أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حقي - .. امرأة الليل /قصة قصيرة














المزيد.....

.. امرأة الليل /قصة قصيرة


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1666 - 2006 / 9 / 7 - 08:06
المحور: الادب والفن
    


.. بصعوبة بالغة أقنعت زوجتي بضرورة سفري ليلاً إلى مدينة أخرى بعيدة ، ويستغرق الوصول إليها لأكثر من ساعتين ، لولا جدّية المهمة وتعرضي لخسارة تجارية جسيمة إن لم اتواجد صباح غدٍ في تلك المدينة ولقائي مع شخصٍ مهمٍ ، الطريق طويل وممل وخال من الاستراحات وبعد منتصف الليل تقل فيه حركة السير ويصير موحشاً ، والقرى على جانبي الطريق قليلة ومتباعدة ويهجع سكانها إلى النوم بعد العشاء وتعمها الظلمة وأصوات نباح الكلاب .. وليست هذه هي المرّة الوحيدة التي أسافر فيها وفي مثل هذا الوقت وإلى ذات المدينة ولم ألاقي أية صعوبة وكانت تمضي بيسر وسهولة ، إلا أنّ زوجتي كانت متشائمة ، لأنها رأت حلماً أزعجها في الليلة الفائتة ، ورجتني أن أؤجل سفري إلى الصباح ، ولكني رفضت طلبها وأصريت على السفر ، وانها صفقة كبيرة ويجب ألا أفوتها من أجل حلمٍ مرّ بزوجتي ، وقبل أن أخرج من المنزل فاجأتني وهي تناولني مسدسي تحت نظراتي المتسائلة .. قالت
:الاحتياط واجب ، ضعها في سيارتك ولن تخسر شيئاً .. ويريحني نفسياً ويقلل من تشاؤمي.
.. الوقت تجاوز منتصف الليل ، بعد أن خلفت المدينة ورائي استمتعت بهواء الريف الرطب .. الطريق خال تقريباً ، قطعت ربع المسافة المقصودة ولم أصادف سوى آلية شاحنة فقط ، تبادلنا الأنوار وتجاوزتني ، فتحت المسجلة على موسيقى هادئة طغت على صوت المحرك وشعرت بغبطة وسرور ، سخرت من حلم زوجتي المزعج الذي كاد أن يلحق بي خسارة صفقة وسأكون في منتهى الغباء لو أهملتها بسبب منام لأم الأولاد ، وما أكثر أحلامها..
كانت رحلتي هادئة حتى الساعة وأنا في أوج نشوتي عبر موسيقى حالمة ونسمات ريفية عليلة حتى لاح لي من البعيد شبح إنسان يلوح لي بيديه .. وما أن اقتربت أكثر ...تبين لي إنها امرأة سافرة وهي تشير لي بيديها .. لقد صُعقت وارتبكت كثيراً ، بل تولاني خوف شديد ، وقف شعر رأسي ، امرأة وحيدة وفي مثل هذا المكان المقفر وفي الظلام ..! صرت في حيرة من أمري ، هل ألبي طلب هذه المرأة المجهولة وفي وقفتها المريبة ، ولكن الزمان والمكان والوقت والخشية من أن تكون كميناً ، لم أرفع قدمي عن ضاغط( البنزين) ولكن خففته قليلاً بعد أن حاذيت المرأة بقليل ودققت النظر فيها ، قدّرت انها امرأة حسناء في العقد الثالث من عمرها ذات طول فارع وجسد رشيق ، ترتدي ثوباً أبيض ، كان في تعابير وجهها الجميل هكذا خيل لي ، نظرات استجداء وتشير بيديها أن أقف وكانت شفتاها تتحركان لابد انها تتكلم ولكني لاأسمع صوتها ، الخوف تملكني ، تابعت سيري ولم أقف ...
وما أن تجاوزتها بمسافة قليلة حتى بدأ ضميري يؤنبني ، وان تصرفي بعيد عن الرجولة والشهامة والإنسانية ، وخاصة انها امرأة وقد تكون فعلاً بحاجة ماسة إلى المساعدة ، وانني قد لاأصادف مثل هذا الموقف طوال عمري ، ثم ألست عربياً ومن صفاتي الأولى الشهامة ونجدة الضعيف ، ودافعت عن نفسي ، لكنها قد تكون كميناً لعصابة شريرة ، واستهزأ الضمير .. أولاً لا أحوز مالاً ليكون مطرح تشليح ، ثم إني أحمل سلاحاً يمكن أن أدافع فيه عن نفسي ، وأن السلاح وُجِدَ لمثل هذه المواقف ، واستعملت المكابح وعدت ادراجي وقد قررت المغامرة مهما حصل ، وجهزت مسدسي ... ولاحت لي من البعيد ، انها لم تزل منتصبة في مكانها .. وأشرعت بصري إلى الأمام والخلف علّ ضوء مركبة يلوح لأنتظرها وأتعاون مع سائقها لنجدة هذه المسكينة ، ولكن لااثر لأي بصيص نور ، وكلما اقتربت منها كانت دقات قلبي تتسارع ويعلو صوتها ، وعندما صرت بمحاذاتها ، انعطفت نحوها مسلطاً مصابح السيارة عليها ورحت أدقق المكان من حولها ، كانت أرضاً مقفرة ، وسهل واسع ولامكان لاختباء أحد ، نزلت ومسدسي بيدي ، تركت المحرك دائراً تحسباً، دنوت منها بحذر شديد ، لم يخب ظني ، كانت حسناء رائعة وشعرها الأسود الطويل يداعب الهواء و( تستاهل ) المغامرة ، استفسرتها عن أمرها ، واعتقد انها لم تسمعني بسبب هدير محرك السيارة ، ولكنها كانت تؤشر بيديها إلى قدميها ، وهالني مارأيت ، القدمان مقيدتان بسلسلة حديدية وقد ثبتت من طرف بوتد في الأرض الترابية ، واسرعت محاولاً تحريرها بكل قواي وشددت الوتد بكل ماأوتيت من قوة ، ولكني فشلت ، الوتد لم يتزحزح والقيد باق يحيط بتلك القدمين الحافيتين الرائعتين ، والتقت عيناي المنهزمتان بعينيها المتوسلتين .. وبلا شعور أشهرت مسدسي وأطلقت النار على طرف القيد الحديدي وانقطع وتحررت قدماها .. وما أن أحست بتحررهما حتى أدارت ظهرها وولت الادبار عبر السهل الزراعي حتى غيبها الظلام ، وأنا جامد في مكاني مندهشاً ومشدوهاً فاغر الفم ،
: ( العمى ) ولا كلمة شكر ، وتهرب هكذا ، ولماذا تهرب مني وأنا من حررها ،
وإلى أين توجهت ، قد تتعرض لخطر آخر ... أسئلة بقيت معلقة بلا إجابة ، ولا أعرف كم مضى من وقت وأنا متسمر في مكاني بلا حراك ، حتى سمعت هدير سيارة مرّت بالقرب مني على الطريق العام ، ثم عدت إلى عربتي وأنا محاصربالأسئلة ..
:.. لماذا هربت .. ما الذي جعلها تهرب مني ، هل خافت من السلاح الذي أحمله واستعملته لتحريرها ، وتابعت سيري وطيف المرأة يلاحقني ، ولم أتجاوز عدة كيلو مترات حتى كانت المرأة ذاتها منتصبة ، تلوح بيديها تطلب النجدة ، ولكنها كانت ترتدي ثوباً أسود هذه المرّة ....







