الخروج من جنة العرب!!!

احمد جمعة
روائي
(A.juma)

الحوار المتمدن-العدد: 7156 - 2022 / 2 / 8 - 14:35
المحور: الادب والفن
    

السباق بين البشر من أجل الفوز في أيّ مجالٍ، سباق لا يتوقّف وهو سلوك غريزي يكاد يطغي على الكوكب ويشمل كافة الجنسيات وتغلب عليه حينًا الوحشيّة وحينًا آخر الوداعة، وقد جسدت هوليوود بأفلامٍ مختلفة ومن قبلها كتاب وفلاسفة وفنانين ذلك السلوك في أعمالهم، ورغم أن بعضهم ممن كان يبدو أنه يعترِض أو يُدين تلك السباقات الوحشيّة التي تقود البشر إلى صراعات وحروب داخلية صغيرة، عاطفية ونفسيّة فيما بين بعضهم بعضًا من أجل الفوز، إلا أن ذلك ظلّ مشروعًا باعتبارهِ غريزة التفوُّق والنجاح وقد تأسّس العالم على التطوُّر الذي هو أساس السباق في إثبات الوجود بالتفوُّق على الآخر، وإظهار البراعة بالأعمال في المجالات العلميّة والأدبية والفكريّة، إلا في السياسيّة، فقد أظهرت تلك السباقات معدن البشر الذين يخوضونها، حيث برزت بجلاءٍ قذارة اللعبة، التي تبلغ في أوجها تدمير الآخر، بالتشهير أو بالرصاص...
في الساحة العربية الخليجية بالأخص، لا وجه للمنافسة التي تخوضها فعاليات عالمية، رغم ما فيها من وحشية الانتقاء ولكنها على الأقل تتمتع اجمالاً بالمصداقيّة التي تفرِضها رقابة أدبية وأخلاقية ثم ملاحقة صحفية وحتى قانونية، أما هنا على الساحة الأخرى، كما يتضح من عقود خلت فيها الساحة من المنافسة، وحلت مكانها الانتقائيّة التي فرضتها سلطات رسمية تتدخل بالمسابقات، وليس بالسباقات، لأن السباقات من نطقها تعبر عن استقلالية وليس انتقائية، فالمؤسسة الثقافية أو العلمية أو الصحفية تختار أو تنتقي من بين المرشحين من يطابق توجهاته اتجاهات السلطة، وتطرد من الجنة من لا يلائمها، وبالتالي تضيق مساحة المنافسة حتى تبدو في كثير من المسابقات أقرب للمهزلة منها للمنافسة...
لقد شهدنا في كثير من معارض ومهرجانات ومؤتمرات عربية وخليجية، مسابقات علميّة وثقافية وصحفية، يخوضها متنافسون هم أقرب للون الواحد، تتم عادة استبعاد بقية الألوان الجريئة بهدوءٍ وسرية حتى لا تنفضح الانتقائيّة، وقد فضح بعض ممن شارك في لجان التحكيم ممن غضبوا وانسحبوا لأسبابٍ عدة، منها خروجهم من التحكيم وانتفاء مصلحتهم، أن ذهبوا إلى فضح تلك المسابقات وحتى كتبوا العرائض ووقعوها وشهروا بالمؤسسات التي كان جليًا منذ البداية تعيش تلك المهزلة، ولكن الفضيحة خرجت من أهل البيت ذاته، وحتى هنا لم تخجل تلك المؤسسات وترتدع بل ظلّت تسير بنفسج النهج الانتقائي...
هل ثمّة منافسة، نأمّل منها بعد كلّ ذلك أن نلحق بالعالم المُتغيّر؟

#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات