أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - حرب إعادة التموضع














المزيد.....

حرب إعادة التموضع


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7172 - 2022 / 2 / 24 - 16:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع اندلاع الشرارة الأولى للتدخل الروسي في أوكرانيا أو هكذا يطلق عليه أعلاميا بدأت في عالم الجغرافية السياسية مفاعيل إعادة التموضع السياسي والعسكري للقوة في شرق أوربا، لنشهد لاحقا ولادة خريطة جيوسياسية جديدة قد تمتد بأثارها عقودا قادمة عديدة بمتتاليات القرار الروسي المدعوم سرا وعلنا من قوى كبرى عالمية وإقليمية، وترسخ معها توزيع التحالفات الدولية الحالية والقادمة التي ستطيح عاجلا بقوة التفرد الأمريكية في القرار العالمي المبني على قدرة الولايات المتحدة من التدخل في شؤون الجميع، وبعيدا عن شكل نهاية هذا التدخل والتكلفة التي ستدفعها أوكرانيا أو روسيا والتي لا يمكن المقارنة بينهما في ظل عجز حلفاء كييف في مد يد المساعدة في تقليل زخم الفعل الروسي على الرض، تبدو النتائج منطقية ومبررة أمام المواطن الروسي الذي تدفعه حالة الحرب إلى اليقين بأن مجاورة حلف الناتو له تكون أغلى ثمنا وأشد خطورة من المواجهة الحالية.
إذا العالم والمنطقة ستطل على مشهد مختلف ربما كثيرا عن مشهد التدخل العراقي في الكويت عام 1990 لأختلاف عميق في الحالتين والدوافع الحقيقية من وراء الحدث، ففي الحالة العراقية الكويتية كانت الخدعة الأمريكية هي التي مررت الرغبة العراقية في أحتلال الكويت ومن ثم الإجهاز عليه وفق رؤية واقعية تعلم الإدارة الأمريكية أن مجرد الإيحاء بها لبغداد ستجد رد فعل مرحب بل ومتحمس، لكنها في الوقت ذاته كانت تخفي على حليفتها الكويت القرار النهائي وطريقة الرد ومستواه، لتظهر نفسها لاحقا حامية حمى القانون الدولي وتبرر للعالم ما كانت تخطط له سابقا، في الحالة الأوكرانية الحالة معاكسة تماما فالسعي الأمريكي بدفع القيادة الأوكرانية للانضمام لحلف الناتو وبشكل علني والدفع بها لمواجهة الدب الروسي مع وعد تحجيم قوة الدي الذي يرى في تصرف كييف طعنة بالخاصرة لا يمكن السماح بها حتى بأستعمال القوة إن لم يتم الردع بها، النتيجة التي تحققت للآن أم أوكرانيا ستدفع ثمن حماقاتها التي شجعتها واشنطن عليها لتجد نفسها وجها لوجه بدون حلفاء فعليين امام موسكو وهي توقع مجبرة على ميثاق أو معاهدة جديدة تحرمها من أي تطلع خارج الفلك الروسي المعهود.
فيما لو حدث ما نتوقعه من إقرار كييف بحقوق موسكو التاريخية والفعلية وأستسلامها للرغبة الروسية الجامحة للدفاع عن أمنها القومي والأستراتيجي طويل الأمد، يعني ذلك أن المصداقية الأمريكية ووقع التدخل العسكري من الناتو أصبحت وهما وسرابا تتقاذفه التجربة الأوكرانية بعدما أثبت مرات عدة أن القرار الأمريكي الغربي ليس واحدا ولا متماثلا ولا حتى صادقا في الواقع، وأن ظهور روسيا كدولة منافسة ومشاركة في صناعة القرار الدولي والذي بدأ قبل ذلك في سوريا هو ما سيكون عليه النظام العالمي الجديد الذي يفرز بين مجموعات عسكرية أقتصادية مؤثرة، ومجموعات أخرى أقتصادية مالية لا تتمتع بالقوة العسكرية لتدافع عن نفسها بقوة المصالح الأقتصادية المشتركة، والتي ستقلل من مفعول القوة العسكرية الجامحة وتقلل أيضا من القدرة على التهديد بها.
