أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عزيز خالد - في ذكرى اغتياله.. باتريس لومومبا وتحرير الكونغو















المزيد.....

في ذكرى اغتياله.. باتريس لومومبا وتحرير الكونغو


عزيز خالد

الحوار المتمدن-العدد: 7138 - 2022 / 1 / 17 - 09:57
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    



ترجمة عزيز خالد

لا يستطيع المضطهدون نيل تحررهم دون الاستغراق في التأمل في تاريخهم.

باتريس إيمري لومومبا، أول رئيس وزراء للمستعمرة البلجيكية السابقة الكونغو، هو أحد أشهر الشخصيات في الكفاح الإفريقي ضد الاستعمار.برزت أسطورة لومومبا بجدارة في يوم الاستقلال الهائل في 30 يونيو 1960. في ذلك اليوم، تحدَّى لومومبا إشادة الملك البلجيكي بودوان الأول بـ”مهمة إرساء الحضارة” التي دشَّنها الملك السابق ليوبولد الثاني إلى الكونغو.

بين عاميّ 1885 و1908، شهد حكم ليوبولد الثاني مقتل تسعة ملايين كونغولي، وقام جيش الملك بتقطيع أيادي الآلاف لأنهم لم يزوِّدوا المستعمرين بالحصص المطلوبة من المطاط. كان هذا النظام مدعومًا من قبل شركاتٍ متعددة الجنسيات، مثل UMHK، وهو اتحاد يضم بنوكًا وشركات تعدين بلجيكية وبريطانية. كان هذا النظام أيضًا مدعومًا من الكنيسة الكاثوليكية، التي طلب منها ليوبولد تبرير الاستعمار و”إبعاد الكونغوليين المتوحشين عن الثراء الوفير في باطن الأرض، لئلا يحلموا يومًا ما بإطاحة الملك”.

ولكن ردًا على إشادة الملك بودوان بسلفه ليوبولد، شَكَرَ الرئيس الكونغولي الجديد جوزيف كازافوبو الملك بخجل. وفي خطابٍ ارتجالي، رفض لومومبا بغضب الرواية البلجيكية، قائلًا إن الاستقلال هو ذروة الكفاح القومي البطولي ضد العبودية. كان هناك احتفاءً بالغًا بلومومبا على مستوى العالم، وأطلق عليه مالكولم إكس لقب “أعظم إفريقي حي”. ومنذ تلك اللحظة تجاوز لومومبا الخط الأحمر للإمبرياليين. في تسلسلٍ سريع للأحداث، تآمر الغرب مع النخب الكونغولية لعزله وقتله.

الكونغو في الخمسينيات
وُلِدَ لومومبا في العام 1925 لعائلةٍ فلاحية بمقاطعة كاساي الكونغولية. لكن سياساته تشكلت من خلال صعوده إلى الطبقة الوسطى، طبقة الإيفولي، التي تألَّفَت من الموظفين والممرضات والمعلمين. كانت طبقة الإيفولي تحاكي أسلوب الحياة الأوروبي، واحتقروا الجماهير “غير المتحضرة”. بحلول العام 1955، بَلَغَ لومومبا المستويات العليا من مجتمع الإيفولي، بعدما علَّم نفسه ذاتيًا وتدرَّب على العمل كموظفٍ في البريد. التحق أطفاله بمدارس البيض وكان يترأس جمعيات التطور في ستانليفيل (كيسنجاني حاليًا)، وبعد ذلك العاصمة ليوبولدفيل (كينشاسا حاليًا).

أيد لومومبا، الذي كان نصيرًا لمثقفي التنوير الأوروبيين، مع آخرين، دعوة الأستاذ البلجيكي أنطون فان بيلسن في عام 1956 للاستقلال في غضون 30 عامًا.

