|
معرضُ الكتاب … والشتاء وآلزهايمر
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 7146 - 2022 / 1 / 26 - 11:27
المحور:
الادب والفن
أخيرًا عاد معرض الكتاب إلى حضن يناير، حضن الشتاء. هناك ارتباطٌ "أدبي معنوي" بين الكتاب وبداية العام؛ لأن القراءةَ هي البداية. بدايةٌ لكل جميل وثريّ. وثمّةُ ارتباطٌ "عملي" بين الكتاب والشتاء؛ لأن القراءة تمنحُ الدفءَ للعقل والقلب معًا. العام الماضي أخلفَ المعرضُ موعدَه وزارنا في شهر يونيو بسبب الجائحة، وها هو يعود إلينا في يناير لنُطفئ شمعتَه الثالثة والخمسين، ونتمنى معه أمنيةً جميلة لمصر في ثوب "الجمهورية الجديدة". "معرض القاهرة الدولي للكتاب" أحد أضخم وأقدم معارض الكتب في العالم، وأكبر معرض كتاب في العالم العربي، يزوره سنويًّا أكثر من مليوني زائر، ويعرض كتبًا لمئات دور النشر من كل أرجاء الدنيا. أنشأته "الهيئة المصرية العامة للكتاب” عام 1969، احتفالا بعيد الميلاد "الألف" لمدينة القاهرة، التي تأسست رسميًّا عام 969 م.، بينما كان ميلادُها الفعليّ قبل الميلاد بألفي عام وعُرفت بأسماء شتى: أون، منف ممفيس، هليوبوليس، الفسطاط، بابليون مصر، العسكر، القطائع، وغيرها، قبل أن يستقرَّ اسمُها الحالي الجميل: “القاهرة". وكذب مَن قال إن القراءة للتثقف والمعرفة. وكذب من قال إنها للاستمتاع وحرق أوقات الفراغ. القراءةُ أبعد من هذا وأشدُّ أثرًا. القراءةُ دواءٌ مجاني لأمراض البدن والأعصاب والدماغ. انهلوا من إكسير الحياة في "مركز مصر للمعارض الدولية" بالتجمع الخامس، فيما بين 26 يناير، وحتى 7 فبراير، لأن في القراءة حياة. فقد أثبت الطبُّ أن مَن يقرأ يوميًّا غالبًا لا يضربه مرضُ آلزهايمر، الوحش الذي يأكل ذاكرة الإنسان ويلتهم تاريخه. في دراسة نشرتها مجلةُ: Destination Santé حول علاقة القراءة بالصحة العقلية، قالت: “اقرأوا الكتبَ، الصُّحفَ، المجلات، والعبوا الشطرنج، ولا تستسلموا للكسل!". تلك النصيحةُ الموجزةُ هي نِتاجُ دراسات مكثفة قام بها باحثون عالميون، خرجوا على إثْرِها بتوصيات تقول إن على الإنسان أن يُشغِّلَ ويُفعِّلَ خلاياه الذهنيةَ والعصبيّة باستمرار، وطيلةَ عمره. لأن تلك الخلايا ليست إلا عضلاتٍ مثلها مثل أي "عضلة" في الجسم؛ تفقدُ قدرتها على العمل إن رَكنَتْ إلى الكسل والرخاوة، وتنشطُ قواها إن مُرِّنَتْ وأُجهِدَت في التدريب المستمر. تمامًا مثلما يمرّن الرياضيون عضلاتهم بالركض اليوميّ والتريّض. وأكّد الباحثون أن الدماغَ، شأنُه شأنَ الساقين والذراعين والخِصْر، يحتاجُ إلى تمارينَ دائمةٍ، لإبعاد شبح آلزهايمر، وغيره من الأمراض العقلية والجسدية. ولهذا السبب ربما أطلقتِ العربُ اسمَ "رياضيات" على عِلم الجبر والتفاضل والتكامل وحساب المثلثات، الخ، لأنها ليست إلا رياضةً للذهن. فهي للدماغ مثلما الرياضةُ للبدن. وهنا نقطةٌ تُحسَبُ لعبقرية اللغة العربية على اللغات الأخرى التي أطلقت على ذلك العلم أسماءً مثل