|
عندما تنتقم روسيا – البوتينية –
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7151 - 2022 / 2 / 1 - 21:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعيد المراقبون السبب الرئيسي من ضمن اساب اخرىى ، للسقوط المدوي لنظام الدولة الاشتراكية العظمى – الاتحاد السوفييتي –، وأنظمة دول شرق أوروبا التي كانت تدور في فلكها ، بداية تسعينات القرن المنصرم ، الى الجانب السياسي في انعدام الديموقراطية ، واستشراء الفساد البيروقراطي ، وانتهاك حقوق الانسان ، ومصادرة إرادة الشعوب غير الروسية ، وقد اختلفت ردود الأفعال من جانب نخب تلك البلدان التي كانت شاهد عيان على انهيار المؤسسات ، وانتشار الفوضى ، واعمال الشغب المصحوبة بالاعتداء على الأملاك ، والأموال العامة ، ومن ضمنها مواد تدخل في عداد مكونات الأسلحة الفتاكة ، التي راجت تجارتها لتصل الى معظم دول العالم ، وتتسرب الى ايدي القوى الراعية للارهاب في الشرق الأوسط . في معظم دول أوروبا الشرقية ، حاولت النخب الشعبية ، ومنظمات المجتمع المدني الاستفادة من التجربة السابقة الفاشلة ، وإعادة بناء بلدانها من جديد ، بتعزيز الديموقراطية ، وتنشيط المنافسة المدنية السلمية ، واللجوء الى تحكيم صندوق الاقتراع ، مع تراجع ملحوظ لاحزابها الحاكمة في العهد السابق ، باستثناء روسيا الاتحادية التي اتخذت منحى مختلفا ، حيث تصدر المسؤولون السابقون الصفوف الامامية ، بإعادة انتاج النظام السابق بشكل جديد ، عبر تحالف رؤوس الأجهزة الأمنية وخصوصا جهاز – ك ج ب – ومدراء الصناعات الحربية وجنرالاتها ، واباطرة المافيا العابرة للقوميات في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق ، وبرعاية ومباركة الكنيسة الارثوذوكسية المعروفة بنزعتها القومية الروسية صاحبة النفوذ الاجتماعي الاوسع . انطلق التحالف الجديد من العصبية القومية الروسية أساسا ، الممزوجة بنوازع الانتقام بكل السبل المتوفرة ، تحت شعارات إعادة دور الاتحاد السوفييتي السابق واحيائه من جديد ليس باسم ( الأممية ، والاشتراكية وحكم العمال والفلاحين ، والشعوب السوفيتية ) بل في ظل الطغمة الحاكمة في موسكو ، وباسم الدولة الروسية ، وقد وجدت اطراف التحالف القومي الجديد مصلحتها المشتركة من اجل استعادة النفوذ على كل الجمهوريات التي كانت جزء من الفضاء السوفيتي ، وتوسيع السوق الاقتصادية المهيمنة ، ومن ثم منافسة الأسواق العالمية ، والتحول الى قطب دولي مقرر ، بعد تعزيز القدرات العسكرية ، وتطوير الأسلحة الاستراتيجية . هناك امر في غاية الأهمية ويتناساه الكثيرون ، وهو ان هذه الأطراف المتحالفة الان في ظل سلطة الطغمة البوتينية هي التي تسببت في نخر النظام السوفييتي من الداخل ، ومن ثم سقوطه بسهولة . من مرتكزات استراتيجية التحالف الروسي الحاكم أولا – عمدت الطغمة الحاكمة على انشاء علاقات التعاون مع الأنظمة الدكتاتورية في العالم ، المتورطة في صراعات دامية مع شعوبها ، مثل فنزويلا ، وسوريا ، والقائمة تطول ، ونحن السورييون اكثر شعب عانى من الاعتداءات الروسية العسكرية ، ومن دعم نظام الاستبداد ، واحتلال البلاد منذ عام ٢٠١٥ ، يكفي ان الروس وباعتراف رئيسهم جربوا اكثر من ٣٥٠ نوع من السلاح على أجساد السوريين ، وفي تدمير البنى التحتية لمناطقهم . ثانيا – تستخدم الطغمة الحاكمة أقسى ، واشد الوسائل الردعية ضد معارضيها بمافي ذلك السموم القاتلة ، والمواد المحظورة دوليا ، وملاحقتهم في الخارج أيضا وفي الداخل تضيق الخناق على اية معارضة ، وتطبق بحقها اقسى العقوبات . ثالثا – على الصعيد الدولي تتخذ الطغمة الحاكمة مواقف بعيدة عن طبيعة العلاقات الدبلوماسية المتزنة ، بل تنطلق من مواقف انتقامية مرسومة مسبقا ( مثل فيتوياتها بمجلس الامن لحماية النظام السوري ) ، من شانها تهديد السلام العالمي ، واثارة الفتن في الكثير من البلدان ، والمناطق ، وهي بذلك تعتبر الأكثر سوء من خصومها الموضوعيين مثل الولايات المتحدة الامريكية ، وبعض البلدان الأوروبية . رابعا – بسبب ميكيافيلية الطغمة الحاكمة ، واستخدام الطرق الملتوية من جانب ممثلي – القيصر – ( ومااكثرهم ) ، وممارسة التضليل ، ولانعدام المؤسسات الديموقراطية المنتخبة ، وقيام الدوما الروسية بدور التابع لحزب الرئيس ، فقدت روسيا احترام العالم ، لافتقارها الى المصداقية حتى في تعاملاتها التجارية ، ناهيك عن العمل الدبلوماسي ، والعلاقات الدولية . تهديد الدول الخارجة عن الطوق الروسي ،وتقسيمها أخطر ماقامت به الطغمة الحاكمة الروسية هو العدوان العسكري على دول محيطة بها والتي انتهجت طريق الديموقراطية ، بعد تحررها من الحكم الشمولي ، وبعد الإخفاق في تطويعها ، عملت على تقسيمها ، واقتطاع أجزاء منها ، مستغلة في ذلك تواجد نسبة من السكان فيها من أصول روسية ، نحو عقدين أو أكثر قسمت أراضي دولتين هما – جورجيا – و – أوكرانيا - ، واقامت خمسة كيانات جديدة ،ففي الأولى وبعد حربها مع جورجيا ( ١٩٩٢ ) اقتطعت منطقتي – ابخازيا – و – اوستينيا الجنوبية – واعلنتهما جمهوريتين لم تعترف بهما سوى – سوريا ، وفنزويلا – ونيكاراغوا . وفي – أوكرانيا – اقتطعت روسيا ثلاثة مناطق ، حولتهما الى كيانات مستقلة ، منذ عام ٢٠١٤ ، عن طريق القوة العسكرية ، والتهديد ، الأولى : جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي الملحقة بموسكو ، وذلك بالضد من إرادة شعبها – التتاري – كسكان اصليين فحتى اسم ( القرم ) يعني باللغة التترية قلعة ، وأصحاب الأرض منذ مئات السنين ، والثانية : جمهورية – دونيتسك - ، والثالثة : جمهورية - لوغانسك - ، واقتطعت المناطق الثلاث من الدولة الام – أوكرانيا – والتي لم تعرف بها اية دولة بالعالم ، وقد أدت هذه الاعمال المنافية للقانون الدولي ، والمناقضة لارادة الشعوب المعنية الى الفتنة العنصرية ، وتزكية العداء القومي بين الاوكرانيين ، والتتار ، والجورجيين من جهة والروس من الجهة الاخرى ، والغريب ان روسيا التي تسمى شكليا بالاتحادية ، تنتهك حقوق العشرات من القوميات ، والاثنيات ، وتحاربها بالحديد والنار ، ولكن الامر يختلف عندما تخضع قضايا الشعوب لمصالح الطغمة الحاكمة .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مواجهة الإرهاب لاتتجزأ
-
المصير السوري في ميزان الخارج
-
جدلية - تساقط - المعارضة ، و - اسقاط - النظام
-
هكذا يسيطر – الاخوان – على ( الائتلاف السوري المعارض ؟! )
-
توضيح للراي العام
-
فليكن – 2022 – عام المؤتمر الكردي السوري
-
سيمالكا: بين تجسير الهوة ، وهدم الجسور.
-
مناقشة هادئة في مسألة قديمة – جديدة
-
مناقشة صريحة عن بعد لقائد قوات - قسد -
-
تداعيات - حزبنة - العلاقات الكردية – الكردية
-
مؤتمر ( الجاليات الكردية ) في أربيل : قراءة موضوعية
-
في الذكرى السابعة بعد المائة لاستشهاد الشيخ - القومي -
-
مخاطر الإسلام السياسي على تجربة كردستان العراق
-
نموذج يحتذى به في الحركة التحررية الكردستانية
-
القضية الكردية في ندوة - دهوك -
-
قراءة أولية لوثيقتي - التطبيع العربي - مع النظام السوري
-
شعوب الشرق الأوسط والقلق المشروع
-
شركاء السطو على الشرعية في سوريا : النظا
...
-
نداء برسم الاشقاء في أربيل قبل فوات الاوان
-
في تصدعات أحزاب المجلس الكردي
المزيد.....
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسيك وموسكو تعلن التصدي لها
-
واقعة مثيرة للجدل داخل مستشفى في مصر.. ومسؤول يعلق
-
زاخاروفا: الهجوم على محطة زابوروجيه عمل إرهابي كشف خطورة نظا
...
-
حماس: موافقة واشنطن على صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل تؤكد أنها
...
-
خبير عسكري أوكراني يحذر من سقوط مدينة هامة بيد الجيش الروسي
...
-
مقتل 5 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على الضفة
-
احتجاز مواطن أمريكي في موسكو لاعتدائه على شرطي
-
إيلون ماسك يصف -الغارديان- بأنها -قمامة- وسائل الإعلام
-
الجيش الإسرائيلي يعلق على مقتل التوأم في غزة
-
مغامرة نظام كييف في كورسك بدأت فعليا في التحول إلى كارثة محق
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|