عماد ابو حطب
الحوار المتمدن-العدد: 7155 - 2022 / 2 / 7 - 08:41
المحور:
الادب والفن
وحدة قاتلة
منذ نعومة أظافري أرتعب من رؤية الأموات والهياكل العظمية. أغير طريقي حينما ألمح مقبرة تعترضني.منذ عامين أمسك بي ذالك الحاجز الملعون وبعد تحقيق مطول كان زاده الدماء والحذاء العسكري وكابلات الكهرباء نبس المحقق الهمام بكلمتين:اشحنوه للمنفى.كنت أعلم ان العديد من المعتقلين رميوا في زنازين ونسي أمرهم تماما إلى ان وجدت جثثهم ميتة.أصابني الرعب من هذا المصير.درج طويل تحت الأرض قطعناه في ثوان معدودة.صرير باب فتح على عجل ورميت على الارض.صمت مطبق من حولي . حين اعتادت عيناي على الظلمة وجدته مكوما على الأرض.هيكلا عظميا كاملا ممدد على بطانية مهترئة ومازالت ثيابه معلقة به.أصابني الرعب.صرخت لكن صرخاتي ذهبت أدراج الرياج.لا زنازين قريبة ولا حرس يسمعون...عرفت فيما بعد أن من يدخل هنا يموت لا محالة جوعا أو عطشا .
يوم أو دهر مر على حتى تغلبت على رعبي.بدأت أحدث نفسي...أغني بصوت خفيض...ألقي نكتة وأضحك عليها...ما أن هدأت حتى اقتربت منه.سألته عن اسمه ، من أين جاء؟كم مضى عليه هنا،كيف مات؟كان يجيبني دوما بصمته الرهيب.
عضني الجوع والعطش فبدأت في الصراخ دون جدوى...بحثت من حولي عن طعام لكني لم أجد شيئا. بعد وقت قصير أحسست بأصوات عرير من حولي.لا بد انها لصراصير تشاركني الزنزانة.سألت صديقي ان كان قد التهم بعضا منها قبل وفاته؟.خيل لي أنه ضحك بصوت خفيض حتى لا تهرب الصراصير أو ينتبه الحرس له.باتت الصراصير والسحالي والعناكب الصغيرة زادي،وبات الدلو الموضوع في الزاوية مصدرا لشرابي وبات الحديث مع صديقي المخرج من وحدتي القاتلة ومن الجنون المحدق بي.
لا أدري كم مكثت على هذا الحال.في ذالك الصباح فتح باب الزنزانة فجأة وسحبت للتحقيق مجددا.حينما عدت كان صديقي قد رحل وبت وحدي من جديد.ياالله كم اشتاق الى الحديث معه.
#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