|
محطة روشوشوار[ تلك باريس]
نجيب طلال
الحوار المتمدن-العدد: 7167 - 2022 / 2 / 19 - 03:55
المحور:
الادب والفن
نــجيب طــلال قريبا من محطة الشمال للقطار؛ في اتجاه منطقة ( باربيس/barbés) مرورا بالمستشفى الجامعي [لاريبواسير/ Lariboisière ] والذي يُعـد معلمة تحكي عن صولة الطب الباريسي . نصادف محطة [ روشوشوار/ Rochechouart ] هي محطة لمترو؛ تقع في مفترق منطقة ( الشابل/ chapelle) و( باربيس/barbés) ولقد عمرت طويلا(1903 ) ولازالت قـوية ومتينة ! ولكنها تدخلك في عالم آخر؛ عالم يغـْسل دماغـَك بسرعة البرق لحظة المواجهة الأولى أو الزيارة الأولى. لكي تنسى أنك في باريس. ( تلك ) المدينة التي يقال عنها عاصمة الأنوار؟ ولكن حينما يتكرر مرورك ؛ أو زيارتك؛ تكتشف ما لم تتوقعه في باريس ! أي نعم مـحـطة [روشوشوار] هي محـطة > ولكن تقحمك في فضاء آخـر؛ فضاء ما هو باريسي ولا إفريقي ولا عَـربي ولا أسيوي؛ إنه فضاء مكتظ بالعباد ويعُـج بالراجلين الذين يصنعون كثافة وعرقلة في حركة المرور ، ناهينا عن الضوضاء والفوضى واختلاط الأصوات النابعة من خليط البشر المتمركز هناك أو من المارة !! شباب وشيوخ ورجال وعجزة ونساء يحتلون أغلبية الأرصفــة هنا وهناك؛ وخاصة قرب قاعة سينما ( الأقصر/ Le Louxor ) التي لها تاريخ الحضور ابتداء من سنة 1921 ولازالت تشتغل لحَـد ( الآن) وتستقبل عشاقها ومشاهديها؛ عكس أغلبية الدول العربية ؛ التي هَـدمت كل القاعات السينمائية (و) المسرحية ؛ إنه التفكير الإسمنتي ؛ في أوطان اقرأ ياسلام ! أما رجال الشرطة والقوة المحلية ؛ فيتمركزون تحْـت جسر المترو؛ وذلك حَـسب الظرفية اللوجيستيكية ؛ مع مرور دورية راجلة للشرطة أمام المحطة ، وحتى دورية الدرك الوطني في بعض الأحيان. فكلا الطرفين يتربَّـصان فيما بينهما ؛ شرطة تتحين فرصة الانقضاض على الشباب الذين يبيعون السجائر المهرّبة بطريقة غير شرعية وأصناف المخدرات والخمور وأنواع الحبوب المهلوسة والشمة الجزائرية ، من أجل العَـيش وتوفير قوتهم اليومي، في ظل وضع قاس يعيشونه منهم : الحراكة ؛ والعاطلين ؛ والمتشردين؛ والمطاردين والمبحُـوث عنهم جنائيا. ناهينا عن عملية النـَّشل والسَّرقة بطرق فنية واحترافية ؛ خاصة ( الهواتف النقالة) لأن سوقها قريب .إضافة لتحويل العملات بسعْـر السوق السوداء. التي لاتعرف من يحركها ومن يقوم بها هل الباعة المنتشرين على الأرصفة ؛ الذين يبيعُـون ما لا يخطر على بال من الأواني والآليات والملابس والمتلاشيات والإلكترونيات ؟ أم الرجال المنتشرين بين جنبات المحلات المجاورة للسينما أو الرصيف المؤدي لأكبر سوق ممتاز ( طاتي/ Tati) في المنطقة ؟ أم الشيوخ الذين تراهم يتحاورون ويعيدون ذكـْريات الهجرة والحروب الجزائرية / الفرنسية ؛ والحرب العالمية الثانية ؟ إنها محطة [ روشوشوار/ Rochechouart ] من أكثر المحطات شعبية في باريس، ومن أكثر المناطق صخبا وغرابة ؛ إذ تشعر تلقائيا ، أنك إما في محطة أولاد زيان الدار البيضاء/ المغرب ؛ أو أنك في باب الواد بالجزائر العاصمة أو سوق لاباستي بوهران؛ أو أنك في سوق سيدي بومنديل بتونس ؛ بحيث لا تكاد تسمع للغة الفرنسية صوتا، بل السائد أصوات ولهجات مغاربية ؛ وأغلبها جزائرية . إذ الملاحظ من حُـدود هاته المنطقة مرورا بمنطقة (كوت دور/ cotte Dor) ثم ( باربيس/ barbés) إلى مداخل منطقة ( سان دوني/ Denis- saint) كلها مغاربية وأغلبها جزائرية كما أشرت؛ هل هذا يعَـد استعمارا بديلا وغير مباشر لمدينة باريس؛ وإن كان البعض مقيما بدون وثائق إقامة ؛ ولا شرعية قانونية ؛ فالأغلبية تحميهم من المطاردة والإعتقال ثم الترحيل. هل هو إحساس بالغربة أم بالجذور الترابية أم بالقرابة العرقية والدموية ؟ أم إيديولوجيا لاشعورية ضد الفرنسيين ؟ هاته التساؤلات تفرض نفسها حينما ترى صفـا من المشعوذين والفقهاء والسحرة ؛ منتشرين عن يسار الرصيف المتجه إلى منطقة ( الطاحونة الحمراء/ moulin rouge ) يكتبون الأحجبة للنساء المغاربيات ؛ ؛ والمصادفة أنني تحاورت مع العديد منهم ؛ ووجدت أن أغلبيتهم مغاربة ؛ موطنهم مدينة فاس ونواحيها؛ والذي يزيدك غرابة أولئك العجائز الجالسين على كراسي مختلفة الأشكال، وهم يترصدون للعابرين !وفي أيديهم عيدان يستعملونها للكي؛ وإزالة ( العين الحاسدة) إنه عالم النساء الأكثر اعتقادا وإيمانا بالطب البديل وعلاج السحر والعَـين ! لكن في محطة [ روشوشوار] كـذلك الرجال يلتجؤون إليهم بدون خجل؛ لكن المعْـتاد في الأعراف الأولوية للفتاة والمرأة المغاربية ؛ وخاصة إن كانت ابنة بلد الفقيه أو الكاوي ! تلك هي باريس؛ عالم فنتازي ؛ غرائبي؛ أرخبيلي ، خليط ومزيج من العادات والثقافات والهويات والعقليات والسلوكات ؛ ولكن المحطات سر من أسرار هاته التركيبة السيكولوجية والسوسيولوجية التي هي جـد معقدة ( هناك).
#نجيب_طلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محطة الشمال ( تلك باريس)
-
الحي اللاتيني (( تلك باريس))
-
أي أفق للمسرح الرقمي في العالم العَربي ؟ - 02-
-
ماذا وقع لنا ؟
-
أي أفق للمسرح الرقمي في العالم العَربي ؟
-
تلك كورونا ؟
-
هل المسرحيون المغاربة أُقْبِروا ؟
-
نعيٌ مزدوج لسقوط مسرحي .
-
ذاك الذي عرض نفسه للبيع !!
-
أي نقاش مناسب لليوم الوطني للمسرح ؟
-
في أفق تنظير للمسرح الـكورونـي ؟ 2
-
في أفق تنظير للمسرح الكُوروني ؟ (1)
-
اليوم العالمي لمسرح كورونا -2- !!
-
نحن المسرح !!
-
انــدهــاش إبَّـان الفاجعَـة ياطنجيس!!
-
مراهقو الفايس بوك
-
باب ما جاء في احتفالية التضامن !!
-
مهرجان مَسرح الهواة : تأجيل أم إلغاء ؟؟
-
المتسول العربيد
-
رسـَـالة للـمُــهــرول الــمـسْـرحــي
المزيد.....
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
-
الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي
...
-
رحيل عالمة روسية أمضت 30 عاما في دراسة المخطوطات العلمية الع
...
-
فيلم -الهواء- للمخرج أليكسي غيرمان يظفر بجائزة -النسر الذهبي
...
-
من المسرح للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين، من هو زكريا الزبي
...
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|