عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 7187 - 2022 / 3 / 11 - 21:04
المحور:
الادب والفن
أستَيْقِظُ صباحاً
وأقولُ لكلّ شيءٍ يُصادفُ عيني:
صباحُ الخيرِ أيّها النهارُ القادم.
أفعلُ هذا بحبورٍ منذ سبعمائةِ عام.
قلتُ للجَدّةِ "غَزِيّة"
عندما جَرّتْني جرّاً من مشيمةِ "الشيخ علي" ، في الكرخ القديمة :
صباحُ الخير "جِدّة غَزِيّة".
ابتسَمَت "غَزِيّةُ" لي، وأتذَكّرُ انّها قالت: ما شاء الله.
من يومها، وعندما يلمسني الضوءُ أقول.. صباحُ الخيرِ..
مثل مصباحٍ حديث.
ومنذ سبعمائةِ عام، كان هناكَ من يَرُدُّ عليّ، وكان هناكَ من لا يَرُدّ.
ومنذ سبعمائةِ عام، أتَذَكّرُ الصامتين
وأتذَكّرُ إمرأةً جَفَلَت
وأخرى قالت لي: "عود ليش"
وإحدى الطالبات قالتْ فقط : "ليش".
أنا أعرفُ أنّ "ليش"تعني"لماذا"
"بلهجةِ البَلَحِ المريرة"
ولكنّني لا أعرِفُ لماذا النساء الغريبات، لا يَقُلنَ لرجلٍ غريبِ الأطوارِ مثلي :
صباح النور يا"أخي"اللطيف.
في الحربِ.. كنتُ أُطِلُّ صباحاً، من وراءِ"الساترِ"على جنودِ "العَدُوِّ".. وأهمِسُ لهم خوفاً من "الخياناتِ" البريئةِ: صباحُ الخير يا جنودَ"العَدُوِّ".. فيَرُدُّ عليّ جنودُ"العَدُوِّ"برشقةٍ من" الرصاص" الخفيف عيار 7.62 ملّم.
في الحرب .. كُلّما استيقَظْنا فجراً من النومِ(هذا إذا نمنا).. وقلنا صباحَ الخيرِ يا ألله.. رَمانا "العَدوُّ" برشقَةٍ عذبةٍ من قذائف المدفعية"المهداد"عيار 175ملّم.. لنعودَ و نصيحَ من الخوف: يا الله.. يا الله.
كان "العريف"خَلَف، الذي يشبهُ"ستالينَ" يُدَمدِمُ، وسيجارة"بغداد" تتدلى من فمهِ اليابس: ليس هذا وقتها يا أولادَ الكلبِ .. نحنُ "نتزقنَبُ"الآنَ .. ألا "تتزقنبونَ"أنتم؟
ومع أنّ "الزقنبوتَ" لم ينقطِع منذ ذلك الحين.. فأنا لم أنقَطِع عن قولِ "صباحُ الخيرِ"، إلى هذا الحين.
وحدهم.. العشبُ، والعصافيرُ- البلابلُ، والحمامُ، والنخلُ الذي أصبحَ بائِداً الآنَ، وبساتينُ روحي.. يرُدّونَ عليّ: صباحُ النورِ.. صباحُ النور .
"موزارت"وحدهُ لا يَرُدّ.
موزارت الميّت
وموزارت الذي يموت
في كُلّ واحدٍ من هؤلاء الناس
الذين لا يقولونَ صباحَ النور
لـ "نوحٍ" يشْبَهُني
وحدهُ في السفينة.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