إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي
(Driss Jandari)
الحوار المتمدن-العدد: 7180 - 2022 / 3 / 4 - 15:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ركز بعض المحللين على فارق الخبرة بين (فلاديمير) بوتين و (فلوديمير) زيلنسكي، و أسس على ذلك حكما حاسما بتميز الأداء السياسي لبوتين في مقابل تواضع الأداء السياسي لزيلنسكي، و بناء على هذا الحكم أسس حكما آخر بنجاح بوتين في المعركة على حساب زيلنسكي !
ما قد يخفى على هؤلاء المحللين، هو أن الغرب من خلال دعمه لانتخاب زيلنسكي رئيسا لأوكرانيا قد راهن على شعبيته لتوحيد الأوكرانيين، و دعم الحس القومي لديهم من أجل تهييئهم لمواجهة التحديات التي يفرضها الجوار الروسي الصعب.
و بالإضافة إلى شعبيته الواسعة، يتميز زيلنسكي بحس قومي أوكراني روس-فوبي، و قدرة فائقة في التواصل السياسي مكنته من مشاركة هذا الحس القومي شعبيا، و تشكيل روح أوكرانية جديدة تؤمن بخصوصيتها، و تناوئ التواجد الرمزي الروسي لغة و ثقافة بله التواجد السياسي و العسكري !
لمسة زيلنسكي واضحة في المشهد الأوكراني العام المقاوم للغزو الروسي، خارجيا و داخليا، و لا أحد بإمكانه دحض ذلك !
* خارجيا، نجح زيلنسكي في التسويق لمظلومية أوكرانيا في وسط الرأي العام العالمي، و حصد دعما شعبيا عالميا غير مسبوق، بالإضافة إلى حشد دعم النخبة السساسية الغربية، و التسلل إلى الداخل الروسي حيث تمكن من اختراق مشاهير و أثرياء روسيا الذين عبروا، بشكل صريح، عن معارضتهم للغزو.
* داخليا، تبدو لمسة زيلنسكي أكثر وضوحا في إقناع النخبة السياسية و العسكرية الأوكرانية بخيار المقاومة، بشكل فاجأ بوتين الذي كان يراهن على استسلام النظام الحاكم. لكن، التأثير الأكبر لزيلنسكي يظهر على مستوى تأسيس و قيادة المقاومة الشعبية ضد الغزو الروسي، بل و التوجه إلى تطعيمها عبر استثمار العواطف الروس-فوبية المنتشرة في الجمهوريات السوفييتية المستقلة التي تمقت شعوبها كل ما يمت بصلة إلى الروس.
و باعتراف الروس أنفسهم، فإن محاولة غزو أوكرانيا لم تعد نزهة كما كان بوتين يخطط ! بل تؤكد الإحصائيات على فقدان آلاف الجنود الروس، قتلا و أسرا، مع خسائر فادحة في العتاد، مما ساهم في عرقلة الحملة العسكرية الروسية و أطال أمدها بشكل غير متوقع. و يعود الفضل في كل هذا إلى المقاومة الصلبة التي أبداها الأوكرانيون ضد الغزو الروسي، بقيادة زينلسكي الذي أبدى قدرة فائقة على حشد الشعب الأوكراني و توجيهه نحو مقاومة الغزو.
السياسة خبرة، هذا أكيد ! لكنها كذلك كاريزما و قدرة على الإقناع و الحشد، و خصوصا إذا تعلق الأمر بمقاومة شعبية توظف قدراتها الذاتية لصد عدوان أجنبي مفروض عليها. و لعل هذا، هو ما لم يحسب حسابه بوتين، نفسه، حينما استهان بزيلنسكي و نظامه، و ظن أن فقدانه للخبرة السياسية و العسكرية يمثل نقطة ضعف يجب استغلالها للإجهاز على أوكرانيا، و فرض نظام سياسي عميل شبيه بذلك الذي أسقطه الشعب الأوكراني عبر ثورة شعبية ! لكن، الرياح جرت بما لا تشتهيه سفن بوتين، و هو الآن في عين العاصفة التي لن يخرج منها سالما !
#إدريس_جنداري (هاشتاغ)
Driss_Jandari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