Mathematics المشتقة من الجذر الإغريقي Mathema التي تعني: “ما تمَّ تعلّمه، أو معرفته". وكانت الكلمة تُطلق على معظم العلوم وحتى الفلك، قبل أن ينفرد الاسمُ فقط بعلم الرياضيات المعروف حاليا، من جبر وحساب مثلثات وتفاضل وتكامل، وغيرها من رياضات الذهن الجميلة. وأتذّكر الآن العبارة المدهشة التي كتبها الفيلسوفُ الإغريقي "أفلاطون" على باب "أكاديميا" التي كان يشرح فيها لطلابه مبادئ الفلسفة: (مَن لا يعرفُ الرياضيات والهندسة، لا يدخل علينا.) هنا يتأكد لنا العلاقة الوثقى بين علم المنطق وبناء الذهن الصحي السليم. أجرى الباحثون دراستَهم على نحو سبعمائة شخصٍ يبلغون من العمر ثمانين عامًا. وجاءتِ النتيجةُ كالتالي: كبارُ السنّ النُشطاء "ذهنًا"، معرضون بنسبة أقلّ للإصابة بمرض آلزهايمر، مقارنةً بأشخاص لم يمارسوا أيَّ نشاط فكريّ خلال أعمارهم. وإذًا، تكفي قراءةُ كتابٍ من وقتٍ إلى آخر، للوقاية من أمراض الشيخوخة الذهنية مثل الخَرَف والنسيان والتراجع العقليّ وفقدان القدرة على التحكم في الوظائف الحيوية. لهذا قيل إن مَن يقرأ يعيشُ ألفَ حياة، لا حياة واحدة. وأجرت الأممُ المتحدة دارساتٍ وأبحاثًا حول عادات القراءة لدى مختلف شعوب العالم. أفادتِ تلك الدراساتُ أن معدَّلَ ما يقرأه الفردُ، سنويًّا، على طول العالم العربيّ وعرضه، هو ربعُ صفحة فقط(!)، فيما معدّلُ ما يقرأه الفردُ الأمريكيّ أحد عشرَ كتابًا، والبريطانيّ ثمانية كتب، كلَّ عام. أما الإسرائيليّ المحتلّ فيقرأ أربعةَ كتبٍ شهريًّا، أي "ثمانية وأربعين" كتابًا كلّ العام! مصادفةٌ عجيبة لرقم حزين (48)! وبهذه المناسبة أدعوكم إلى أمسيتي الشعرية وحفل توقيع بعض كتبي الجديدة في قاعة "المكتبة الأدبية" بلازا رقم (1) بمعرض القاهرة الدولي للكتاب يوم الجمعة 4 فبراير الساعة 6 مساء. كل معرض كتاب ومصرُ جميلة ومشرقة في جمهوريتنا الجديدة الباهرة. وختامًا أقولُ لكم: اقرأوا تصحّوا؛ لأن في القراءة حياة . “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
***
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عيدُ الغطاس … والقلقاسُ الأخضر
-
رسالةُ سلام للعالم … من أرض السلام
-
منتدى شباب العالم … ميلاده الرابع
-
تهاني الجبالي … الماعت … وداعًا!
-
مِحرابٌ ومَذبح … في الجمهورية الجديدة
-
جرسُ الجامعة يُودِّعُ عصفورَ الأدب
-
رحلة العائلة المقدسة… وجائزة فخرُ العرب
-
السِّحرُ الذي ... معقودٌ بناصيتها
-
شجراتُ الصنوبر تُضيءُ جنباتِ مصر
-
ميري كريسماس بالمصري... أيها العالم!
-
شحاذون
-
“إحنا- … ضدّ التحرّش!
-
كيف تنمو الموهبة؟
-
-النظارةُ البيضاء- … تفضحُ دنيا النفاق
-
هل أنت عُكازٌ … أم مِرآة؟
-
ڤان ليو … قنّاصُ الجميلات
-
مجدي يعقوب… له خفقةٌ في كلِّ قلب
-
ماذا قالت -مايا آنجلو- في السبعين؟
-
لعنَ اللهُ من أيقظها!
-
الرجلُ الشريرُ الذي أفسدَ الكوكب
المزيد.....
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|