8/ شباط/ 1963 صفحة سوداء في التاريخ السياسي لحزب البعث العربي الاشتراكي

فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 7156 - 2022 / 2 / 8 - 11:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كان الحزب الشيوعي العراقي من الداعمين والمساندين لعمل ونشاط حزب البعث في العراق في بداية الخمسينيات من القرن الماضي حتى أن الحزب الشيوعي العراقي تبرع بمطبعة كبيرة لحزب البعث عندما كبست القوات الأمنية العراقية في تلك الفترة وكراً رئيسياً لحزب البعث كانت فيه المطبعة الرئيسية واستمر التعاون والتحالف مع حزب البعث والأحزاب العراقية الوطني في مظاهرات عام/ 1956 عندما أممت مصر قناة السويس وشنت الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا بمساعدة اسرائيل عدواناً على مصر وشارك حزب البعث مع الأحزاب الوطنية في الجبهة الوطنية عام/ 1957 حتى انتصار ثورة 14/ تموز/ 1958 المجيدة إلا أن حزب البعث انحرف وانشق عن الرؤيا والعمل بعد ثورة تموز عندما رفع شعار الوحدة الفورية مع العربية المتحدة التي تكونت بين مصر وسوريا في شباط. عام/ 1958 وانشق عن إجماع الأحزاب الوطنية العراقية، ما عدا حزب الاستقلال وكانت الجبهة الوطنية تتكون من الأحزاب (الوطني الديمقراطي والشيوعي العراقي والاستقلال والبعث العربي الاشتراكي وممثلين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني) الذين رفعوا شعار مع حكومة عبد الكريم قاسم (الاتحاد الفدرالي مع العربية المتحدة) وكان الخلاف والتناقض بين حزب البعث والاستقلال والقوميين وبين الحزب الشيوعي والديمقراطي والأكراد والقوى الديمقراطية يقوم حول مطالبة البعث والقوميين الانضمام الفوري للجمهورية العربية المتحدة وكان الحزب الشيوعي والديمقراطي والقوى الديمقراطية تطالب بعلاقة الاتحاد الفدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا وكان رأيها يقوم على أن العراق كان تحت حكم رجعي إقطاعي شبه مستعمر مرتبط بالسياسة والاقتصاد البريطاني وهو بدون صناعة ونظام سياسي وطني ديمقراطي ويحتاج إلى وقت بعد تحرره واستقلاله لإقامة صناعة وطنية ونظام حكم وطني ديمقراطي بينما مصر تمتاز بصناعة واسعة وكبيرة وليس فيها حكم ديمقراطي وإنما تحكم عن طريق الحزب الواحد (الاتحاد العربي الاشتراكي) وفي حالة إقامة الوحدة الفورية يعني أن العراق يصبح كما كان في السابق ويصبح سوقاً للمنتجات المصرية كما أن الشعب العراقي تحرر حديثاً من الحكم الرجعي الاستعماري يحتاج إلى فسحة من العمل السياسي الديمقراطي وليس يصبح تحت سلطة الحكم الواحد الدكتاتوري وقد حاولت القوى السياسية للأحزاب والقوى الديمقراطية عن طريق الحوار إقناع البعثيين والقوميين إلا أن ذلك جوبه بالرفض منهم والإصرار على الوحدة الفورية مع العربية المتحدة مما جعل تلك القوى البعثية والقومية تدخل في دوامة الانسحاب من الحكومة التي تألفت بعد الثورة وطريق العنف والتآمر وكان ذلك بتحريض مباشر من سلطة العربية المتحدة في مصر ثم اعتمدوا على الجيش في عملية التمرد وإسقاط نظام الزعيم عبد الكريم قاسم والاستلاء على نظام الحكم فجرت محاولة التمرد العسكري في الموصل بقيادة العقيد عبد الوهاب الشواف وقائد موقع كركوك ناظم الطبقجلي في 8/3/1959 وقد فشلت المحاولة التي قادها الشواف والذي قتل فيها وقد جرت محاكمة القائمين بها ونفذ فيهم حكم الإعدام رمياً بالرصاص ثم جرت محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في 7/ تشرين أول/ 1959 في شارع الرشيد (رأس القرية) التي قامت بها ونفذتها قيادة حزب البعث بقيادة أياد سعيد ثابت وقد حكم على المنفذين حكم الإعدام إلا أن الزعيم عبد الكريم قاسم لم ينفذ الحكم ثم أطلق سراحهم بعفو من الزعيم عبد الكريم قاسم حسب قاعدة (عفا الله عما سلف) إلا أن حزب البعث وقيادته لم يتركوا مهمتهم وأهدافهم في الاستيلاء على سلطة الحكم في العراق واستعانوا بانحراف الزعيم عبد الكريم قاسم عن مبادئ إنجاز ثورة تموز عندما اصطدم مع الشيوعيين عندما طالبوه بإنهاء الحكم في الدستور المؤقت وإجراء الانتخابات في العراق لاختيار نظام ديمقراطي مما دفع عبد الكريم قاسم اتباع سياسة توازن القوى السياسية في العراق وشن حرب ضروس ضد الشيوعيين لإضعافهم بعد أن مسه هاجس الخوف من قيام الشيوعيون الاستيلاء على الحكم في العراق ودفعه تخيله الأعمى إلى تجريد الشيوعيون من قادة العراق العسكرية وغيرها من المناصب ومنحها لأعداء الأمس من القوميين وأعوانهم والمقربين من البعثيين وأصبح الجو مهيأ لهم للاستيلاء على سلطة الحكم في العراق واستعانوا بذلك بالمخابرات الأمريكية ونفذوا مؤامرتهم الدنيئة بالقطار الأمريكي حسب قول نائب رئيس الوزراء في حكومة البعث علي صالح السعدي وقاموا بعمليتهم في 8/ شباط الأسود عام/ 1963 وارتكبت في ذلك اليوم وبعده المجازر الدموية وزج مئات الآلاف في المعتقلات والسجون من أجل تصفية الحزب الشيوعي العراقي الذين قتلوا الكثير من قادته بالتعذيب والإعدامات ومصير كثير من الشيوعيين أيضاً كما قتل الزعيم عبد الكريم قاسم وبعض من كان معه من العسكريين وبعد مضي عشرة أشهر تم القضاء على حكم البعث بعد إنجاز مهمته في تنفيذ أحلام المستعمرين بتصفية الحزب الشيوعي العراقي وفي يوم 18 ت2/ 1963 أقام عبد السلام عارف بحركة أسقطت حكومة البعث لقد كانت جمهورية الرابع عشر من تموز المباركة وإنجازاتها الرائعة الأمل والرجاء للشعب العراقي في الحياة الحرة الكريمة والمستقبل المشرق للعراقيين إلا أن الرجعية العربية والمحلية والاستعمار العالمي التي أغاضتهم واستفزتهم إنجازاتها الديمقراطية والاقتصادية فدبروا لها المؤامرات بعد أن امتلأت قلوبهم بالحقد عليها وأسقطوها في مؤامرة دنيئة بعد انحراف الزعيم عبد الكريم قاسم عن خطها الصحيح وقدمها لأعدائها بطبق من ذهب ومنذ اليوم الأسود في 8/ شباط توالت نوائب الدهر بالمآسي والتعاسة والحرمان على الشعب العراقي حتى وصلت به الكارثة إلى يومنا هذا.

#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات