|
سيناريو غير مؤهل أو دفاعاً عن الجنون
نواف سلمان القنطار
كاتب ومترجم.
(Nawaf Kontar)
الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 2 - 23:40
المحور:
الادب والفن
سيناريو غير مؤهل أو " دفاعاً عن الجنون"
إلى ممدوح عدوان
• أعتذر عن تأخري، فقد بحثت طويلاً عن مكان العيادة قبل أن أجدها. • لا بأس، فالجميع يتأخر عن الجلسة الأولى. • بصراحة، فإنني، لا أدري، أنا لست مريضاً، أشعر بالتوتر قليلاً، ولكن أصدقائي أصروا ... أن أذهب إلى طبيب... نفسي. • يا سيدي، هذا ليس عيباً أبداً، فالجميع لديه مشاكله، وقد يحتاج البعض إلى شخص مختص ليساعده في تجاوز هذه المشاكل. • صحيح، تماماً، هذا ما قاله لي أصدقائي. • على كل حال، تفضل، أخبرني ما الأمر؟ • في الحقيقة... بدأت القصة منذ فترة قصيرة، عندما حلمت... بأنني... أصبحت حشرة طائرة، وأن الجميع يطاردني ليقتلني. • وماذا بعد؟ • لم أهتم بالأمر كثيراً، غير أنني شعرت بالقلق عندما بدأ الحلم نفسه يتكرر... • وماذا بعد؟ • تدهورت حالتي الصحية وتغيرت نفسيتي لدرجة اقتنعت فيها بأنني حشرة بالفعل.. • آها، وماذا بعد؟ • صرت أهرب من الناس، وأتحاشى النظر إلى عيونهم، لأنهم يعطونني إشارات تؤكد عزمهم على قتلي. • وماذا بعد؟ • اضطررت لوضع نظارة شمسية على وجهي حتى لا يعرفني أحد. • صحيح! ها أنت تضعها الآن، وبالمناسبة يمكنك أن تخلعها هنا. • لا أستطيع. • لماذا لا تستطيع؟ • من يضمن لي أنك لن تقتلني؟. • لماذا أقتلك؟ أنا طبيب... ولست قاتلاً! • لا يهم، فأنت أيضاً قد تعتبرني حشرة... وتحاول التخلص مني. • لا، لا، أنا هنا لمساعدتك وليس لقتلك. • أشكرك جزيل الشكر! ولكن ذلك لن يغير شيئاً، فلربما تتخيل أنني حشرة. • يا سيدي، أنا لا أتخيل! أنا... أنا أرى أمامي شخصاً طبيعياً. • صحيح، وأنا أيضاً... ولكنني أشعر بأنك تنوي قتلي!!! • أنت لم تفعل لي شيئاً، فلماذا أريد أن أقتلك؟ • لأنني حشرة، والحشرة ضارة! أليس كذلك؟ • صحيح! • أرأيت؟ • لا، لا أقصد أنك حشرة، بل إن الحشرات ضارة على العموم. • صحيح... ولهذا يجب التخلص منها؟ • صحيح! • أرأيت؟ • صحيح أنه يجب التخلص منها!! أقصد من الحشرات! ولكن ليس منك! لا أحد يريد أن يقتلك. • طيب، لا أحد يريد أن يقتلني، ولكن ألا يقتل الناس بضعهم بعضاً لأسباب مختلفة؟ • نعم يقتلون للأسف. • إذا! هل سيصعب عليهم قتل الحشرات الضارة؟ • لا! • فما الذي سيمنعهم من قتلي؟ • لأنك إنسان... ولم تفعل لهم شيئاً! • أنا إنسان وحشرة في الوقت نفسه، ولذلك لا شيء يردعهم عن قتلي. • ولكنني أرى أنك إنسان طبيعي، ولستَ حشرة!!! • صحيح... أنا إنسان طبيعي، ولكن ألن تقتل إنساناً طبيعياً! إذا ألحق بك ضرراً ما؟ • من الممكن فعلاً ! • إذاً ما الذي سيقف في طريقك إذا رغبت بقتل حشرة؟ • لا شيء!!! • أرأيت؟ المشكلة أنني مهدد من كل الجهات، سأموت في جميع الحالات. • ولكن لماذا يقتلونك... إذا كنت إنساناً؟ • لأنهم يظنون أنني حشرة. • من هم؟؟؟ • الجميع يقول لي إنني حشرة. • ولماذا يقولون ذلك؟؟؟ • لأنهم، لأنهم دائماً ما يصفونني بأنني كذلك. • طيب، طيب، طيب!!! وبم يصفونك أيضاً؟ • يصفونني بالعلقة! • وهل أنت علقة بالفعل؟ • لا يا سيدي، أنا حشرة ولست علقة! • صحيح، صحيح، أنت حشرة. • أرأيت؟؟ • طيب، طيب! • طيب، ماذا؟؟؟ • طيب، لنقل إنك حشرة بالفعل، وسنعالج هذا الموضوع في الجلسة التالية. • وماذا سأفعل حتى الجلسة القادمة؟؟ • حاول ألا تتحدث مع أحد، ولا تشاهد التلفزيون ولا تتناول العشاء في وقت متأخر. وإذا بقيت على قيد الحياة سأراك يوم الاثنين القادم. إلى اللقاء. • إذاً أنا حشرة بالفعل!!! • سنبحث الأمر في الجلسة القادمة. • لا، بل سنبحثه الآن. جئتك لتثبت لي أنني إنسان... ولست حشرة!!! • قلت لك، أنت إنسان، ولست حشرة... • لا، قلت بأنني حشرة ولست إنساناً، كيف يمكن لطبيب مثلك أن يفعل ذلك؟ • يا سيدي، الأطباء يخطئون، مثل غيرهم من الناس! • حياة الناس بين يديك، وأنت! عليك أن تكون على قدر أكبر من المسؤولية! ماذا لو كانت النافذة مفتوحة؟ ماذا لو فكرت بالطيران من خلالها؟ • كنت ستطير مثل أي حشرة طائرة! • هذا صحيح ... لو كنتُ حشرة طائرة بالفعل! ولكن ماذا لو اقتنعت معك بأنني إنسان؟ كنتَ ورطتني، كنت قتلتني!!! • إذاً، الحمد لله أنك حشرة ولست إنساناً! • إذاً أنت تشخص مرضي بأنني حشرة بالفعل؟؟؟ • في بعض الأحيان... يمكن لأي إنسان أن يتخيل أشياء كثيرة، هذا شيء طبيعي.. • ولكن هل من الطبيعي أن تتخيل أنك حشرة طوال الوقت؟ هل مرت عليك مثل هذه الحالة من قبل؟ • بالطبع، مرت معي شخصياً... وهذا ما دفعني أصلاً... لأن أصبح طبيباً نفسياً. • هل كنت مثلي، تتخيل أنك حشرة؟؟؟ • عندما كنا في المدرسة، كان المعلم يصفنا بالحشرات، وكان ذلك يضايقني كثيراً. • شعور سيء... أليس كذلك؟ • بالطبع، وخصوصاً عندما تكون متأكداً أنك إنسان ولست حشرة، ولا تستطيع أن تفعل شيئاً. • طبعاً، أنتَ، كنت متأكداً... من أنك... إنسان؟. • ليس دائماً، فأحياناً كنت أشعر بأنني حشرة طائرة بالفعل. • شعور سيء! أعرف، وماذا كنت تفعل؟. • كنت أغلق كل النوافذ، حتى لا أفكر بالطيران، تصوّر!!! • على الرغم من أنك إنسان ولست حشرة! • صحيح، صحيح، أفعل ذلك تحسباً، من باب الاحتياط لا غير. • أنا أيضاً، أفعل ذلك. • هذا أفضل. • نعم، أفضل بكثير. • لأنك تشعر بالأمان. • نعم، نعم، تشعر بالأمان. • نعم، نعم، تشعر بالأمان..... • حسناً، نلتقي يوم الاثنين القادم. • حسناً، ولكن أرجو أن تفتح النافذة قليلاً. • إنها مفتوحة... • لا، أقصد يوم الاثنين! • لماذا؟ • قد تكون الطرقات مزدحمة... • آه!، آها!!!، فهمت، فهمت. • للاحتياط... • نعم، نعم، طبعاً، طبعاً... للاحتياط، فهمت...
نواف القنطار دمشق
#نواف_سلمان_القنطار (هاشتاغ)
Nawaf_Kontar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نداء الحياة
-
المحكوم بالألم
-
يتملكني مزاج جنائزي
-
جولة تفقدية
-
في الطريق إلى دمشق
-
فصام
-
سورية بين توصيف الأزمة وأزمة الحل
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|