رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 7170 - 2022 / 2 / 22 - 09:25
المحور:
الادب والفن
عندما يتماهي الشاعر مع نصه يدهش المتلقي، فالشاعر والنص/القصيدة يمتزجان معا، بحيث يتداخل علينا من كتب القصيدة، الشاعر، أم القصيدة من كتبته؟، وبما أن الشعراء يمتلكون مشاعر مرهفة، فهم الأقدر على لتعبير، والأكفأ على رسم الحدث/الحالة بواسطة الكلمات.
الشاعر "حمدان طاهر" يتحدث عن فقدان أمه، فخرج لنا بهذه الومضة
"أردت أن أكتب قصيدة
عن غيابك
لكن وجهك فاض
وأغرق كل شيء."
نلاحظ أن الشاعر لا يخاطب أمه كغائبة، بل كحاضرة وفاعلة ومؤثرة، من هنا استخدم "أردت أن أكتب عن غيابك" وإذا ما توقفنا عند هذا التعبير، سنجد أن يعود/ناتج عن العقل الباطن للشاعر، الذي يرفض الاعتراف/التسليم بحقيقة غيابها، لهذا هو يحدثها على أنها حاضرة وموجودة.
الشاعر يقنع نفسه ويقنعنا أنها ما زالت حاضرة من خلال: "فاض، وأغرق" الفعلان يعطيان معنى الكثر، الزائدة والهائلة والضخمة، وإذا علمنا أنه نسب الفعلين لوجهها ـ تحديدا ـ نتأكد أن الشاعر يتحدث من خلال حالة حلول بينه وبين أمه، فوجد وجهها ـ وهو الأبرز في التذكير ـ "فاض وأغرق".
ونلاحظ أن الشاعر يختزل لكلام ويكثفه، بحيث (أخفى) (الورق) وجعله مجهولا، واستبدل القلم بوجهها، وهذا ما أحداث (طوفان) الكتابة، بحيث لم تعد (الأوراق) تتسع لما سيكتب عنها، وهنا يكون الشاعر قد أوصل مكانة أمه التي لا يمكن لأي كتابة أن تعطيها مكانتها، أو أن تقدر على وصفها، أو التعبير عما تحمله من مكانة.
الومضة منشورة على صفحة الشاعر.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