في الخمسينيات، شكَّل الإيفولي أحزابًا قومية كانت إلى حد كبير عرقية وإقليمية. دافع تحالف شعب الكونغو (أكادو)، بقيادة كازافوبو، عن القومية العرقية للباكونغو ودعوا للاستقلال الفوري. وفي كاتانجا، كانت كونفدرالية اتحادات كاتانجا، الإقليمية والمناهضة للشيوعية (كوناكاتا)، بقيادة مويس تشومبي. أما الحركة الوطنية الكونغولية، بقيادة لومومبا، فقد دعت إلى دولة موحدة واستقلال “في غضون فترةٍ زمنية معقولة”.

بعد إطلاق سراحه عام 1957 من السجن بتهمة الاختلاس، خرج لومومبا متأثرًا بالمفكر الغاني كوامي نكروما. هدفت طبقة الإيفولي إلى إقامة دولة جديدة يعملون فيها مع الغرب كشركاء صغار في ثاني أكبر دولة صناعية في إفريقيا. كانت الكونغو منتجًا عالميًا رائدًا للماس والنحاس والذهب والكوبالت والكولتان واليورانيوم المستخدم في القنابل الذرية الأمريكية.

لكن كان هناك مصدر قوي للمقاومة. شهد التصنيع في الكونغو صعود الطبقة العاملة التي نمت إلى نصف مليون عامل بحلول أواخر الخمسينيات، وتدفق الكثيرون منهم إلى صفوف الأحزاب القومية. أدى نهجهم النضالي ومطالبهم الراديكالية، مثل الاستقلال الفوري، إلى توترات مع طبقة الإيفولي. لكن ذلك أدى إلى تجذير قسم صغير من الإيفولي، وكان من هؤلاء باتريس لومومبا.

تطلَّع الإيفولي إلى حركةٍ قومية يمكن أن تفتح الطريق أمامهم ليصبحوا قادةً في بلدٍ خالٍ من عبودية الإمبريالية. لكنهم كانوا يخشون أيضًا من تصاعد نضالات العمال إلى ثورة اشتراكية.

بعد الثورة الروسية عام 1905، وضع الاشتراكي الشاب ليون تروتسكي نظريةً مفادها أنه بسبب هذه المخاوف والخضوع للإمبريالية، لم يتمكن الرأسماليون والنخب في الدول النامية المتأخرة من قيادة النضالات من أجل الديمقراطية والاستقلال الوطني والتنمية بشكل فعال كما حدث في أوروبا والولايات المتحدة. وفي مراحل حرجة، قد تساوم هذه النخب مع النظام القديم، خوفًا من الثورة. فقط العمال المتحالفون مع الفلاحين هم من يستطيعون قيادة النضال. لكن مطالب العمال يجب أن تتجاوز الديمقراطية الليبرالية وصولًا إلى الثورة الاشتراكية. أطلق تروتسكي على هذه الفكرة “نظرية الثورة الدائمة”.

أثبتت الأحداث التي تلت عام 1959 في الكونغو صحة نظرية تروتسكي. كانت نقطة التحول في 4 يناير 1959 حيث ثار أكثر من 35 ألف عامل وعاطل عن العمل في ضد الاستعمار الأوروبي في العاصمة ليوبولدفيل.

سُحِقَت هذه الحركة على يد “قوات الانتشار” بقيادة الجنرال البلجيكي يانسنز، وقُتِلَ ما يصل إلى 500 شخص. كان “يوم الشهداء” مجزرة دموية، لكنه كان علامةً على دخول الطبقة العاملة كقوةٍ حاسمة في النضالات ضد الاستعمار، وتحولها في اتجاه ثوري. ومنذ ذلك اليوم، انتشرت الاحتجاجات والمظاهرات في جميع أنحاء البلاد.

