أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد مطشر - شمس .. إلتقاطات الظهيرة الباردة














المزيد.....

شمس .. إلتقاطات الظهيرة الباردة


رعد مطشر

الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 07:38
المحور: الادب والفن
    


فوتغراف نثري

وَضَع حياتَهُ في فتحة العدسة دون أن ينظّم حُزُم الضوءِ المتسلّل إلى لوح عمره الحساس ، مُسجَّلاً وجوهاً للذكرى ، وطفولةً يحاصرها الزمن بأصابعِ الشيخوخة المبكرة ، ودون أن يثبّت سرعة التقاطه لهذا العمر ، لتتقافزَ السنواتُ خلفَ المسافة اللازمة لوضع حدّ فاصلٍ بين الغموض والوضوح ، فتصطدم المسافات بضوئه وبالفراغ الممتد إلى زوايا الصورة حين تميل آلته كثيراً لتؤطّر صور الراحلين إلى طفولات مجهولة ومدنٍ مطمورة ، والآيلين إلى تفاصيل تبتسم وسط الكارثة .... وكلّما ضغط على ( زر ) حياته رأى الوجه الآخر لمدينة كركوك المؤسطرة في مسلّةٍ يقالُ إنّها من نسج الخيال ، ويقول الخيال إنّها من نسج الواقع المركّز في معبدٍ لأله الرعد والأمطار فهل كان ( شمس الدين أمين حمه ) يدري بأن مدينته ستأخذه من عينيه إلى عينيها , ومن أناملِهِ إلى أيامها ووجوهها المهملة لتربط بين عينيه وأناملِهِ وتحصره بآلته صغيرةٍ تثبّت وقائع اليوم للغد ، وتذكّر الغدَ بما هو ماضٍ .. وهل يدري بأنَّ حياتَهُ تتوّزع في حياة المدينة وفي وجوهها الكثيرة ، المتشابهة الحزن والفرح ، العريقة في سلالاتها وأساطيرها .. فمضى يصوّر ويصوّرُ .. وكأنّه في سباقٍ مع أنامله وعينيه الغاطستين خلف نظّارتين دائريتين ... أحياناً يصادف نفسه في وجه امرأةٍ تحمل شعلتها بيدٍ مرتعشة وتتجّه إلى (24/9 قلعة ) .. وخلفها تنتصر الظلال على ضلال التهدّم في شوارع المدينة ، وتخترق أزقّةً يتقاسمها الضوءُ والظلُّ , وتقسـّم سماءَها أسلاكٌ من هواء السواد ، ولهاث الجدران المتآكلة كالزمن فيسألها :( إلى أين يا سيّدتي ؟! ) ... فيجيبه السوادُ إلى ( 24 أخي حسين/ب 12 ) ... ولكنّه يُردف ( ألا ترين آثار العابرين وأصابع الحيرةِ على الجدار ؟! ) .. وبالطبع كانت جدرانه هو .. وهو الذي قادته حياته من ياقته إلى التصوير في العام ( 1978 ) هاوياً ، ثم مشتركاً في معرضٍ كأصغر مشارك لتصوير الجدران المعلّقة بسلسلةِ الخراب ، وبمسامير النائم في لوحٍ يتناسلُ من منحدرات الآلهة القديمة في كركوك وليساهم مع فناني المدينة في معارض مشتركةٍ أخرى وأخرى في العام ( 1984 ) ويعمل دليلاً لفناني بلاده هنا وهناك ، ويشترك في اللعبة أكثر ليفوز في ( 1987 ) بالجائزة الأولى في الصور الفنية بمناسبة ( عيد المصور ) وليكون أصغر من يلتقط حياة الآخرين .. بالأسود والأبيض موضحاً تباين الحياة .. وكأنّها أسود وأبيض ولا شيء بينهما .. وشيئاً فشيئاً يندمج في السواد لتأكله أرضية البياض المتسلّل من ثقبٍ في وردةٍ ساقطةٍ ، أو من كوّةٍ في قميصٍ متشبّثٍ بأطراف الهواء ، تاركاً لشظايا أصابعه نزوات اللون الرمادي .. وذكرى تلك السيدة القديمة ، سيدّة الضوء والظل ؛ الحاملة تضادات اللونِ كُلَّها فيكرّر سؤاله القديم ، الجديد :
- ( إلى أيـن يا سيدةَ المدينة الجديدة ؟! ) ... دعي حملك للريح , وزوجك لأزقّةِ الصمتِ وخلّي البنات أدلاّء لأسلاك الهواء خلف نخلة الرتابة وفي ظل الظهيرات الباردة ... دعي حملك معلّقاً كمصائدَ فئرانٍ وكسلاسلَ معلّقةٍ قرب( القيصرية ) ,أو( كماركات ) لأحـذية ( الحصير ) المزدهية بحبالها المحلـّقة عالياً فوق امرأةٍ تضحك وتضحك من أبنائها العراة تحت ركلات الفقروأسهم الوقت ومنحنياته .. سيّدتي علّكِ ترين ظلالَ المدينة ساهمةً هذه اللحظة تحت علامات الغرب وأكياس التعلّق بالخوف .. لكن لا تحـزني ففي القلب وطنٌ كبير يحضن ظلّي ويحذّرُ من :
* فمٍ عجوزٍ يستصرخُ عربتَهُ وإنحناءةَ ظهرِهِ وإنكسارَ أيامِهِ فوق صفائح الحديد والخشب .
* أو... من رجلٍ يجلس منزوياً في خان ( الحلواني ) القديم ، أبوابه بوسع الشمس ، يجلس وسط القُمامةِ تاركاً مقعدَهُ للقادم من باب الخان ، وباحته المتسلقة جدران الماء والموجة المضطربة خلف تحدّبه المتكيء على وسادة الحائط ..
* ومن رجل مُعمّرٍ ينتزع حياتَهُ المطويةَ كحذاء وحشي ، ويقلّدها ( حِرْزاً ) معلّقاً في عُنُق الخوف وعلى لحية الحزن ، قرب جدار التمدّن الخطير ..
* ومن .. ياه .. سيّدتي .. إنظري إليه ؛ عصاهُ ناقته ، ودُخّانُه خواءٌ وبابُه بعيدٌ بُعد ملابسي عن يدي ، وبعدُ يدي عن عصاه ، إنظري .. إنّه متوجّسٌ من ( كاميرتي ) يجلس على دكّة الحِراب ، يبحث عن سببٍ وجيه لذبول العالم ، وعن باب موصدٍ بهواء ، ومرقّم بدم المدينة القديمة ، وموشوم بـ ( أللـّهم إغفر ذنوبي وإفتح لي أبوابَ رحمتك ) .. أللـّهم إنـّي .. وحيدٌ مع كاميرتي وصديقي الشاعر بالرعد .. وصرختي من وصايا تقول على الحائط :
- ( إنَّ البيوت التي تلوذُ فيها الصور لا تدخلها الملائكة ) .. فتطردني الأيادي .. وأعود مع صديقي؛ كاميرتي ، ناسياً حذاء الأمسِ عند رأسِ رجلٍ عجوز ، وخبز اليوم وإناء الغدِ عند أقدام طفلٍ متكلّس الوجه من حصار مثقوبٍ كنعل مقلوب ، وأرقبُ سيدةَ الضوء والظل وهي تجلس وحيدةً وأمامها ظلّ كأسين لملء الشاي .. لكنّي لن أعود .. صورتي على الجدار تكفي لإلتقاط كل ظهيرات المدينة القديمة.. ولتدفئة كلَّ برودة السواد في آلتي.



