|
النخبة المدنية المصرية، الحلقة الاضعف!
سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.
(Saeid Allam)
الحوار المتمدن-العدد: 7143 - 2022 / 1 / 23 - 19:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بالطبع، حال نجاح اي حراك جماهيري مستقبلي، وهو امر حتمي، سيمثل تيار "الاسلام السياسي"، بالرغم من كل الضربات الامنية، الفصيل الاغلب، الذي سيسعى بكل تأكيد، سواء بشكل مباشر اوغير مباشر، في اتجاه اقامة دولة دينية "اسلامية"، ليجد الفصيل المدني من النخبة المصرية نفسه مجدداً، امام معضلة ضعفه في علاقته بالجمهور الواسع، هذا الضعف الذي يرجع بالاساس - بخلاف المسئولية الذاتية - الى "نجاح" سلطة يوليو منذ 52، في اضعاف "خنق" المجتمع المدني، وافساد قطاع واسع من النخبة المدنية كبديل في مواجة القمع حال عدم الانصياع، كما نجح في زرع الشك والارتياب بين افراده وفصائله، وقد شهد هذا الـ"نجاح" لسلطة يوليو قفزة من بعد يناير2011، مع احتساب زمن فترة الالتفاف التي استغرقت حوالى سنتين ونصف، من 25 يناير2011 الى 3 يوليو 2013، فقد استوعبت النسخة الاحدث من سلطة يوليو مغزى تداعيات اعلان "الطلاق" الذي اعلنه الشعب خلال الـ18 يوم من 25 يناير الى 11 فبراير 2011.
وامام حالة الضعف هذه للفصيل المدني امام الحراك الجماهيري الواسع في مواجهة تيار "الاسلام السياسي" الاغلب، سيجد الفصيل المدني نفسه مجدداً امام طريق واحد، بسبب ضعفه وتقاعسه، طريق اللجوء الى قوة المؤسسة العسكرية مرة اخرى، لكي يعود في وقت لاحق الى الشكوى والتذمر من سيطرتها على كل مناحي الحياة، بما فيها المجتمع المدني وقواه الناعمة، اي بعد اللجوء الى القوة العسكرية يشتكي من ضمور القوة الناعمة للمجتمع المدني!.
يذكرني يناير كل عام بمدى الضعف والوهن بل و"الانتهازية السياسية" – التى لا يحتكرها تيار "الاسلام السياسي" وحده - التى وسمت اداء النخبة المدنية "القديمة" في اعقاب 25 يناير 2011، .. على سبيل المثال وليس الحصر، فقط للتذكير وتحصيل الخبرة:
المثال الاول: في انتخابات اول برلمان بعد 25 يناير "برلمان الثورة" ترشح عدد من التيار القومي الناصري على قوائم غريمهم التاريخي، قوائم "الاخوان المسلمين"، هل بعد هذا الضعف من ضعف؟!، حدث هذا في انتخابات "برلمان الثورة" فماذا في "برلمان الا الثورة"؟!.
المثال الثاني: عندما حصد "الاخوان المسلمين" اعلى الاصوات في انتخابات "برلمان الثورة"، دارت مناقشات حامية الوطيس على مدى ايام بين اعضاء البرلمان من النخبة المصرية، لايجاد حل للمشكلة السياسية والفلسفية العويصة المتلخصة في ان "الاخوان المسلمين" قد حصلوا على اعلى الاصوات، ولكنهم لم يحصلوا على نسبة 50% زائد واحد، دارت المناقشات والجدالات داخل البرلمان وخارجه حول ماذا سيكون التوصيف السياسي الدقيق لكتلة الاخوان في البرلمان، فهم لا يمكن ان يعطوه صفة "الاغلبية" لانه لم يحصل على نسبة 50% زائد واحد، المعتمده، وبعد جهد جهيد "وعصف ذهني" (التعبيرالمغفور له، الذى كان يستخدم بالهطل وقتها من قبل النخبة المصرية، والذى كان له شرف السبق في الترويج لهذا التعبير "الصرعة" الدكتور عمرو حمزاوى، واحد من ابرز نجوم النخبة المصرية "الكجوال" وقتها، وهو التعبير الذي حل محله تعبير الجديد، الذي ورثته النخب حالياً تعبير "المقاربة" الذي تستخدمه بديلاً لأي ولكل معنى).
بعد الجهد الجهيد توصلت النخبة الى الحل العبقري لحل المشكلة العويصة لوصف كتلة الاخوان في البرلمان، فتوصلت الى انه لن يسمى بـ"الاغلبية" ولكن بـ"الاكثرية"! .. وبخلاف ان "الاكثرية" هى مجرد مرادف للـ"الاغلبية" بدون فزلكة فارغة، فانه قبل حوالي 400 سنة كانت قد اسست نظرية "النسبية العامة"، وبعدها، وقبل حوالي 120 سنة من الان، طورها اينشتاين الي "النسبية الخاصة"، وهى معلومات مفترض ان يعلمها تلاميذ المدارس العليا ان لم تكن الدنيا في الدول اللي فيها تعليم .. وعليه تكون كتلة الاخوان بالبرلمان التي لا يصلح ان توسم بـ"الاغلبية" لانها لم تحصل على نسبة 50% زائد واحد، فانه في هذه الحالة بكل بساطة توسم بـ"الاغلبية النسبية" خلافاً للـ"الاغلبية المطلقة" التي تعنيها ضمناً "الاغلبية"، حدث هذا في انتخابات "برلمان الثورة" فماذا في "برلمان الا الثورة"؟!.
المثال الثالث: في اول انتخابات رئاسية اعقبت 25 يناير، تكالب عدد كبير – نسبياً – من النخبة المدنية على الترشح للرئاسة، حتى من قبل البعض الذى لا يعلم احد من الجمهور عنه شيئاً، فيما عدا اصدقاؤه الشخصيين، واخرين ليس لديهم اي خبرة بالعمل العام، ناهيك عن ادارة دولة بحجم وتاريخ مصر. لقد فشلت كل الجهود – الذى شاركت فيها شخصيا – لاثناء بعضهم عن الترشح وتوحيد الاصوات خلف مرشح واحد للقوى المدنية قد يكون له فرصة لتحقيق نتائج تنافسية، مستفيدين من اجواء 25 يناير الثورية، ابداً، اصر الجميع "اللي يسوى واللي مايسواش" على الاستمرار في تفتيت الاصوات.
بل وصل الامر ببعضً من النخبة المصرية المدنية، ان اقاموا مزاد للـ"التضحية والفداء" من اجل شعب مصرالعظيم، فهذا اعلن انه سيتنازل عن نصف مرتبه الشهري حال فوزه بالرئاسة، والثاني ازاد، انه سيتنازل عن كل امتيازاته حتى انه سيظل في شقته السكنية الحالية وسوف يذهب الى القصر الرئاسي يومياً فقط لادارة شئون الدولة، والاخر رفع المزاد درجة اخرى، واعلن انه سيذهب الى القصر الرئاسي بـ"الدراجة الهوائية" .. الخ، مسخرة وانتهازية سياسية، وانانية ذاتية مقيتة، طبعاً، النتيجة معروفة، بعد وضع الشعب امام الاختيار الصعب، اما اختيار ممثل النظام الذي ثاروا عليه، واما ان يختاروا ممثل الاخوان، والذى تخشاه، عن حق، قطاعات واسعة من الشعب، ومن ثم، نفس النخبة ذهبت الى فندق "فيرمونت" وشربت شاي بالليمون، واضاعوا نتائج كل التضحيات الغالية لمن ضحوا بحياتهم او بعيونهم او باطرافهم آملين فى مستقبل افضل لأهلهم، والباقى حتى 30/6/2013 اصبح معروف نتائجه بعد ان اكملت النخبة المدنية المصرية دورها على اكمل وجه .. حدث هذا في انتخابات "رئاسية الثورة" فماذا في "رئاسية الا الثورة"؟!.
المثال الرابع: يتعلق باحد نجوم النخبة المدنية الدكتور عمرو حمزاوي، فعندما اراد "برلمان الثورة" ان يشرع قانون "حماية الثورة" بأستبعاد رموز النظام السابق "مبارك" بحرمانهم من حقوهم السياسية كالترشح للمجالس المحلية او النيابية او الرئاسية .. الخ، فكان القرار باستبعاد قيادات الحزب الوطني، ولان حمزاوي كان عضواً في لجنة السياسات "لجنة الوريث، جمال مبارك"، بالحزب الوطني، فعند تحديد المدى الزمني لمن ينطبق عليهم هذا القانون، تم تفصيل المدة على مقاس حمزاوي بحيث لا تنطبق عليه، انه ميراث "ترزية القوانيين" التى لم تتوقف النخبة يوماً عن تجريسه!، (يذكرنا هذا، بالتعديل الذي ادخل على الدستور السوري بـ"التفصيل" لتنطبق شروط الترشيح للرئاسة على السفاح بشار الاسد.)، ومن المؤشرات الدالة على نوعية بعضً من النخبة المدنية، ان حمزاوي نفسة ابن واحدة من افقر محافظات الوجه القبلي المصري "المنيا"، فبدلاً من ان يترشح في احدى دوائر محافظته التي هى في امس الحاجة لمجهودات النهوض بالاوضاع الصعبة فيها، ترشح حمزاوي في واحدة من ارقى احياء العاصمة القاهرة "مصر الجديدة"، حدث هذا في انتخابات "برلمان الثورة" فماذا في "برلمان الا الثورة"؟!.
ما العمل؟! بدون مجتمع مدني قوي ومنظم ومستقل، ستكون الانتكاسة هى النتيجة المؤكدة لحراك الجماهير الواسع فى ظل غياب مجتمع مدني قوي ومنظم ومستقل، والذي ستشكل الفوضى الخطيرة ابرز احتمالات هذه الانتكاسة المؤكدة، لاسباب موضوعية عديدة، ولن يمنعها النظرية الخائبة الفاسدة الهشة التى تقول بسذاجة منقطعة النظير، بان الشعب المصرى غير الشعب السورى وغير باقي الشعوب التي شهدت بلادها دماراً في اعقاب "الربيع العربي"، هذه النظرية الخائبة التى كأنها ترى ان الشعب السوري او باقي شعوب الدول التي دمرت، هو من سعى الى العنف والدمار!.
ان ضعف الوعي النظري هو ابرز مظاهر ضعف النخبة المدنية المصرية، وهو مرتبط عضوياً بالطبع، بمصادرة سلطة يوليو لاي عمل منظم مستقل للمجتمع المدني - الممارسة العملية وثيقة الصلة بتطور الوعي النظري - ان معالجة هذه النقطة، ضعف الوعي النظري، تأتي على رأس جدول اعمال القوى الحية في الفصيل المدني، وهى مهمة شديدة الصعوبة، ولكنها ليست مستحيلة، رغم القبضة الامنية، وقبة الاعلام الحديدية، ومصادرة كل عمل تنظيمي مستقل للمجتمع المدني، لتصبح في ظل هذا الواقع المزري، مهام تشكيل منظمات المجتمع المدني المستقل في اضيق الحدود الممكنة، الا ان مهمة رفع مستوى الوعي النظري – وللاسف في ظل ادنى نشاط للممارسة العملية الضرورية كلياً للوعي النظري – رغم كل ذلك، وبسبب كل ذلك، تظل هذه المهمة، رفع مستوى الوعي النظري، هى المهمة الرئيسة التي يجب ان تلقى كل اهتمام وعناية وابتكار وابداع ملهم، من القادة الاجتماعيين والسياسيين للمجتمع المدني المصري.
هام جداً الاصدقاء الاعزاء نود ان نبلغ جميع الاصدقاء، ان التفاعل على الفيسبوك، انتقل من صفحة سعيد علام،واصبح حصراً عبر جروب "حوار بدون رقابة"، الرجاء الانتقال الى الجروب، تفاعلكم يهمنا جداً، برجاء التكرم بالتفاعل عبر جروب "حوار بدون رقابه"، حيث ان الحوار على صفحة سعيد علام قد توقف وانتقل الى الجروب، تحياتى. لينك جروب "حوار بدون رقابه" https://www.facebook.com/groups/1253804171445824
#سعيد_علام (هاشتاغ)
Saeid_Allam#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مباهج الديمقراطية الامريكية في السودان!
-
اعلان هام: اذا كنت مجرم دولي وتبحث عن ملجأ، فأهلاً بك في الو
...
-
السيسي يرد على دعوتنا، بالدفاع عن صندوق النقد؟! طالبنا برد م
...
-
الديمقراطية الامريكية، وحركات حقوق الانسان!*
-
ماذا تعني، حركات حقوق الانسان بدون سياسة ؟! لا احتلال اقتصاد
...
-
رسلة مفتوحة للنخبة المصرية، الواعون منهم والغافلون!. العملاء
...
-
لماذا يحرص السيسي على اشعار الشعب بالذنب؟!
-
خطايا النظام يتحملها الشعب؟!
-
ماذا يعنى نشر الديمقراطية فى الشرق الاوسط؟!
-
وجدتها وجدتها .. هنا التمويل، فلنرقص هنا!
-
هل نجيب ساويرس معارض وطنى، حقاً ؟!
-
آل ساويرس كممثلين للنيوليبرالية الاقتصادية، فى مصر والشرق ال
...
-
صراع الديناصورات: آل ساويرس ك-ممثلين- للنيوليبرالية الاقتصاد
...
-
-صخرة يوليو-!
-
سد النهضة مشروع سياسى، قبل ان يكون تجارى!
-
كيف نوقع على وثيقة تزور تصنف النيل ك-نهر عابر للحدود-، ثم نط
...
-
متى تنتهى الحرب العالمية الثالثة، الغير معلنة؟!
-
بمناسبة زيارة ماكرون للسعودية، والازمة اللبنانية: كلمة السر
...
-
احدث -الاعيب شيحا-! ساويرس والهروب الى الامام.
-
رسالة الى حسني النية فقط: بعيداً عن هدف الالهاء فى خناقة كتا
...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|