أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد عبد اللطيف سالم - أصول الخراب العراقي العميق














المزيد.....

أصول الخراب العراقي العميق


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 7171 - 2022 / 2 / 23 - 13:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كلّ تاريخ العراق "الحديث"، لا يزيد عن مائة عام.
قبل ذلكَ أيضاً، مثلما هو أثناءه ..
كان خرابُنا (دائماً)..عميماً .. وضارِباً في القِدم .
كانت تجارتنا "ترحاليّة"، فلم يُراكم تجّارنا رأس المال في العراق، بل راكموهُ في إيران والهند وتركيا.
كان "تُجّارَنا" في أفضل أحوالهم"شِلّةٌ" من "الكومبرادور" الذينَ يتطفّلونَ على "احتياجاتنا" في المدنِ ، أو "مُلاّكاً" شبه إقطاعيّين،غائبينَ عن الريف، حيث "السراكيل" تقومُ بواجبها في "دبغ" جلود "أجدادنا"المسلوخة.
كانت صناعتنا أوليّة، وبائسة، و"صغيرة"، وكان أكبرها "تجميعيّا" لا غير، فلم نتقدّم خطوةً"حقيقيّةً" واحدةً في أيّ مجال، ولم يكبَر المصنع، ولم تتنوّع السِلَع.. ومع ذلك، تمّ تدميرُ كُلّ ذلكَ لاحِقاً، وعُدنا إلى عصور ما قبل الصناعة.
كانت زراعتنا "آشوريّةً" و"أكّدِيّةً" و"سومريّةً"، وما تزال، لنعودَ(لولا تصدير النفط مقابل المحاصيل المُستَوردَة)، إلى عصر الجوع.
كانت أموالنا تعبرنا الى بلدان أخرى، ولم نحصل منها إلاّ على الفتات.
كانت خيراتنا في مجملها للآخرين، وليس لنا سوى الرماد والسَبَخ.
كُنّا، وما نزال، ممنوعين من"الأنتقال" لوضعٍ أفضل، ولنمطٍ إنتاجيّ أفضل، ولنظام اقتصاديٍّ أكثرُ تطوراً مما نحنُ فيه.
كُنّا ، وما نزال، محرومينَ من عيشِ حياةٍ أكثر رفاهيةً(بمالنا ومواردنا المتاحة)، ومن ممارسةِ سلوكيّات وتصرُفّاتٍ أكثر رُقِيّاً، من خلال عشرات "التنظيمات" الإجتماعية والسياسية "غير التقليدية"، التي ما لبثت أن أكلت نفسها وأبناءها، وخاضت في وحلها ودمها، وفي وحلنا ودمنا أيضاً.
كان معظمُ "زعمائنا"، و "قادتنا"، و"أولي الأمر والنهي" فينا(سياسياً واجتماعياً)، مجرّدَ "أقنانٍ" صِغارٍ تابعينَ، و"مُلتَصقينَ" بـ "العثمانيين" ، و"البريطانيّين" ، و "السوفييت"، و"الأمريكيّين"، و"لآخرينَ" أيضاً، وما يزالون، إلاّ ما رحمَ ربّي.
كان العراقيّون(دائماً)، وما يزالون، أعداءَ أنفسهم.
حاولت "قِلّةٌ"هائلةٌ منهم أن تعكِسَ هذا المسارَ "الانتكاسي"، من خلال الأدب والفنّ و"التنظيم" والعلمِ والفكرِ والعقلِ والتربية والتعليم.. فتمّ عزلها، وتهميشها، وسحقها ببطءٍ وتصميم،على مدى خمسينَ عاماً.. وكان ذلكَ قد تمّ دونَ رحمةٍ بها من قبل جميع"الأنظمةِ"التي تعاقبتْ على حُكمنا، والتحكّمِ برقابنا ومصائرنا .. ليعودَ العراقُ بذلك"حَضاريّا" إلى عصر ما قبل الكتابة.. بل إلى عصر ما قبل الإقطاع.. بل إلى عصرما قبل الريف.. بل إلى عصر ما قبل البداوة.
كانت هذه، وماتزال، هي تفاصيلُ الخرابُ العراقيُّ العميق.
أخيراً.. ليسَ هذا عَرضاً سوداويّاً لروحٍ إنهزامية سلبيّة .. ولا "جَلْداً" للذات.
هذا "استعراضٌ" سريع لخرابِ "الذات" التي لم يَعُد لديها "جِلْدٌ" يُغطّيها.
الذات التي لم تعُدْ تمتَلِكُ"جِلداً" قادراً على المقاومة، وقابلاً للإحتمال.
الذات التي تمسّكَت طويلاً بـ"جِلْدِها" الوطنيّ، إلى أنْ اهترأ من كُثْرِ ما تناوشتهُ السِياط.
مع ذلك ..
المجدُ للقادمين.
المَجدُ لـ "الثوّار"..
نعم "الثُوّار"..
الذين لا يُرمّمونَ جلوداً قديمة، ولا يَستبدِلونَ "جِلدَ" مرحلةٍ ما ، بـ "جِلْدِ" مرحلةٍ أخرى، بل يُعيدونَ زراعةَ الجلود القادمة من الضوء.. فوق المساماتِ والأرواحِ والأنفُسِ التي أنهكها الخراب.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيّدة البيت والسيّدة سعاد حسني
- إلى من يهمّهُم أمرُ الاقتصاد
- الإقتصاد العراقي بين دولار-غريشام-و دينار-الكِفاح-المجيد
- الإقتصاد.. اقتصاد.. وليسَ -فَزْعَة-
- شيءٌ من الرِكضِ وراءَ فُسحَةٍ للعَيْش
- الحربُ لنا والغزو.. لا سلامَ لنا.. لا شيء
- وقتٌ للخذلان .. وقتٌ لأنسى
- أنتِ التي يشبهُ وجهها الضوء
- عندما أحبّبْتُ لأوّل مرّة
- الملك فيصل الأوّل : البرنامج الحكومي 1932
- هذا هو العالَم
- أصدقاء الفيسبوك و ثواب سورة الفاتحة
- الحزام والطريق، والحرير، و-الإتّفاقيّة العراقيّة الصينيّة- ( ...
- الكائناتُ وما تستحِقّ
- ذلٌّ بارد .. ذلٌّ حار
- العراق: تاريخ الأقنعة والوجوه والجلود المدبوغة
- أمورٌ عاديّةٌ في بلدٍ غير عاديّ
- ضَعْ قدمَكَ على المجرفة .. وأبدأ بالردم
- سعاد حسني وأنا.. في هذه الحياة.. وفي حياة أخرى
- كازينو خام برنت


المزيد.....




- قوات كييف تستهدف منطقة بتروفسكي في دونيتسك بـ 5 قذائف خلال 1 ...
- المحرومون من تناول بعض أنواع الخضروات
- شاهد.. سيارات تتطاير في الهواء جراء إعصار ضرب فرنسا
- بايدن يتشبث بحملته الانتخابية في وجه الضغوط
- -أ ف ب- عن قيادي في حماس: الحركة وافقت على إطلاق مفاوضات لإط ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل محتجين مطالبين بإطلاق سراح الرهائن ...
- مخيم النصيرات.. مجزرة إسرائيلية جديدة
- ستارمر: دعمنا للناتو وكييف لا يتزعزع
- حزب الله: دمرنا أجزاء من قاعدة ميرون
- مصر تدين مجزرة النصيرات الجديدة


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد عبد اللطيف سالم - أصول الخراب العراقي العميق