أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال غبريال - الصعود في الممنوع- قصة قصيرة














المزيد.....

الصعود في الممنوع- قصة قصيرة


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 7177 - 2022 / 3 / 1 - 19:48
المحور: الادب والفن
    


صرخت أوتار البيانو في عنفوان شجي، حين استندت بمرفقي على أصابعه الأبنوسية. . مشيت إلى النافذة. أزحت الستار. فتحتها وأنا أتمطى. ارتشف صدري دفعة من النسيم القادم من جانب الحديقة الممتد حتى أقدام الربوة، التي تعلوها طاحونة الهواء، وقد بدأت في الدوران بعد خمول البارحة، مرددة أصداء سيمفونية صباحية أزلية. . عبرت عبر البهو مجتازاً البوابة الحديدية الضخمة، إلى الدرجات الرخامية الشهباء. المعروقة بالسواد. . نحو شجيرات الورد المتكاثفة في الناحية الشمالية من الحديقة. . كان الضباب ما يزال يحتضن براعمها المندسة بين الأوراق المبللة بالندى. والنجيل الداكن الخضرة يحتويها. . فراشة زاهية الألوان تعلو وتهبط. . ترفرف بجناحيها. ربما لتنثر الندى العالق بجسمها الرهيف. . تذكرت الجيوكندا. . ترسم الفراشة في حركتها خطوطاً في الهواء أشبه بتلك الابتسامة الغامضة، كأنغام يعزفها صباح لحبات ندى لؤلؤية. . تخيلتها هناك. ومازالت تبتسم. لزهرة برية تتفتح.
مشيت بجانب المروى. أتلمس مواطئ جافة تتحمل وزني الذي زاد أخيراً بصورة لم أعهدها من قبل. ربما هي سمة من سمات العقد الخامس، الذي داهمني على غير توقع، مصطحباً معه المزيد من اللون الأبيض، يصبغ به شعر رأسي، الذي يتقهقر مخلياً مواقعه، أمام أجناد الزمن التي لا تقهر.
برودة الليل مازالت تسري من جسم الصبح. تحملها نسائم تنذر بعاصفة في الطريق، بعد ليلة أمس الهامدة. . . . حلمت أنني أسبح عرياناً في بحيرة يتورد سطحها بالشفق. .عندما استيقظت. كان لجين الصباح يغزو جسد الليل المصلوب على خصاص النافذة. . كانت الجيوكندا أيضاً هناك. . كما كانت ترقبني وأنا أستحم في الماء والشفق، وقد سبب لي ذلك حرجاً كبيراًً. ربما لهذا أسرعت بالاستيقاظ. . . . وصلت إلى نهاية المروى، حيث البحيرة الكبيرة. مويجات رقيقة تداعب سطحها الفضي. . كانت بعض الطيور قد سبقتني إلى هناك. . . جلست على حجر كبير يطل على حافتها. في مواجهة التل الذي تتسلقه الشمس، وهي تخلع أردية المساء، ملقية بها عند السفح. . مازال هناك بعض من آثار ذلك الكوخ عند ذيل التل الملتحف بالظل. يتحدى عواصف الربيع والشتاء والنسيان. . . . .
مازالت بسمتها الطفلة حية أمام عيني. كقرنفلة تستحم في ندى الصباح. . يومها. حين أكمَلَتْ تسلق التل من جانبه الصخري شديد الانحدار، واستوت عند القمة تنفض الغبار عن ملابسها الزاهية. . كانت تلك لحظة خروج الضبع من الكوخ. في تراخ وكسل. . ربما كان أيضاً يتثاءب. . صوب بندقية من ذات الفوهتين. . اعتصر الزناد في بلادة. . أعقب ذلك صرخة مكتومة لعصفور أطبق عليه أحد الشراك المنصوبة بين الكروم. . . . كنت أضرب ماء البحيرة بقبضتي، وجسدي لا يستره إلا أشعة الشمس، التي بدأت تتألق على قمة التل. . أسند البندقية على عنق شجيرة برية، وحمل الجاروف، واتجه بخطوات رتيبة إلى ذات النقطة عند السفح، حيث أكمل جسدها الرقيق المصبوغ باللون الأحمر انحداره. واستقر بين الصخور الرمادية الملساء. تاركاً خطاً ممتداً، من القمة اللامعة إلى الأقدام المغمورة في بحر الظل. كقوس قزح بلون أحادي. أحمر قان. احتفظت به الرمال لبعض الوقت. . . . . يومها ركضت بسرعة بدت لي خرافية. . الماء والضوء العالقان بجسدي يتناثران مع الهواء في عكس الاتجاه. . . . . كانت ملابسي مازالت هناك. تحت ذلك الحجر المدبب، خلف شجرة الكافور العتيقة. . كنت أعلم أن كل شيء قد انتهى. وأن علي أن ألتف خلف قوس البحيرة الممتد، لأصل إلى هناك. . . . . عندما وصلت، كان قد حفر قبراً. وارى فيه جسدها الحبيب. . وأهال عليه التراب. وفوقه وضع شاهداً، ولافتة مكتوب عليها:
"هنا يرقد من خرق قانون حظر تسلق المرتفعات"
***
من مجموعة قصصية "ليلة فصح فرعونية"- الحضارة للنشر



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بداية ذئب- قصة قصيرة
- قراءة النصوص المقدسة
- اختلاف الرؤى الإنسانية
- المادية اللاماركسية
- آلهة وشياطين
- نحن ولغتنا الفصحى
- الإنسان وصناعة الآلهة
- 84 عاماً على حرب أكتوبر
- نحن والديموقراطية
- الإصرار على كليب حياً
- العماء والاستعماء
- العالم الغربي والإخوان المسلمون
- الميتافيزيقا - ماوراء الطبيعة
- المسألة الفلسطينية
- أنا واليهود
- اتفاقيات السلام ومصالح الفلسطينيين
- ماذا يحدث في الفيسبوك؟
- لبنان اليوم وغداً
- نقط على حروف لبنان
- لبنان حطام سفينة الحضارة


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال غبريال - الصعود في الممنوع- قصة قصيرة