الديناصوري يحاور عاملون الليل الظالم ويمنحهم رسائله المشفرة وقلبه العليل

محمد احمد الغريب عبدربه

الحوار المتمدن-العدد: 7178 - 2022 / 3 / 2 - 10:52
المحور: الادب والفن
    

يقول الشاعر اسامة الديناصوري: كنتِ ستموتين بين ذراعيّ/أليس هذا ما اتفقنا عليه؟/ماذا أصنع إذن بأقراص الفاليوم/التي اشتريت لكِ منها علبة كاملة؟/هل أبلعها أنا!،، في أحدي أيام السقيع وفجومية خيري شلبي تنضح في المكان، في كشك الأمن لحراسة أحدي الامكنة التي تحتل مكانة حثيثة بجانب ترعة المريوطية، تتبدد النية في الكتابة النقدية، وروح الديناصوري تتجلي في خطوات المارة أمام بوابة المكان، في الظلام الدامس تسمع دقات الخطوات مع أنغام اسامة الدنياصوري الشاعرية، حيث يقول : نظّارتكِ السوداء/وبنطلونك الجينز، الرمادي، الضيق، الرث، الثرثار/وبلوزتك الكطّ القصيرة/وبلوزتك السخية/التي منحتني أشياء ثمينة.. يا له من شاعر كئيب استجم لبعض من فرط الحياة وسعادتها، لا يكتب الا للانتحار والالم، في هذه الاثناء مر أمامي صاحب محمصة تسأل عن موعد المباراة القادمة، وفك الملغز الجديد، قلت لنفسي لا اعرف شيئا الان عن الرياضة والمبارايات انا مجرد ناقد حذق يكتب الآن تداخلات كتابية ونقدية وادبية، فقلت لاستاذ علي صاحب المحمصة يا صديقي لا اعرف موعد المباراة واعطني بثلاثة جنيهات فول سوداني اسواني وكيس شيبسي بدون دهون مهدرجة.
اصدر الشاعر اسامة الديناصوري عدة دواوين وكانت مسيرته الشاعرية غير مستقرة، فيقول في احدي قصائده، في ديوانه "عين سارحة وعين مندهشة" الذي صدر في عام 2003 : أصدقائي مجانين/يلعبون بعنف/يرشقون بعضهم بجرادل الماء،/وقراطيس التراب./لكنهم في النهايةطيبو القلب.. الصور الشعرية في ديوان اسامة الديناصوري، تجذب القارئ حتي المعاصر، فقال بعض القراء ومرتشفي كلمات الشعر ومدمني الادب الحديث الجيد : يقول القارئ حازم قولاً ( هناك من الشعر ما ينزف دما عبر الكلمات، هذا الديوان هو أحد تلك الدواوين التي تعج بالتجارب الحية، رغم أنني لا أحب النثر كثيرا، لكنني أحببت قصائد كثيرة في الكتاب) وتقول القارئة الاخري هدي ( هذا الديوان من الكتب التي اخترتها بناء على عنوانها! وهذا يحصل في كثير من الأحيان. شدّني من أول ما وقعت عليه عيناي، اسم الكاتب والعنوان. أول مرة أقرأ فيها لأسامة الدناصوري، أسلوب رائع مع مواضيع قوية وجريئة.).
العاملون في الليل وفي الشوارع المظلمة بلا قلب، بلا رحمة وايضا هم اطفال صغار ينتظرون الصباح حتي يرون اشعة الشمس وهي تطرح علي الارض وعلي خطواتهم المرسومة نحو منازلهم للخلود للنوم، قلوبهم مثل قلوب النقاد لا يفهمون الديناصوري فقد اتهمه البعض بأن لغته هي لغة التقشف والبعد عن الجماليات، وتسألوا عن ادوات الشاعر وتقنيات الكتابة الشعرية، فلا يعرفون ان تجربة اسامة هي دليل واضح وكافي لكتابته وليس الادوات والجماليات الشاعرية. عم صبحي يزق عربة البطاطا في وقت الفجر، لا يعرف كم سيبيع اليوم، ولكنه يشدو بالبرودة، وانعدام المارة وانسحاب الاصوات حتي يظهر الصباح.
وفي يدي كتاب هسهسة اللغة للناقد رولان بارت في كشك الامن وكرسي بالي وحوائط بلا زخرفة حتي تقليدية، وانما تقشيرات في كل اتجاه وصوب، وايضا كنت اكتب عن الشاعر شربل داغر، يا له من فحل شاعري فخيم، وكان حول ديوانه المعظم والمعنون بـ " ياحياة، أتوق إليك، فتجيبني أتوق إليك"، الصادرة عن دار المتوسط عام 2019. ثلاثة شعراء يتقاسمان القصيدة ويتقاسمان الناقد ويتقسمان القارئ ولكن يفشلان جميعا في اصطياد الحب فقلبهم ذاب من عذوبة الشعر وفم القصيدة، مؤتمر جماهيري كبير لهؤلاء الشعراء يقام في كبارية الاوبرج في منتصف الظهر، فالقراء لا يحبون الشعر الا في منتصف اليوم فقط.
اسقبلهم مشرف المكان بترحيب كبير، مستر طه يرتدي ثياب رجل الامن كما هو في اجهزة المخابرات واجهزة الدولة، كان يشير باصابعه لتنظيم دخول احمد اليماني الشاعر المصري، وشربل داغر الشاعر اللبناني، والشاعرة جيهان عمر، كان الحضور ناقصا اسامة الديناصوري، فشعر مستر طه بالحزن وجلس يبكي كثيرا لفقدان اسامة، واشعاره الجليلة، يا لها من فرحة المؤتمر وحزن فقدان الديناصوري، كانت قاعة الاوبرج رديئة جدا، ولكنها سعيدة جدا، قديمة جدا ولكنها مبهجة جدا.
انوار الاوبرج وسيداته الموقرات ساهموا في نجاح الكرنفال الشعري، فقد ألقي احد المعلقين علي اعمال الشعراء الثلاثة، والفقيد الرابع في المؤتمر كلمة قصيرة حول قصائد داغر " شربل داغر ياه منه شاعر تمسك بعصب القصيدة ورقتها، وأدخل الدفء والرقة في معاني الكلمات، يتداخل مع الالاعيب الطفل المحلاة بالكريمة واللوليتا، يستدعي عنفوان السحر وتجلي القمر، صوت الشجر وهرولة العمال في الصباح يتجولون في ديوانه وقصائده"، ابتسمت الشاعرة جيهان عمر كثيراً ولكن بها غصه بقلبها لفقدان الديناصوري، مغني الاوبرج اطلق صيحات الغنا، كان يرتدي بدلة تشع نورا ينعكس علي قصيدة النثر وعلي تربيزات الحضور، كان اليماني محروجاً فكان يريد النوم ولكنه كان خائفا من مستر طه ومن نظراته الحثيثة، فهو يريد كل شئ ان يمر بنظام وأمان، فكر اليماني لحظة ان يطلب من كاتب المقال ان ينتهي من الكتابة حتي يذهب إلي بيته في مدينة القاهرة لينام فهو لم ينم منذ يومين فكان يكتب الشعر ويقوم بتزيين القصائد بأريحية جمالية.

#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات