|
مقال الآلف / درويش الذي يردد سورة الرحمن مع الغرباء وحقيبة السفر الأخير …
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 7157 - 2022 / 2 / 9 - 13:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ هو المقال ألف ، ألف مقال على موقع الحوار المتمدن دون أن تحتسب هذه السطور آلاف الخواطر القصيرة التى كُتبت على صفحة الفيس بوك ، هذا المنبر العالمي والمميز الذي كان له الفضل في جمع البشرية وتبادل المعرفة والآراء ، ولأن 👈 في المقابل ، كان على الدوام الفارق بين مهنة الصحافة والتى يُطلق عليها الأخيرة بمهنة المتاعب ، والكِتابة الفكرية التى تشبه الخنادق ، ليس فقط بالعميق ، بل هو أمر يتجاوز التعّب إياه ، تماماً🤝👍 كما كلف ذلك المتنبي ( ابو الطيب ) حياته بسبب شعره الذي هدد العروش ، فأن الفكر بالنسبة للأنظمة الاستبدادية مازال يعتبر عدواً ، تماماً 👍 عكس الدول الديمقراطية التى تعتبره ركيزة لتطورها وأمنها القومي ، وكما للمرء أيضاً أن يدرك بسهولة ، بأن الخنادق ليست جميعها متساوية ، لكن بالطبع الجميع يتساوون بضربات العصا والتى عادةً يتلقاها كل من يفكر🤔 خارج الطاعة والمألوف أو يتحدث عن مضيعة 🥴 التاريخ أو عن أرض🌍 خصبة المنبت لكنها مهجورة بواقع الفساد ، وبالرغم من التضيق الشديد والمزاج المحتبس ، ظلت هذه الزاوية تنتج الكثير من الأفكار والرؤى ، وبالرغم أيضاً من سياسة الالهاء وفنونها المتعددة والتى بدورها أفقدت القدرة على التركيز وشوشت بشكل مركز على العقل ، لكنها أستمرت ومستمرة ، وبمعزل أيضاً عن سمات التفنيد البحثي والقراءة التحليلية والخلاصات التى تمتعت بها ، طبعاً ، دون أي تفاخر على الإطلاق ، بل هو في الغالب يندرج أو بالأحرى ليس سوى جهداً خاصاً ، وكما قيل سابقاً ، لكل مجتهد نصيبه ، وطالما العلم بالتعلم ومن يتحر الخير يعطه ، وعلى هذا المنوال الاجتهادي تواصل هذه الزاوية في إنتاج الفكر على مستويات مختلفة ، بل شاركت في معظم المسائل الكونية ، وعليه ، ولأنني أتحدث عن الكونيات ، سيتم تخصيص مقال الألف للكوني محمود درويش ، ليس لأنه فقط واحد☝من قلة قليلة تعلم صاحب هذه السطور من كتاباته ، كيف يمكن 🤔 للكاتب أن يفكر أولاً ومن ثم كيف يصنع قاموسه اللغوي عبر قراءات كونية ، وبصراحة مهما بلغ مقام أي كاتب ✍ عربي أو أجنبي ، فإن الكتابة عن شخصية مركبة مثل الدرويشية ليست بهذه السهولة التى يعتقد بها البعض ، ولأن أيضاً ، الكُتّاب بصراحة 😶 لم يتركوا شيء إلا وكتبوا عنه ، لكن هذا المقال سيتناول عن حياته الشعرية والتى بناها على المغامرة ، فكما بدأ مغامرته الأولى عندما لقب نفسه بشاعر عربي ، قبل أن تتعرف عليه البشرية ، أيضاً إستطاع بمغامرته أن يصبح شاعر الثورة ومن ثم شاعراً تربع على عرش الشعر العربي الحديث ، بل هو أيضاً تحول إلى المظلة الأهم لشعراء الأمة أو الأمم ، بل قبل ذلك ، لا بد أن نعترف بمسألة بالغة الأهمية ، أن ممارسة الانحياز في شعر محمود درويش ، أي أن تقديم قصيدة على أخرى أو انحياز الفرد أو الجمهور إلى واحدة☝على الثانية ، لم تكن مفهومة ليّ شخصياً ، وأعتقد 🤔 بأنها ليست بالمسألة العادلة ، لأن الشاعر كان قد وضع لنفسه فهرس شعري دون أن يستشير أحد ، بل كيف يمكن 🤔 لناقد أن يستبق على سبيل المثال ، صوت الريح الذي أعطاه درويش أسم الحنين ، على رائحة الميرمية التى تفرزها إفرازات الجسم ، ثم لاحقاً يأتي الشاعر بالحنين لكي يقول للقارئ بأن الحنين هو رائحة الميرمية ، إذنً ، لقد أدرك الشاعر أن دوره البياني يتفوق على دوره البلاغي ، كيف لا ، وهو الذي تعلم من الحياة أكثر مما علمته جدران المدارس ، فأصبحت الحياة تتفوق بالمعرفة عن الجامعات لدرجة أنه تعرف على التوازن القائم بين ماء💧قريته ورائحة الميرمية والتى جُبلت بالأرض ثم تحولت إلى رمزية أبدية ، فالقضايا العامة أو السياسية ، أيضاً تتعلق بمشاعر الانتماء ، ومن هنا 👈 بدأ يفكر 🤔 كيف يرسم طريق الهوية ، فكل ذلك الجمع ، بالطبع سيؤثر على هوية الإنسان ، كإنسان يبشر لقضيته .
لقد أتضح مع الوقت ، هو الأهم والأبرز مع الشعر الذي قدمه درويش ، يكتشف المراقب بأن أيضاً اللغة تموت كما كل شيء مات ، لكن الموت😥هنا ليس بالكامل ، لأن اللغة عندما لا تجد من يليق بها تتراجع إلى مكان مازال خفي 🥷 أو تنكمش اوتوماتيكياً ، لدرجة أنه يتشكل أعتقاد بأنها ماتت 🤔 ، وهي على الجهوزية تامة للعودة إن كان هناك من لديه موهبة إعادتها ، بالفعل تعود بكامل مهاراتها وعلى أستعداد لإظهار تفاني جديد😮 وسلاسة مع من يمتهنها أو يطوعها كما يرغب ، وهي في هذا السياق لا تأتي إلا ضمن ولادة متجددة ، كما حصل مع شعر درويش الحديث ، بالفعل ، لقد أقدم على مغامرة شعرية بتقديمه شعراً حديثاً ، لكن قيمته وبعده لا يختلف عن ذلك الجوهر الذي كان المتنبي ( ابو الطيب ) قد قدمه واعتلى به عالياً إلى أن أصبح نجماً حاضرًا في سماء لا يغيب رغم تبدل العصور ، وبالرغم من الاختلاف بين قصيدة المتنبي التفعيلة وقصيدة درويش النثرية ، إلا أن هذا الحديث ، هو لا سواه ، كان وراء دفعه إلى أن يخطو خطوة العمر عندما دخل الكونية ، فشعر درويش لم يكن فلسطينياً 🇵🇸 بإمتياز ، كما يعتقد الفلسطيني ، وهو لم يكن أبداً يسعى أو تقصد عامداً أن يتخلص من فلسطينيته بقدر أنه كان يرى بنفسه أكبر من جغرافيا معينة ، وعلى لحن 🎵 الإيقاع والوزن في قصائده واكثاره للموزون ، كانت هذه الثنائية دالة على إيقاعات بعيدة / عميقة جداً ، فقد 😞 أعتبر بأن من حق البشرية أينما كانت التعرف على هذا البعد الخفي أو عن الأخر المختلف ، وهذا ما كشفه في قصيدته الشهيرة ( لماذا🤬 تركت الحصان وحيداً ) ، فالمعنى الأعمق للقصيدة وليس الظاهر ، هو معاتبة الأمة على تخاذلها ، بل في أبعد من ذلك ، طرح تساؤلاً على البشرية ، من خلال البعد الإنساني الافتضاحي ، هل هو أمر حتمي أن يكون نصيب الفلسطيني كما كان نصيب الهندي ، وعليه ، هل يجب أن يغرف من نفس المأساة التى غرف منها الهندي الأحمر ، بل بعد ذلك ، وهو الشعر الأعلى قيمةً ، عندما أباح للبشرية عن جداريته ، الفتى المجبر على الحلم / المستيقظ من الموت ، وعلى الرغم من إدراكه أن مثل هذه البنيوية غير قابلة للصرف ، لأنها تتناقض مع الواقع ، لكن إصراره على ذلك ، أظهر بظهرانيته للعمق الديني وتأثيره على ثقافته الراسخة ، كأنه يقول أنا☝لستُ سوى سليل الأنبياء وبالأخص أبن بلدي المسيح والنبي يحيى ، لأن هنا 👈 من المهم الإشارة إليه ، بأن الاستعارته مشروعة حتى لو كانت من التوارة ، أيضاً حتى لو لم يشير☝ لها المستعير ، فليس من وظيفة الشاعر إيضاح ما هو مستعار أو خالص الإنتاج ، طالما المأخوذ من كتاب 📕 للبشرية جمعاء ، وليست بملكية فكرية خاصة ، فالاستعانة هنا 👈 كانت واضحة في الجدارية ، ( ألهذا إذنً / كلما ازداد علمي / تعاظم همي /فما أُورشليم وما العرش / لا شيء يبقى على حالِه / للولادة وقت /وللموت وقت / وللصمت وقت / وللنطق وقت / وللحرب وقت / وللصلح وقت / وللوقت وقت .
إذنً ، نقول مثلما تجاوز النبي عيسى ( المسيح )فلسطينيته وأصبح عابر من الهوية الصغيرة إلى الكونية ، أيضاً غامر درويش عندما رفض المراوحة كشاعر للثورة ، فسار على ذات الطريق الذين ساروا عليه الأنبياء من أجل 🙌 الوصول إلى الكونية ، رغم أنه ليس بنبي أو لم يدعو 🤲 للقيامة كما أشار في القصيدة ، لكنه حرص على أن يتخلق بخلقهم وأيضاً تخلى عن ذاته ليدخل في ( ال نحن ) ، وهنا 👈 علينا أن نعيد إلتقاط مغامرته الكبرى عندما قصى قصته في الموت ، فهو بذلك كان يلتقط حبات الضوء من ثقوب 🕳 الموت لكي يعود للحياة ، وبإصرار أكبر من أجل👍 إعداد حقيبته الذي باغته الموت دون ترتيبها ، لكن السؤال إلى أين سيعود ، وهو الذي حرص طيلة حياته الهروب من التكرار ، ولقد قال بجداريته ، وبالمعنى الأبلغ ، بأنه عاد من الموت بولادة ثانية ، لكن هذه المرة إلى الكونية ( آلم يقل أنا☝الرسالة والرسول والبريد ) ، تماماً🤝 كما هي عودة المسيح ، وهذه السطور في الحقيقة ، لا تخفي اغتباط كبير إزاء تجديد التراث الفلسطيني من زاويا حديثة ، بالطبع لا يفتقد من حسّ مواجهة المعتاد والتمرد عليه ، فكان على الدوام غيابه من أجل 🙌 تجنب التكرار حتى لو كان ذلك سيكلفه حياته .
من جانب أخر ، هو لا يقل أهمية عن ما سبق ، وهي شهادة 📜 حق😟 لشخص أمتاز شعره بالغناء ، وهذه الميزة قلة من الشعراء الذين يتمتعون بها ، على سبيل المثال ، تعاون مرسيل خليفة مع درويش في مراحل مختلفة ، تطور الأول مع خيارات الأخير بإنتاجاته الشعرية ، فكان الفعل هو بمثابة إنتاج ثاني غير شعري ، لأن ببساطة ، البشرية في واقع حالها منقسمة أو بالأحرى الأغلبية الساحقة لا تقرأ الشعر ، لكنها تستمع للأغاني وتندمج معها حتى لو اقتبست بعض الكليمات ، وليس بالضرورة أن تتعرف على القصيدة الكاملة ، فهي فعل كامل متكامل عندهم حتى لو لم تُقرأ ، لهذا أنتشرت أغاني مرسيل بكلمات محمود بشكل واسع وعريض ، وهو مصدر بهجة😁جديدة تضاف على مغامراته السابقة .
ثمة في الخاتمة ، مسألة أخيرة شائكة لكنها شيقة ، وتستحق الإشارة إليها حتى لو كانت سطور اليوم طويلة على القاريء ، وهذا الميل قد يكون رهان الأغلبية التى تأسست على القراءات القصيرة والابتعاد عن أي سطور طويلة ، ومن جانب آخر يُسجل التاريخ ، لقد ظل محمود درويش مغامراً حتى الرمق الأخير ، فعلاً😟 ذهب إلى غرفة العمليات أو بشكل أدق إلى باب القيامة وهو مدرك كل الإدراك ، بأن عودته هذه المرة نسبتها ضئيلة ، لكنه كما كان ثابت منذ خط أسمه كشاعر ، أيضاً توجه إليها وهو متيقناً بأنه متأهب في أخذ موقعه بين الغرباء والذين سيكنون له أخوته الجدد ، بل هو الآن يردد مع جده سورة الرحمن ( الرحمن / علم القرآن / خلق الإنسان / علمه البيان ) ، وبالطبع سيبحث عن من سبقه في الرحلة ليطمئن على أحوالهم ، دون أن يشغله حال العائدون من الحجاز إن كانوا مضروبين بشمسها ☀ ، لأن هناك الأموات مشغولون بحياة ممتلئة بثقوب العتمة من أجل 🙌 البحث عن حبات ضوء تضيء لهم ما هو جديد بعد ما نفذت الحياة من جديدها . والسلام 👋✍
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا هو المعنى العميق أن ترحل بريئاً 👦 …
-
المسألة الأوكرانية 🇺🇦 ستفجر إشكالية كونية
...
-
الإقصاء 🤌🤛السياسي والأدبي ، قديماً وحديثاً /
...
-
للطاعون أيضاً فلسفة / كهرباء⚡لبنان 🇱🇧
...
-
التراشق 🧱😵💫ليس حلاً ولا يخدم أحد ،
...
-
الحبو الإيراني 🇮🇷 نحو الانشطار النووي والاند
...
-
أمة برمتها مسجونة في سجن الحب 🧡 الأعمى ، ويردّون ، ق
...
-
الثورة الملونة وانعكاسها على القوى الكبرى …
-
اللاجئون بين خيمة غارقة بالماء أو مركب في البحر يمنح شهادات
...
-
اللاجئون بين خيمة غارقة بالماء 💧 أو مركب 🚣 ف
...
-
الصدر متسلح بكل الدروع 🛡🛡 ، طالما عقد العقدة
...
-
الفارق كبير بين أم الحريات وام العبوديات …
-
عقلية 🧠 يا لعيب يا خريب ، السودان 🇸🇩
...
-
معذبو الأرض 🌍/ شهادة 📜 لا ترد …
-
ايما واتسون تعيد تصحيح موقع المبدع في العالم …
-
نظرة معمقة في حذر حماس 🇵🇸 وتوصيف إسرائيل
...
-
ما يجمع بين الفرقاء🌵هو جعفر الطيار ، على الأقل …
-
المجاعة الفوقية 🌍 والمجاعة السفلية👇..
-
إبادات وعلى عينك يا عالم
-
حكايتي مع جورجيت الاسرائيلية 🇮🇱 وحكاية ام يا
...
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|