدٌ خافتٌ لا شَجَنَ فيه ولا طَرَب، وحَجمُهُ يعدلُ مِعشارَ عصفورٍ لو إنّا نزعنا عنهُ ريشَهُ ومنقارَهُ ذا اللّجاجةِ والشَّغَب.
هو طيرٌ لا وقارَ له ولا تَوقِيرَ بينَ قبائلِ الطيرِ ولا حَسَب. لعلّ أصلَهُ حَشرةٌ تَحالفَتْ مع قبيلةِ الطَّير كي تَحظى بتشريفٍ وجاهٍ ونَسَب، أو طَمَعاً منهُ برتبةٍ حتّى لو كانَتِ الرُّتبةُ في أدنى الرُّتَب، ( كما هو دَيدَنُ بعضَ بني جلدتنا من أهلِ الرّياءِ والتعجرُفِ والخوارِ والعَجَب).
كانتِ الأفراخُ مكنونةً في عُشٍّ خَفيٍّ بتَمويهٍ ذكيٍّ مُدهشٍ عَجَب!
التَّمويهُ كانَ مُذهلاً يا سادة، التمويهُ كانَ مُعجِزاً ولِلُّبِّ سَلَب! إنَّ أمرَ التمويهِ والغشِّ في المعسكرِ الزَّعريِّ لأمرٌ عَجَب!
فَمَن عَلَّمَ مِعشارَ عُصفورٍ أن يَنتقيَ مادةَ بناءٍ لعُشّهِ من صُوفٍ وليسَ من عيدانِ حَطَب، كي يُوهِمَ العَدوَّ إن سوّلت لهُ نفسُهُ وإقتَرب، بأن العُشَّ كومةُ عِهْنٍ مَنْفُوشٍ بينَ أغصانٍ، إثرَ ريحٍ عاصفٍ جَدَب!
بل مَن أوحى لهُ أن يُصَمِّمَ بَوابةَ قصرِهِ فيُصّيِّرها مَخفيةً وعلى الجَنب، وليست في أعلاهُ، فيَضربُ بذلكَ صَفحاً بعُرفِ هندسةِ البنيانِ في أمَمِ الطّيرِ والإنسانِ وكلّ مَنطقٍ وسَبَب؟
وإن هيَ إلا هُنياتٌ حتى أَتَيَا والدا ذَوي الصَّخَبِ والشَّغَبِ (أبو زَعرٍ وأمُّ زَعرٍ)، فَسَلَقُوني بالسِنةٍ حِدادٍ وبِوابلٍ من تَحذيرٍ وَجَب، وشتائمٍ من فحشِ قولٍ تَبَب،
وإنّيَ هنا لأنْأَى بِبَناني وأنْهى لِسانيَ أن يُعلِنا عَمّا قيلَ من شَتمٍ ثَلَب، إلا بَعضَاً مِمّا يَصلحُ للنشرِ بين جَماهيرِ الأمّةِ والشّعَب، لكيلا أزيدَ فوقَ هَمِّ وتَعَبِ الجَماهيرِ مَزيداً من غَمٍّ وتَعَب.
قالا لي؛
" أُغرُبْ يا أنتَ! يا نَديمَ الشّؤمِ عَديمَ الجِناحِ قَضِيمَ المِنقارِ وصَريمَ الذَنَب!
أُغربْ يا ذا وَجهٍ مُتَجَهِّمٍ ولِحاجِبيهِ قَطَب، صُبحُهُ فَزَعٌ، ظهرُهُ جَزَعٌ، مساؤهُ وَجَعٌ وعَطَب،
وأغلَبُ ظَنّيَ أنَّ لَيلُهُ يُقضَى بينَ (هَجَعٍ)وخَمرٍ وصَخَب، كي يَخدعَ ذاتَهُ فيَظُنَّ أنَّهُ غَسَلَ ما نالَ مِنها مِن غَمٍّ مُكتَسَب،
وما هكذا تُغسَلُ الذَّاتِ وتُطَهَّرُ النُّفوسِ بِلَهوٍ مُضطَرَب! أَوَيَظُنُّ أنَّهُ بِنغمةِ وَتَرٍ وهزٍّ وكأسٍ وطَرَبِ أنَّ الغَمَّ قد إندَحرَ وذَهَب!
إرحَلْ وحَاجِبَيْكَ المتخاصمينِ وكلٌّ قد قَطَب،
إرحلْ ودَعْ صِغارنا في أمانٍ تغشاهمُ رحمةِ الوَهّابِ وما يَهَب،
دَعْهُم وإيّاكَ أن تَمُسَّهمُ بسُوءٍ أو بخُيثٍ او بِشَغَب، وغَادرْ الى حيث قُدسِكُمُ المُغتصَب، وما في أكنافِها مِن جِهادٍ واجِبٍ وَجَب، ولَعُمُري ما هَبَّ شَاربٌ مِن شَواربِكم مناكِفاً عن " الأقصى" وِ وَثَب".
واعيباهُ من إمِّ زَعَر!
ولقَد وَلّيتُ مُسرعاً تحتَ تَهديدِ أبي زَعَر وما أَنَذرَ وخَطَب. تَهديدٌ كادَ أن يَهِزَّ مَساكنَ حَيِّنا وحتَّى التُرَب، ووَيلٌ لِحَيِّنا مِن زَعْرَةِ أبي الزَّعر إذا غَضب!
إبتَعدتُ مُلتَحِفاً عَصَبَ التَدَبّرٍ، ومُؤتَلِفاً قَصَبَ التَفكُّرِ ومُلتَهِباً بخيالٍ وبِرَهَب:
" إنَّ سرَّ الوجودِ في أمرَيْن؛ مَبنىً ومَعنىً مُحتَسَب".
فأمّا المَبنىً فكامِنٌ في كَينُونةِ بناءِ العُشِّ من قِشِّ، وقالَ أبنُ آدمَ قَولَ زورٍ وغِشٍّ:
" قد بَنى القِشُّ العُشَّ فلمَ الإيمانُ وعَلامَ العَجَب؟، وما مِن إلهٍ للخَلْقِ برَحمَتهِ تَغَشَّى، وإنّما خَلْقٌ هَامَ على ظَهرِها وطَشَّ.
وأمّا المَعنى فضامِنٌ في بَينُونةِ عطاءِ وهَديِ الإلهِ لمُهَندَسِ العُشِّ.
ولئن تمَرَّدَ أبنُ آدمَ وعَبَرَ وأنْكر مُوجِدَ كَينونةِ الأنامِ والمَبنى، فهَلّا تجَرَّدَ أبنُ آدمَ وسَبَرَ فشَكَرَ بَينونةِ الإلهامِ والمَعنى؟
لعَلَّ أبا الزّعَرِ -يا سَائلي - قد أعَانَنا في كشفِ طرفٍ من سؤلِكَ فيما دَنَى، فأبانَ قَبساً من سُبُلِ "غسيلِ الذاتِ" فيما بَنَى فَجَنَى،
فسُبحانَ الَّذِي أَعْطَىٰ أبا الزَّعَرِ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى.
وَيْ! ما بالُكَ -ياقارئي- إستَأنَستَ "غسيلَ الذاتِ" وآنستَ رحلةَ"أبي الزَّعر"، ونَسيتَ أمرَ جَرادَتِنا الحُبلى، أهيَ نَجَتْ أم كانَ ختامُها إبادةً وفَنَى؟