#رعد_مطشر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كولالة نوري : الشعر إتزان الجميع
- نحن معا ًفي حبّ هذا العراق العظيم
- اليد تكتشف كرويّة جنونها
- عبد الرحمن الربيعي ... أيّها الغريب رتّق نيازكي
- مساقط الضوء أم مرثية الإنطفاء
- كرخيتي لآليء النور


المزيد.....




- صلاح الدين الأيوبي يلغي زيارة يوسف زيدان إلى أربيل
- من الطوب الفيكتوري إلى لهيب الحرب.. جامعة الخرطوم التي واجهت ...
- -النبي- الروسي يشارك في مهرجان -بكين- السينمائي الدولي
- رحيل الفنان والأكاديمي حميد صابر بعد مسيرة حافلة بالعلم والع ...
- اتحاد الأدباء يحتفي بالتجربة الأدبية للقاص والروائي يوسف أبو ...
- -ماسك وتسيلكوفسكي-.. عرض مسرحي روسي يتناول شخصيتين من عصرين ...
- المسعف الذي وثّق لحظات مقتله: فيديو يفند الرواية الإسرائيلية ...
- -فيلم ماينكرافت- يحقق إيرادات قياسية بلغت 301 مليون دولار
- فيلم -ماينكرافت- يتصدر شباك التذاكر ويحقق أقوى انطلاقة سينما ...
- بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافق ...


المزيد.....

- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد مطشر - شمس .. إلتقاطات الظهيرة الباردة