#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- .. انها شجاعة ... ولو بعد فوات الأوان ...؟
- .. انتبهوا ... نحن من يفلسف الهزائم ....؟
- .. العوالم الجديدة .. والحضارة ...؟
- .. حقوق المرأة العربية ، بين الواقع والممكن ..؟
- .. انه الأدب .. انه الحوار المتمدن ...؟
- .. مابعد بعد نطحة زيدان ..؟ ..
- العلمانية والدولة .....؟
- شعائر فرح شرقي ...!؟
- عذراً .. انه حوار متمدن ...؟
- العلمانية والمجتمعوالكمبيوتر .. ومنبر الحوار المتمدن ..؟
- ألعلمانية.. وأين مجتمعنا منها ...؟
- البرجوازية والعلمانية...؟
- ...مِثِل نطحة زيدان ...!؟
- مونديال الربح والخسارة مابين سوريا ومصر ...؟
- الشارع العربي الذكوري في الكويت يفخر بانتصاره على النساء ..؟
- الشارع العربي وآلهة الشر ..؟
- صراع البقاء في يم العلمانية وعلاقتها بالدولة والدين والمجتمع ...
- ممارسة الحب على المسرح ...؟
- جحافل العولمة تغزو وأشاوس الواوا وطبطب لهم بالمرصاد ...؟
- الحمائم والصقور مابين البنادق والفنادق ...؟


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حقي - .. امرأة الليل /قصة قصيرة