شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 7180 - 2022 / 3 / 4 - 22:22
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 739 ، 21 فيفري 2022
https//revcom.us//en/why-are-they-protesting-catholic-church-two-millennia-outlawing-abortion-and-oppressing-women
في 27 فيفري 2022 ، يتوجّه أناس يتحلّون بالجسارة و الإستقامة إلى تجمّع خطابيّ و عرض مسرحي دراماتيكي أمام كنيسة القسّ باتريك في مدينة نيويورك . و للحدث صلة بالإحتجاجات الجماهيريّة للثامن من مارس، اليوم العالمي للمرأة ، و الرسالة هي " نرفض أن ندع المحكمة العليا تنكر إنسانيّة النساء و تدوس حقّهنّ في الإجهاض ! " . فى نيويورك وقعت برمجة إحتجاجات 8 مارس على الساعة الثالثة بعد الظهر بيونيون سكوار ( ساحة الوحدة ).
لماذا الإحتجاج على الكنيسة ؟
يوما بعد يوم و مرّتين كلّ أحد ، تزرع هذه الكنيسة في أذهان أجيال من الفتيات اليانعات و النساء فكرة أنّ كامل الهدف و الغاية من وجودهنّ في هذا العالم هو أن تكون مربّيات أطفال ، أن تكون " وعاء مقدّس " . و هذا العقاب هو الطريقة الوحيدة للخلاص " ومن " لطخة الذنب الأصليّ " . و فضلا عن ذلك أيّة رغبة ( لدي النساء ) في الجنس لا تؤدّى إلى الحمل تنطوى على ذنب و شهوانيّة و عار ... و العلاقات الجنسيّة بين المتحوّلين جنسيّا مقرفة ( حتّى إن كان " البابا العصريّ و المتفتّح و التقدّميّ " يقول بأنّه يمكن أن لا يتعرّضوا إلى الحرق المؤبّد في جهنّم جرّاء ذلك ) ... الإجهاض بالنسبة إلى هذه الكنيسة جريمة قتل ... التحكّم في الولادات إخفاق في القيام بالواجب تجاه الإلاه ، و الطلاق إخفاق في القيام بالواجب تجاه الأسرة ( و دائما إخفاق في القيام بالواجب من جانب المرأة ) .
و غسل الذهن الساحق للروح الذى تقترفه الكنائس في المخيّمات الصيفيّة و في المنازل يسحق الحياة و يمزّق الأحلام . و النساء اللواتى تخفقن في تجاوز هذا الهراء تعشن مع شعور بالعار و يقع تعليمهنّ كره أنفسهنّ و هنّ مجبرات على تحمّل الكلام المسموم و الإدانات من سلطات الكنيسة و " المجتمع " . و يقال لهنّ بانّه عليهنّ بالتوبة و الصلاة ليغفر لهم الإلاه الطاغية و التبرّع بقسط من المال إلى الكنيسة من أجل الطقوس الدينيّة و الخدمات ليتمّ غفران هذا الذنب و مسح هذا العار . و إن رجى الهجوم عليهنّ أو إغتصابهنّ ؟ الذنب ذنب النساء . و إن جرى ضربهنّ و الإعتداء على حقوقهنّ ؟ الذهب ذنبهنّ . و إن تركهنّ أزواجهنّ ؟ الذنب ذنبهنّ . عدم الرغبة أو عدم تمكّنهنّ من إنجاب طفل ( أو طفل آخر ) أيضا ذنبهنّ .
و كذلك تقع تنشأة الأطفال الذكور على هذه الأفكار السامّة . يدرّبون على التحوّل إلى خدران و خرس و أوغاد بليديّ الذهن مسؤولين عن " حماية النساء " و عن " نقائهنّ " – و في الحقيقة ، على أن يكونوا قساة القلب و عادة فارضين للعنف خدمة هذا الهراء من عصور الظلمات .
و بالنسبة إلى الذين تقبض الكنيسة الكاثوليكيّة على حياتهم ، لن يكون ذلك مجرّد ممارسة خاصة بلا ضرر لمعتقدات وأخلاق خاصين . اللبّ الصلب لعقيدة الفاتيكان و البابا التي تزعم أنّه معصوم من الخطأ يهيمنان على الكنيسة الكاثوليكيّة ، و هما يورّطان و يوقعان بحياة الملايين و يهدّدان مستقبل أعداد أكبر من ذلك . و قيادة الكنيسة الكاثوليكيّة و عديد الكاثوليكيّين في مواقع قوّة يمثّلون القوّة المحرّكة لمساعى إعادة تشكيل القوانين في الولايات المتّحدة بطرق فظيعة تهدف إلى تركيز و مأسسة نظام تيوقراطي في هذه البلاد ، في مستقبل قريب جدّا .
الكنيسة الكاثوليكيّة و الهجوم الشامل على حقّ النساء في الإجهاض :
لكن مهما كان ذلك سيّئءا فهو غير كاف . فالكنيسة وقفت كذلك وراء هجوم طوال عقود إستهدف إفساد القوانين على هذه الأرض لتعكس عليها وجهات نظرها المخادعة . و يجد هذا تعبيره المكثّف في هجومها المتزمّت على حقّ النساء في تقرير مصيرهنّ و تصوير ما إذا و متى تنجب طفلا أم لا .
لقد كان الكاثوليكيّون اليمينيّون حجر زاوية في الحركة المناهضة للإجهاض في الولايات المتّحدة منذ 1967 . وهي حركة إقترفت 8812 عمليّة عنف بما في ذلك القتل و التخريب ضد مقدّمي خدمات الإجهاض بين 1977 و 2017. و يتزايد العدد فقد جاء في تقارير مقدّمي خدمات الإجهاض أنّ في سنة 2020 سُجّل " ارتفاع في عدد عمليّات النهب و الهجمات و الترهيب و التهديدات بالقتل و إلحاق الضرر و الملاحقة و الطرود المفخّخة المريبة نسبة إلى سنة 2019 ". و الكاثوليكيّون الذين يعارضون ذلك يتعرّضون إلى الهجوم و النبذ .
و من الدلالة بمكان أنّ خمسة من تسعة قضاة في المحكمة العليا التي يمكن أن تصدر قريبا قرارا بشأن قانون رو مقابل وايد ( Roe v, Wade )، قرار المحكمة العليا لسنة 1973 بتقنين الإجهاض عبر البلاد ، فاشيّون كاثوليكيّون ، و قد أظهروا كلّ المؤشّرات على أنّهم سوف يبترون أو يلغون هذا الحقّ . ( و القاضية السادسة من العدالة الكاثوليكيّة ، سنيا سوتومايور ، ليست جزءا من اليمين الفاشيّ للمحكمة و من المؤكّد تقريبا أنّها ستصوّت ضد الإنقلاب على قانون رو مقابل وايد .
كنيسة القدّيس بتريك في مدينة نيويورك ضمن المؤسّسات الكاثوليكيّة الأشهر في هذه البلاد . وهي و على رأسها تيموتى أم دولان ، لمدّة زمنيّة طويلة كانت في مقدّمة الهجوم و البحث عن إنكار إنسانيّة جميع النساء و إلغاء حقّ أساسي من حقوقهنّ ، حقّ الإجهاض .
عندما تتحوّل عقيدة الكنيسة إلى قانون حكومي :
و حتّى ضرر أكبر يلحق بالنساء و الفتيات و بدعم من المؤسّسات الحكوميّة ، عندما تصبح عقيدة الكنيسة قانونا . ففي 2019 ، " لوسيا " ، فتات سنّها 11 سنة من شمال الأرجنتين وقع إغتصابها ثمّ سُلّمت لقسم س ( قسم القيصريّة ، سيرورة عمليّة جراحيّة ) ضد إرادتها . و قد حُرمت من الإجهاض عقب أسابيع من الإقامة بالمستشفى . و بعث رئيس الأساقفة المحلّى برسائل إلى " قطيعه " ل " يحرسوا الجنين ". و قال طبيب بالمنطقة : شمال الأرجنتين هناك الكثير من أمثال لوسيا و هناك الكثير من المحترفين بمجال الطبّ الذين يديرون ظهورهم لهنّ ". ( في 2020 ، هزّت إحتجاجات جماهيريّة الأرجنتين و أضحت حقوق محدودة في الإجهاض قانونا ).
و بالسلفادور ، منذ 1998 ، أكثر من 140 امرأة متّهمة بإجهاض جنين وقع سجنها و صدرت ضد بعضهنّ مددا بلغت 35 سنة سجنا . و قد وصفت امرأة كيف أنّ فتاة عمرها 30 سنة تدعى مانويلا قد قامت بعمليّة إجهاض في المنزل طوال سبعة أشهر وهي حامل . و قد إتّهمها العاملون بالمستشفى بإجهاض جنين و وقعت مقاضاتها على أساس إقتراف جريمة نكراء و صدر حكم ضدّها ب 30 سنة سجنا . و توفّيت بسجن لمفوما .
بعدُ هذه العقيدة تسبّبت و تتسبّب في ضرر فادح في الولايات المتّحدة :
في الولايات المتّحدة ، التأثير الضار للعقيدة الكاثوليكيّة على الرعاية الصحّية كان يتوسّع بشكل سريع و بعدُ قد تسبّب في ضرر كبير بفرض عقيدة دينيّة رهيبة على الممارسة الطبّية . ( أنظروا ورقة معطيات للمزيد عن هذا ) . و جاء في تقرير ل " العالِم الأمريكي " أنّ المستشفيات المموّلة من طرف الكاثوليكيّين نمت بنسبة 26 بالمائة بين 2001 و 2016 و أنّ دراسة أنجزتها بيّنت أنّ" تحديدات خدمات الصحّة الإنجابيّة في تلك المؤسّسات أقلّ ب 9.500 من العلاقات الأنبوبيّة سنويّا." ( وهي شكل من أشكال منع الحمل ) . و في عديد المناطق عبر البلاد ، لا وجود لرعاية صحّية أخرى ، و في خمسة ولايات ( الآلسكا و لوا و جنوب داكوتا و واشنطن و فسكنسين ) 40 بالمائة أو أكثر من كلّ أسرّة العناية المركّزة في الولاية توجد في مستشفيات تسير وفق تحديدات كاثوليكيّة .
و تحصل هذه المستشفيات الكاثوليكيّة على تمويلات فدراليّة إلاّ أنّها حصلت أيضا على إستثناءات فدراليّة و إستثناءات من طرف الولاية ما سمح لها برفض تقديم بعض خدمات الرعاية الصحّية التي تكون في نزاع مع العقيدة الكاثوليكيّة على غرار الإجهاض و عمليّات التعقيم . و تسعى أنظمة الرعاية الصحّية الكاثوليكيّة إلى توسيع نطاق الإستثناءات الدينيّة أكثر من تكريس السياسات الحكوميّة ".
و سنة 2010 ، مستشفى جوزيف و المركز الطبّي في فينيكس أجرى عمليّة إجهاض و أنقذ بنجاح حياة امرأة حامل تعانى إرتفاعا في ضغط حاد في الرئتين . و قال الأطبّاء إنّه لو لم يوضع حدّ لحملها من المرجّح أنّها كانت ستموت نتيجة قصور في عمل القلب .
و قد أنهى الأسقف الكاثوليكي لفينيكس إرتباط الكنيسة بالمستشفى – لا لشيء إلاّ لإنقاذه حياة هذه المرأة و ليس حياة الجنين الذى كانت حاملا به ! و كذلك طردت الراهبة التى سمحت بإجراء العمليّة الجراحيّة ( و الطرد من الكنيسة أقسى عقاب يتّخذ في حقّها ).
و تمنع العقيدة الكاثوليكيّة الإجهاض في حال حصول إغتصاب و نكاح محرّم . و قد شرحت مجلّة كاثوليكيّة " إذا نشأ جنين نتيجة حمل ناجم عن إغتصاب فالطفل ببساطة بريء و ثمين كالمرأة التي كانت ضحيّة و عليه لا يجب قتل الجنين أنثى كان أم ذكرا بسبب أعمال مغتصب ". قبل كلّ شيء ، الجنين ليس طفلا و لا طفلة . و الأهمّ هو أنّ المرأة إنسانة تامة لا يجب أن تفرض عليها الكنيسة و لا الحكومة أو أيّا كان إنجاب طفل ضد إرادتها .
رمز جيّد و مناسب للإحتجاج عليه :
لقد كان جعل النساء في تبعيّة للرجال مزروعا ومؤسّسا بعمق في الكنيسة الكاثوليكيّة لألفي سنة( طوال كامل فترة وجودها). البطرياركيّة / النظام الأبوي ( حكم الرجال ) و التحكّم في جنسانيّة النساء و إنجابهنّ هو الجوهر الرهيب للعبوديّة المفروضة على النساء من قبل الرجال .
كلّ هذا الإضطهاد الباعث على الغضب و الفاسد هو ما تدافع عنه الكنيسة الكاثوليكيّة و تفرضه . و التنكّر لحقّ الإجهاض أساسيّ لهذا الإستعباد . و ماذا يعنى قول إنّ أرقى طموحات المرأة أن تكون أمّا ؟ ماذا يعنى قول إنّ جنينا " ببساطة ثمين كالمرأة " ؟ هذا يعنى في رأي و سلطات الكنيسة الكاثوليكيّة أنّ المرأة ، فوق كلّ شيء ، حاضنة ؟
لا !
الأمومة الإجباريّة إستعباد للنساء !
أين ستكونون في 27 فيفري ؟ و ماذا ستفعلون ؟
See also:
o WOMEN’S RIGHTS ARE IN A STATE OF EMERGENCY!! To build for mass protests on March 8, International Women s Day, @3pm in -union- Square, we are calling on women who suffered before abortion was legalized, along with their daughters, granddaughters, partners and all who care to:
Speak Out at St. Patrick s Cathedral (5th Ave between 50th & 51st Streets)
Sunday, February 27, 1:30 pm (as Mass lets out)
We Refuse to Let the Supreme Court Deny Women s Humanity & Decimate Abortion Rights!
-----------------------------------------
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