الاستقلال وما بعده
لاستباق موجة التمرد المتصاعدة، أعلن البلجيكيون المذعورون أن موعد الاستقلال سيُقدَّم إلى 30 يونيو 1960. وفازت الحركة الوطنية الكونغولية بقيادة لومومبا بمعظم المقاعد في انتخابات ما قبل الاستقلال، ولكن دون أن تحرز أغلبية. أدَّى ذلك إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع كازافوبو كرئيسٍ ولومومبا كرئيسٍ للوزراء.

كان رهان البلجيكيين يتمثَّل في منح استقلال وهمي في ظل نخبة جديدة سوداء، الإيفولي، وأن هذه الطبقة ستحمي مصالحهم. لكن الإيفولي كانوا ضعيفين ومنقسمين وعديمي الخبرة، وواجهوا طبقة عاملة مناضلة. واندلع الصراع في غضون أيام من الاستقلال.

توقعت الجماهير تحسيناتٍ كبيرة في حياتهم. لكن في 5 يوليو، أخبر الجنرال يانسنز جنوده بالقرب من ليوبولدفيل أنه لن يكون هناك أي تغيير حقيقي. وكتب على سبورةٍ أمامهم: “قبل الاستقلال = بعد الاستقلال”. هذا ما أشعل تمردًا انتشر في جميع أنحاء البلاد وتنامى إلى انتفاضةٍ شعبية هاجمت البيض والشركات وممتلكات الكنائس، وطالب يانسن بنشر القوات البلجيكية.

قدَّم لومومبا تنازلاتٍ لتهدئة الجماهير، فقام بعزل يانسنز، وترقية الجنود السود، وكذلك استبدل القادة البيض. ومن ناحيتهم، بدأ البلجيكيون في التآمر مع حلفائهم المحليين لتدمير لومومبا. قاموا أولًا بتقسيم البلاد. استقل تشومبي، زعيم كونفدرالية اتحادات كاتانجا، بدعم من بلجيكا وشركة UMHK، بمقاطعة كاتانغا. ورفض الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد، الذي اعتقد لومومبا أنه سيدعم إنهاء الاستعمار، التدخل. وفي المقابل، قامت قوات الأمم المتحدة بحماية نظام كاتانغا المنشق. بحث لومومبا حوله عن حلفاءٍ جدد وتوجه نحو روسيا، وكان هذا يعني أن الإمبرياليين الغربيين سيضاعفون جهودهم للقضاء عليه.

دعم لومومبا في بعض الأحيان التظاهر والحشد والانتفاضات الشعبية. وفي أوقات أخرى، فضَّل اتباع نهجٍ حذِر قائم على الكاريزما الشخصية ومناشدة الدول الإفريقية، والأمم المتحدة، والولايات المتحدة، ثم روسيا لاحقًا.

على نحو متزايد، تحولت الجماهير التي أخافت البلجيكيين وكان بإمكانها إعادة تشكيل الكونغو إلى متفرجين على عملية تجري في قمة المجتمع. أقدم الرئيس كازافوبو على عزل لومومبا في 5 سبتمبر. وسرعان ما تبع ذلك انقلاب مدعوم من الولايات المتحدة بقيادة العقيد جوزيف موبوتو. هرب لومومبا من الإقامة الجبرية في ديسمبر، لكن قوات موبوتو تمكنت من اعتقاله بمساعدة الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

لومومبا.. قصة لم تنته
نُقل لومومبا إلى كاتانغا حيث أُعدِمَ مع اثنين من رفاقه على يد جنود تشومبي، بتوجيه من بلجيكا والولايات المتحدة، في 17 يناير 1961. وقد مُزِّقَ جسده إلى أشلاء وأُذيبَت في الحمض وتُرِكَت بضعة أسنان كتذكار.