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عِندما يَتَأرَّقُ النَّملُ
- تَنُّوُرُ أمّي
- وُجُوُمُ عِلوانَ ولا نُجُوُمُ لبنانَ
- أيَهجُرُ البلبلُ عُشَّهُ!
- ( نُزهَةُ المَحرُومِ )
- كُلُّ مَن عَليهَا نِسنَاسٌ، إلَّا..
- هَل في الصَّحافةِ حَصَافةٌ؟
- تَسَاؤُلَاتٌ مَدفونةٌ غَيرُ مَأذُونة
- حُبَيْبَاتُ ” نَظَريَّةِ المُؤامَرة “
- الفَرحُ والسعادة
- (قَالَتْ نَمْلَةٌ)
- خَدُّ الشَّمسِ -
- مَسارِحُ اللَّيلِ
- (هَلَّا من مؤسسةِ نشرٍ أو ناشرٍ مكينٍ أمينٍ مُتَرَفِّع)؟
- تهنئةٌ لمناسَبةِ عيدِ الأضحى المبارك
- قَلائِدٌ مِن كَبَاب
- في المطعمِ: أنا وصديقتي النّملة
- مُزحَةُ دِلدِل
- وقائعُ جَلسةِ مُحاكمةِ النّملةِ:دِلدِلُ
- دِلْدِلُ .. أختُ عَنْبَسَة


المزيد.....




- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...
- بعد ساعات من حضوره عزاء.. وفاة سليمان عيد تفجع الوسط الفني ا ...
- انهيار فنان مصري خلال جنازة سليمان عيد
- زمن النهاية.. كيف يتنبأ العلم التجريبي بانهيار المجتمعات؟


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - هَمَساتٌ عن غَسيلِ الذَّات