رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 7178 - 2022 / 3 / 2 - 21:17
المحور:
الادب والفن
الأفعال في قصيدة
"صورة بالية"
عمر أبو الهيجا
"صورة بالية
كل ما أريده الآن
أن أتسرب كالضوء إلى إبط الليل
أتلو كتاب الوحدة
وأغيب طويلا
أمعن في إيقاع الموت
أنام تسندني الشاهدة
كل ما أريده الآن
صورة بالية
يلفها شريط الليل
وجدار وحيد.
لا يميل"
تعتمد القصيدة على أربعة أفعال مركزية، الفعل الأول "اتسرب" جاء ببطيء، وهو يحتاج إلى وقت، لكن الشاعر لم يحدد (زمن/وقت) لهذا الفعل، بينما الفعل الثاني "أغيب" يعطي مدلول الزمن الطويل، وهذا ما أكده حينما فصلة قال: "طويلا" لكن كلا الفعلين بعطي معنى (الاختفاء، الاعتزال)، أما (مبررات) هذا الاختفاء/العزلة نجدها في الفعلين: "أتلو، أمعن" فالأول متعلق بالمعرفة والاستمتاع بها، والثاني متعلق بالتفكير العميق، وهذا ما يجعل الأفعال تخدم فكرة (النبوة/الرسالة) التي يحملها الشاعر.
ونلاحظ أن هناك تكرار للفظ "الليل" وهذا يشير إلى (الوقت) الذي يراه الشاعر مناسبا للقيام بالقراءة/"أتلو" وبالتفكير/"أمعن".
أما عن أسباب هذا العزلة ودوافعها فتكمن في: "إيقاع الموت" وهذا الأمر فيه شدة ويحتاج إلى مؤازرة من الآخرين، لأن لفظ "الموت" والتفكير فيه يحمل القسوة، فكانت "الشاهدة" هي من عاون الشاعر على (اجتياز) التفكير ب"إيقاع الموت".
بعدها أن حضرة الأنثى في: "أسندتني الشاهدة" (خرجت) القصيدة عن مساقها، وأخذت تتجه خلف (التظليل) من خلال:
" كل ما أريده الآن
صورة بالية
يلفها شريط الليل
وجدار وحيد" إذا ما توقفنا عن المذكر "شريط/جدار" والمؤنث "صورة" يمكننا القول: أن الشاعر (تخلى) عن فكرة القراءة/أتلو، والتأمل والتفكير/أمعن، من ثم عن حالة (النبوة/الرسالة) التي اشارة إليها في فاتحة القصيدة، وغرق في صورة العلاقة بين الذكر والأنثى، فجاءت الأنثى بصورة قوية، بحيث استطاعت إخراج الشاعر من حالة يريدها ويسعى إليها، إلى حالة أخرى مغايرة.
لكن، هل يمكن أن يكون العنوان "صورة بالية" هو تصوير للحالة التي وصل إليها الشاعر بعد تخليه عن (الرسالة) أم أنه أراد تقديم فكرة أخرى؟، اعتقد أن العنوان مرتبط بالحالة التي وصل إليها الشاعر، فبعد أن تخلى عن الفعلين "أمعن، أتلو" تمسك بالعزلة "جدار" ليس للقراءة والتأمل ب"إيقاع الموت"، بل (ليخفي) ما وصل إليه من رتابة لم يعد يحتملها، وبهذا يكون الشاعر قد احتفظ بالشكل/العزلة "أتسرب، أغيب، جدار" وتخلى عن المعرفة/أتلو وعن التفكير/أمعن.
وهذا يقودنا إلى بدايات الشباب، بدايات السير في طريق المعرفة والتفكير للتغيير، ونهايات الشيخوخة التي وصلت إلى اليأس/القنوط والمتمثلة في السلوك (العادي) للأفراد.
هذا ما نجده في الشكل الخارجي للقصيدة، وهنا نطرح سؤال: هل ما أراده الشاعر تقديمه صورة بائسة/عادية، أم أن المضمون الداخلي لقصيدة يحمل أفكارا أخرى؟ اعتقد أن تحليل القصيدة يحتاج إلى قراءة/أتلو ويحتاج إلى تفكير/أمعن، بهذا يكون الشاعر قد جعل لقارئ يمارس دوره هو، ويكون قد أوصل نهج القراءة والتفكير إلى المتلقي بصورة غير مباشرة.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