كل الأحتمالات مفتوحة اليوم ومهيأ لتغيير شكل النظام العالمي الراهن والذي تأسس بعد أنهيار حلف وارشو وتفكك الأتحاد السوفيتي وظهور الزعامة الدولية بقيادة أمريكا وحدها، الغرور الأمريكي وسوء التصرف الناجم من هيمنة غطرسة القوة في ذهن المخطط الاستراتيجي الأمريكي، والظن أن قوة موسكو أنهارت مع سقوط جدار برلين أبتداء سيتيح لها التحكم بالعالم دون رادع يوقف الطموحات الأمريكية ومنطقها المتعالي، إذا فقدت واشنطن بهذا الغرور موقعها سريعا بقيادة عالم حر حقيقي وديمقراطي يشترك في صنعه الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي، وقد لا أكون مندفعا أكثر بقولي أن سقوط كييف مرة أخرى بالحضن الروسي سيعيد بناء الموضع الروسي الهجومي والدفاعي بدأ من جورجيا في مقابل المعسكر الأمريكي الغربي، لينكفئ للوراء تاركا الدول المستقلة الحديثة في شرق أوربا تحت شهية الدب الروسي الجريح والمحتاج للقوة كي يثبت أنه على فيد الحياة، بذات الوقت ستكون الخسارة الأمريكية أعظم من خسارة روسي على المستوى الأقتصادي الدولي وعلى مستوى العلاقات مع أوربا.
إن سلاح العقوبات الأقتصادية ضد روسيا قد لا يجدي نفعا في لي الرغبة لدى موسكو في وقف تحركها لأستعادة الموضع الروسي في شرق أوربا دفاعا عن المصالح والاستراتيجيات والأمن القومي، خاصة مع تشابك المصالح الكبرى مع غرب أوربا وحاجتها للطاقة الروسية القريبة ووجود الأستثمارات المشتركة بين الطرفين الذي لا يمكن أن تتضرر بتلك العقوبات بشكل أو بأخر، وموسكو تعلم جيدا وتفهم قواعد اللعب بالنار وتجيد فن المراوغة والحوار بالمصالح إضافة للحوار بالقوة، هذا ما يمنحها سقفا عاليا من التوقعات بشأن الضرر المحتمل منها، وبالتالي فالمتضرر الأكبر لن تكون روسيا وحدها بل شركائها الاقتصاديون ومنهم تحديدا ألمانيا وفرنسا اللذان يقودان خطا أخر داخل أوربا والناتو في طريقة التعامل والرد على تحرك موسكو الراهن، وهو ما يشير له المختصون بالعصا التي تضع في عجلات تدخل أمريكا في القضية الأوكرانية وأضعفت مستوى الردود التي كانت تتأملها كييف من واشنطن.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتطفات من وحي الروح
- العبادة البديلة
- نداء ... للعقل والحرية
- صباحك يلا منجل ولا مطرقة
- كأسي الأخير في الليلة الأخيرة وحديث الروح
- هذيان الرب
- فصة المسيح الضال
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 30
- زمن القبائل بدائية
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 29
- رغبة قهرية
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 28
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 27
- أنت فاسد
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 26
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 25
- وجه أخر لعالم جديد
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 24
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 23
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 22


المزيد.....




- بأمر من بوتين.. هدنة إنسانية بعيد الفصح
- مصر.. إخلاء سبيل -بلوغر- شهيرة بكفالة بعد ادعاء سرقة وهمية ( ...
- نتنياهو نخوض حربا على عدة جبهات وثمنها باهظ
- عرض مميز في حوض للأسماك بالبرازيل بمناسبة عيد الفصح
- سلسلة غارات جوية أمريكية تستهدف مواقع متفرقة في صنعاء
- عراقجي يلمح إلى استحالة العودة إلى اتفاق عام 2015 بشأن البرن ...
- ماسك يدلي بتصريح -قاس- عن الولايات المتحدة
- -القسام- تنفذ كمينا مركبا ضد قوات الجيش الإسرائيلي المتوغلة ...
- مالي تصف -هدنة عيد الفصح- بأنها لفتة إنسانية مهمة من بوتين
- سموتريتش يدعو نتنياهو إلى حكم غزة عسكريا وتغيير أسلوب الحرب ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - حرب إعادة التموضع