أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - ليل حزين














المزيد.....

ليل حزين


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7182 - 2022 / 3 / 6 - 23:20
المحور: الادب والفن
    


ليل مدلهم قاتل، وخطى شاردة على أرصفة الضياع.. وفراغ ..فراغ متناسل، وربما شعور بالعدمية، ليس هناك من قدرة على التفكير في شيء، بل بلبلة فكرية وتبدّد ذهنيٌّ مقيت، هكذا أحسَّ وهو سارح بين شوارع المدينة كالخفاش، يبحث عن أشياء يريدها أن تحدث، وأشياء حدثَت ولم يكتشفْها إلاّ بعد حدوثها. هذه المدينة العاهرة لم تمنحه قط ولو جزءً يسيراً من الفرحِ، فعلى أفاريزها تقام مشانقُ يومية لأَحلامه. ثم تدفن في عين المكان، " يا لطيف ألطفْ بعبدك من شر هذه المدينة اللئيمة... واحميه من ألسنة لهيبها، يا رحمة السماء ما هذا البؤس المتنامي الذي يتوالد كالفُطر حولي، فيشيع جوا من الكآبة واللاّمعنى ".
ليس هناك ما يَشدّه إلى هذا الليل المتعب الطويل، فغربته مستمرة وهَامِشيّته تكاد تُلغى كل إحساس لديه بالوجود، "ليس هناك ما يُذكر ، إلا ليالي الألم وأيام الوخز، كل مرة اَستقبلُ أشكالا جديدة من الحزن، وأغرق في أزمات لا حدود لها من الأسى، يا زمن الفظاعة ..ما أبشعك ، قَهرتَني حطّمتني، أتلفتَ أعصابي، فلم أعد أدري من أنا."
أخرج علبة سجائره، ووضع لفافة تبغ بين شفتيه ثم أشعلها ونفث دخانها بشراهة... وتابع سيره دون هدف أو غاية... أحس بالبرد يتسلل إلى جسده النحيف، رفع ياقة قميصه، فكر لحظة : "قليلٌ من الجعة يمكن أن يمنحه بعض الدفء!!!، دخل أول حان صادفه، تسربت إلى خياشيمه رائحة دخان السجائر، وصَمّتْ أذنيه أصواتْ السّكارى وقهقهاتهم المتداخلة مع أنغام اللحن الشعبي المجلجل في فضاء المكان، جلس بمواجهة الساقية السّمينة التي كانت تقف خلف الحاجز الخشبي، طلب ست جعَّات، فأسرعت تلبي طلبه، اِحتسى الأولى ثم الثانيّة، وسَرت نشْوة غريبة في أوصَالِه،وقال لنفسه "ليذهب المجتمع وقيوده إلى الجحيم" ثم واصل الاحتساء، حتى آتى على الزُّجَاجاتِ الستِّ.. أشعل سيجارة نفت دخانها ببطء. وراح يمسح بعينيه المتعبتين فضاء القاعة.. كانت هناك وجوه مكدودة فضل أصحابها ممارسة لعبة الهروب إلى الأمام، وكانت هناك ثرثرة وعربدة، ورؤوس تتمايل مع اللحن ،جاءه صوت مبحوح من خلف ظهره::
-هل أنت وحيد؟؟
التفت نحو مصدر الصوت، فوجد أمامه مومسا ضامرة العود قد لطخت وجهها بالأصباغ حتى صارت أشبه بمهرج سيرك وأجاب :
-نعم وحيد، وأفضل أن أبقى وحيدا.
ابتعدت عنه، دون أن تعلق على كلامه. طلب ست زجاجات أخرى، أقبل عليها بنهم مفرط، وأحس بعقدة لسانه تنفك، وانتابته رغبة قوية في الكلام، وقول أي شيء، وغابت كل المنغصات عن باله.
التفت نحو جاره وكان شابا أنيقا، ثم قال بصوت عال :
جوع آخر
عميق جدا وكاسر
أكثر حمرةً من الموت وأكثر صخبًا
الجوع لامرأة أستطيع أن أضع وجهي بين نهديها
وأعرف أنهما قد أعطياني إلى الأبد
وأنّنِي لن أجوع أبدا
ضحك الشاب وقال:
-أنت تقول شعرا
رد عليه وهو يبتسم :
-إنها أبيات من قصيدة مانفيستو للأديب الإنجليزي "لورنس"... لابد أنك سمعت عنه إنه صاحب رواية "نساء في حب".
ورد الشاب :
-بكل صراحة أنا لا أعرف لورنس، لكن شعره جميل
عرض عليه سيجارة. قبلها مبتسما، ثم مضى ينفث دخانها، وهو يضرب الأرض بكعب حذائه .
مر الوقت سريعا، وعندما غادر الحانة كان الليل في منتصفه..ازددت رطوبة الجو.. أحس بمغص شديد في بطنه.. توقف فجأة ثم اتكأ على أحد الجدران وقذف ما في جوفه، شعر باختناق رهيب، وانسابت الدموع من عينيه.. حاول التماسك ووقف على الرصيف محاولا البحث عن سيارة تاكسي تنقله وفجأة غمرته أضواء كاشفة قوية.. تبين له فيما بعد أنها لسيارة كبيرة، وسرعان ما وجد نفسه في مواجهة شرطين.. قاداه إلى داخلها.. وسمع أحدهما يصرخ به.
-أنت في حالة سكر طافح
فرد بصوت خافت
! -بل أنا مريض... أريد الذهاب إلى المستشفى. إنني أحتضر !



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن الدم
- قصة قصيرة : عبير الماضي
- نص شعري:تمرد
- قصة قصيرة :رحلة الصمت


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - ليل حزين