|
المتسكع
سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 7160 - 2022 / 2 / 12 - 13:24
المحور:
الادب والفن
هواجس السيد نون 30 - المراقبة
ولا شك أن السيد نون خرج من المقهى ناسيا مظلته، لأنه في هذا اليوم عاد إلى حجرته في الطابق الثاني مبللا وهو يعطس ويرتجف من البرد، ورغم ذلك فقد اتجه مباشرة إلى الطاولة وأخرج كراسته. أراقب يد السيد نون الممسكة بالقلم وهو يتحرك على ورق كراسته ذات المربعات الصغيرة، وكنت أستطيع أن أدرك كل ما يدور في ذهنه تقريبيا وأعرف ما يفكر فيه، وأحيانا أستطيع أن أخمن الكلمة أو الجملة حتى قبل أن يخطها على الورق. وعندما يكف عن الكتابة لسبب أو آخر ويترك القلم بين صفحتين من الكراسة المفتوحة، عادة ما يتجه إلى النافذة ويطل برأسه إلى الخارج محدقا في السماء أولا ثم يدير رأسه ناحية اليسار للحظات ثم ناحية اليمين مراقبا الحركة المستمرة في الشارع، حركة المارة والسيارات والعربات المختلفة وصياح الباعة وزحمة وضجيج السوق في منتصف النهار. يبقي هكذا للحظات طويلة متكئا بمرفقيه على حافة النافذة ثم ينتصب فجأة ويستقيم واقفا ويقفل مصراعي النافذة ويتجه إلى المدخل ويأخذ معطفه المعلق في شماعة وراء الباب، ثم ينطلق خارجا. واستمع إلى خطواته وهو ينزل درجات السلم حتى الطابق الأول ثم تخفت تدريجيا حتى يختفي الصوت تماما. وفي بعض الإحيان عندما لا أكون مستلقيا على السرير فقد أتجه بدوري إلى النافذة، كما هو الحال في هذا الصباح الممطر، وأطل برأسي متفاديا البلل وأراقب السيد نون وهو يخرج من باب المبنى بمعطفه المميز حيث يفتح مظلته إتقاء للمطر ويتجه ناحية اليمين بخطا مسرعة على الرصيف الذي يرتاده قليل من المارة في هذه الساعة المبكرة من النهار، متحاشيا أن يصطدم بمظلته المفتوحة بأحد المارة ومتحاشيا أن يلمس أحدا أو يلمسه أحد. أظل أراقب جسده الطويل وهو يتحرك حتى يختفي في شارع أو زقاق جانبي من الشوارع والأزقة التي تتكون منها خارطة تنقلاته اليومية. وحتى بعد أن يختفي، أواصل تتبع خطواته في شوارع المدينة وفي الطرق المهجورة وداخل المقاهي والحانات التي تعود على إرتيادها من حين لآخر.
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشاعر الصوفي
-
عن القهوة والبطيخ
-
الشعر والصوفية
-
الأنا والغيرية
-
الشك
-
تعرية الله
-
الوعي وتكوين ال - أنا -
-
الحجرة
-
رواية -النسخة- لدوستوييفسكي
-
عن الإنس والجن
-
السرير
-
العودة للحياة
-
المنطق الرياضي لمعرفة الخير والشر
-
تفاصيل يوم الحشر
-
قراءة القرآن
-
- أنا - لم تكتب هذا النص
-
الحجر الجيولوجي والحجر الأركيولوجي
-
عناقيد الهموم
-
الإنسان الإلكتروني
-
رطوبة الصمت
المزيد.....
-
الثقافة السورية توافق على تعيين لجنة تسيير أعمال نقابة الفنا
...
-
طيران الاحتلال الاسرائيلي يقصف دوار السينما في مدينة جنين با
...
-
الاحتلال يقصف محيط دوار السينما في جنين
-
فيلم وثائقي جديد يثير هوية المُلتقط الفعلي لصورة -فتاة الناب
...
-
افتتاح فعاليات مهرجان السنة الصينية الجديدة في موسكو ـ فيديو
...
-
ماكرون يعلن عن عملية تجديد تستغرق عدة سنوات لتحديث متحف اللو
...
-
محمد الأثري.. فارس اللغة
-
الممثلان التركيان خالد أرغنتش ورضا كوجا أوغلو يواجهان تهمة -
...
-
فنانو وكتاب سوريا يتوافدون على وطنهم.. الناطور ورضوان معا في
...
-
” إنقاذ غازي ” عرض مسلسل عثمان الحلقة 178 كاملة ومترجمة بالع
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|