أثار مقتل لومومبا موجةً من الغضب والتظاهرات في يوغوسلافيا ولندن ونيويورك. تبع ذلك أزمة الكونغو، حيث نشبت حربٌ باردة بالوكالة وحروب أهلية خلَّفت 100 ألف قتيل. أعلن “تمرد سيمبا”، الذي شنَّته القوات المناصرة للزعيم الراحل بالتعاون مع الفلاحين عام 1964، قيام جمهورية الكونغو الشعبية “الشيوعية”. دعمتهم في ذلك بعض الدول الإفريقية وكوبا، التي أرسلت تشي جيفارا لفترة وجيزة للمساعدة. لكن الجمهورية الشعبية سُحِقَت بعد تدخل الولايات المتحدة وبلجيكا والأمم المتحدة.

استولى موبوتو على السلطة في انقلابٍ آخر مدعوم من الولايات المتحدة في عام 1965. وبدعم من الغرب، أسس حتى أحد أكثر الأنظمة الديكتاتورية فسادًا وشراسةً في تاريخ إفريقيا امتدَّ حتى العام 1997.

لا تزال قصة لومومبا ذات صلة بيومنا هذا. وكما كتب المؤرخ البلجيكي الراديكالي لودو دي ويت، فإن “هذه الدراما هي أكثر بكثير من مجرد قصة قديمة ولَّت وماتت. إنها مثالٌ مذهل لما يمكن أن تفعله الطبقات الحاكمة الغربية عندما تتعرض مصالحها الحيوية للتهديد. يصبح الاغتيال بعد ذلك إجراءً تقليديًا”.

يضيف دي ويت قائلًا: “إن قتل لومومبا، وروزا لوكسمبورغ، وفيليكس مومي، ومالكولم إكس، فضلًا عن المذابح في جرنيكا وبوخنفالد ودريسدن وهيروشيما وماي لاي، لهي تعبيراتٌ عن نظام يحوِّل الرجال إلى وحوش”.

لم يكن لومومبا صائبًا على الدوام، ولم تنجح مقاومته ضد الاستعمار في النهاية. لكن خطاباته الجريئة تصلح اليوم تمامًا كما اليوم الذي قيلت فيه: “سيأتي اليوم الذي سيتحدث فيه التاريخ. لكنه لن يكون التاريخ الذي يُدرَّس في بروكسل أو باريس أو واشنطن أو الأمم المتحدة. سيكون التاريخ الذي يُدرَّس في بلادنا التي نالت الحرية من الاستعمار وعملائه. ستكتب إفريقيا تاريخها الخاص وستكون قصة مجدٍ وكرامة”.

* المقال مترجم عن صحيفة “العامل الاشتراكي” البريطانية



#عزيز_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف شوَّهَت الستالينية الأفكار الماركسية
- المزارعون الهنود يزحفون إلى نيودلهي والدولة تفشل في إيقافهم
- إرث الاستعمار الكامن وراء كارثة لبنان
- الملايين مهددون بمجاعةٍ قد يسبِّبها الوباء
- الوباء ينتشر وزعماء العالم يبحثون عن الأرباح
- العنصرية والثورة في الولايات المتحدة


المزيد.....




- النهج الديمقراطي العمالي يساند ويدعم النضالات والاحتجاجات ال ...
- أهالي بلدات وقرى جنوب لبنان يسارعون للعودة إلى مساكنهم رغم ا ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- كلمة عمال وعاملات شركة سيكوم/سيكوميك بمناسبة اليوم العالمي ل ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ...دفاعا عن الجدل (الجزء الث ...
- صفارات الانذار تدوي في شمال فلسطين المحتلة وشمال تل أبيب وفي ...
- م.م.ن.ص // تأييد الحكم الابتدائي في حق المعتقلة السياسية سم ...
- تصاعد المواجهات بين الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان، ومق ...
- أكبر جامع في ألبانيا والبلقان.. شاهد: -نمازجاه- في تيرانا ما ...
- باكستان: مقتل أربعة من قوات الأمن بصدامات مع متظاهرين مؤيدين ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عزيز خالد - في ذكرى اغتياله.. باتريس لومومبا وتحرير الكونغو