هل فقد بوتين الحبكة ؟ يقول الخبراء إنه كلما أصبح القائد قمعيًا ، زاد ذعره.

مباركي سعاد

الحوار المتمدن-العدد: 7182 - 2022 / 3 / 6 - 18:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لطالما صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه لاعب شطرنج ماكر على المسرح العالمي ، ويتطلع إلى الأمام بست خطوات لاغتنام كل فرصة لخطأ خصومه الغربيين بينما يتخذ إجراءات صارمة ضد أي معارضة في الداخل لكن قرار بوتين شن غزو على أوكرانيا الأسبوع الماضي جعل بعض المسؤولين والمراقبين الغربيين يشككون في الحالة العقلية للرجل المسؤول عن أكبر مخزون للأسلحة النووية في العالم.
على الرغم من أنه من المستحيل تقييم الحالة العقلية الحقيقية لبوتين ، فإن أولئك الذين تابعوا سلوك الرئيس الروسي عن كثب على مر السنين قد صدمتهم الطبيعة الغريبة والمظلمة لخطاباته الأخيرة ، التي وصف فيها قادة أوكرانيا بأنهم "عصابة من مدمني المخدرات والنازيين الجدد ".
لطالما اعتبره المحللون انتهازيًا ، أندريا كيندال تايلور ، الزميل البارز في مركز الأمن الأمريكي الجديد الذي عمل سابقًا كمحلل روسي كبير في وكالة المخابرات المركزية يقول: لقد كان بوتين لاعبًا مزعجًا بشكل متزايد على الساحة العالمية في السنوات الأخيرة ، وتدخل في الانتخابات الأجنبية ، واستولى على شبه جزيرة القرم ، وأرسل فرقًا ناجحة لاغتيال منتقديه في أوروبا.
أنجيلا ستينت ، زميلة بارزة في معهد بروكينغز وخبيرة في السياسة الخارجية الروسية تخبرنا أنه : "بعد أن قمنا بدراسته لفترة طويلة يمكننا القول أن بوتين لم يكن مجازفًا ولا مقامرًا ،إذا نظرت إلى حرب جورجيا 2008 كان من الممكن أن تستولي القوات الروسية على تبليسي لكن لم تفعل، تركوا الرئيس الجورجي السابق ميخائيل ساكاشفيلي في السلطة ، كماكان بإمكانهم تجاوز نهر دونباس في عام 2014 لكن يفعلوا.
بعد أسبوع واحد من إعلان بوتين الحرب على أوكرانيا ، لم تسير الحملة الروسية كما هو مخطط لها: فقد عانى جيشها من معنويات منخفضة ، وإمدادات غير كافية من الغذاء والوقود ، ومقاومة شرسة بشكل غير متوقع من الأوكرانيين،وتعرض الاقتصاد الروسي ، الذي لطالما كان ازدهاره النسبي ركيزة أساسية لشعبية بوتين المحلية ، بضربة من العقوبات الغربية غير المسبوقة على البنك المركزي الروسي والمؤسسات المالية الكبرى كما أعلنت مجموعة من الشركات عن خطط للانسحاب من البلاد.
في الأسبوع الماضي ، بعد وقت قصير من بدء الحرب ، غرد سناتور فلوريدا ماركو روبيو ، العضو الجمهوري الأعلى في لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ: "أتمنى أن أشارك المزيد ، لكن في الوقت الحالي يمكنني القول أنه من الواضح جدًا للكثيرين أن شيئًا ما قد توقف لقد كان دائمًا قاتلًا ، لكن مشكلته الآن مختلفة وكبيرة سيكون من الخطأ افتراض أن رد فعل بوتين سيكون بنفس الطريقة التي كان سيتصرف بها قبل 5 سنوات ".
ورفض مجلس الأمن القومي الأمريكي التعليق ردا على أسئلة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة لديها مخاوف بشأن الحالة العقلية للزعيم الروسي وانعكاساتها على العالم، في مقابلة مع ABC يوم الأحد و رفض سكرتير البيت الأبيض جين ساكي السؤال أيضًا لكنه أشار إلى أن بوتين كان معزولًا تمامًا أثناء COVID، لكن الخطاب والأفعال والتبرير الذي يقدمه لأفعاله تثير قلقنا بشدة ، في الواقع ، اختفى بوتين عن الأنظار لفترات طويلة من الوقت خلال جائحة COVID-19 ، وطُلب من جميع المستشارين الذين يأملون في رؤيته شخصيًا عزل أنفسهم لمدة أسبوعين قبل اجتماعاتهم ، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الروسية، حتى بعد تطوير لقاحات وعلاجات فعالة ، استمر في زيارة رؤساء الدول وكبار مسؤوليه عن بُعد بما في ذلك الجلوس على طرفي نقيض من طاولة طولها 20 قدمًا كما حدث في زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
بالطبع ، عانى ملايين الأشخاص حول العالم من العزلة على مدار العامين الماضيين بسبب جائحة COVID-19 ، ولم يشنوا حروبًا مدمرة على جيرانهم نتيجة لذلك، مع ذلك ، صُدم ماكرون بتعلق بوتين بالتاريخ وأشار إلى أن سلوك الرئيس الروسي قد تغير في السنوات الأخيرة ، حسبما ذكرت وكالة رويترز نقلاً عن مصادر في الوفد الفرنسي.
يرى آخرون أن سلوك بوتين الأخير ليس انحرافًا ، بل هو بمثابة تضخيم للميول التي لوحظت منذ فترة طويلة في الزعيم الروسي "ليس من الدقة أن نراه مجرد فاعل عقلاني فعال، لديه أفكار قوية، قال بريان تيلور ، أستاذ السياسة الروسية في جامعة سيراكيوز "لديه مشاعر قاتمة ، وكان يعبر عن تلك المشاعر لفترة طويلة جدًا"وبهذا المعنى ، فإن المسار ليس مفاجأة كاملة، لكن من الواضح أن هذا شيء أكبر بكثير من أي شيء فعله من قبل ".
لطالما رعى بوتين هوسًا خاصًا بأوكرانيا ، والذي اشتد فقط عندما سعت الدولة إلى ترسيخ ديمقراطيتها والاندماج مع الغرب في أعقاب الثورات في عامي 2004 و 2014. كان من المفترض أن يكون من تصميم جهات خارجية ، وتحديداً الولايات المتحدة أصبحت روسيا أكثر استبدادًا بشكل مطرد طوال عقدين من حكم بوتين ، وهو اتجاه تسارع بسرعة خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية حيث سعت حملة قمع مكثفة على وسائل الإعلام المستقلة والسياسيين المعارضين والمجتمع المدني إلى القضاء على بقايا المعارضة،يصف العلماء هذا الانحدار اللولبي في الأنظمة الاستبدادية بقيادة رجال أقوياء بأنه "معضلة الديكتاتور".
"كلما أصبح نظامك قمعيًا ، زاد ذعر القائد لأنه يصبح لديه إحساسًا أقل بما يحدث في المجتمع، و يقول في هذا الشأن كيندال تيلور: "لديك ثقة أقل في أن ما يقال لك هو الحقيقة". "يبدو أننا في مستوى جديد تمامًا من جنون العظمة."
نظرًا للآثار المترتبة على العالم ، فإن مجتمع الاستخبارات الأمريكية لديه فرق ، مكونة من أطباء وعلماء نفس يعملون في مركز التحليل الطبي والنفسي السري التابع لوكالة المخابرات المركزية ، والمكرس لتحليل الصحة البدنية والعقلية للقادة الاستبداديين ، بما في ذلك بوتين. يستخدمون مجموعة متنوعة من الأساليب ، بما في ذلك التدقيق في الخطابات ولغة الجسد ، لاكتشاف التحولات الطفيفة. "على الرغم من أن علم التقييمات غير المباشرة حديث العهد ، ... في هذه المرحلة ، يبدو أنه من الصحيح أن سلوك الشخص في الماضي يعد مؤشرًا موثوقًا به حول كيفية تصرفه في المستقبل أكثر مما يقول إنه سيفعله في المستقبل كتب تشارلز مورجان ، الطبيب النفسي الشرعي الذي عمل سابقًا في وكالة المخابرات المركزية ، في رسالة بريد إلكتروني إلى فورين بوليسي.
هناك المزيد من الأساليب المباشرة كذلك. قال جون سيفر ، العضو البارز السابق في الخدمة السرية بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية والذي خدم في روسيا: "إنها مجموعة متنوعة من التقارير من الأمريكيين والمسؤولين الآخرين الذين يلتقون به". لكن الحصول على معلومات من الدائرة المقربة من زعيم في دول مثل روسيا والصين ، والتي تعتبرها وكالات الاستخبارات "أهدافًا صعبة" ، قد يكون أمرًا صعبًا بشكل خاص. قال سيفير: "المصادر لا تنمو على الأشجار ، وهذا صعب بشكل خاص في مكان كهذا".
يُترك بقيتنا للتحدث عن خطابات بوتين وأفعاله بينما ينتظر العالم ليرى خطوته التالية.
المقال الأصلي موجود على الرابط : https://foreignpolicy.com/2022/03/04/putin-mental-state-russia-ukraine-future-actions-predictions/ Amy Mackinnon
ترجمة مباركي سعاد

#مباركي_سعاد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات