أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الآخر ومنفى الأنا














المزيد.....

الآخر ومنفى الأنا


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7132 - 2022 / 1 / 10 - 22:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
١١٠ - الأنا والآخر

بعد هذه الرحلة في متاهات الكابالا والتصوف اليهودي المعقد، وبعد معرفتنا بأن الفلسفة الحديثة والمعاصرة مشوبة بطريقة أو بأخرى بهذه الفلسفة، والتي في جوهرها تعود إلى الفلسفة اليونانية المتأخرة حسب غيرشوم شيلوم نفسه، فإنه من الضرورة العودة إلى الإنسان ومعركته الغير معلنة مع نفسه، وإن كان من المستحيل لغويا ومنطقيا وأنطولوجيا تقسيم الإنسان إلى قسمين متعارضين نظرا لكونه وحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة. غير أن الإنسان حاول في جميع الأحقاب والعصور التفاوض مع ذاته وعقد الصلح أو على الأقل عقد هدنة مؤقتة. وأعطى أسماء ووجوه وأقنعة متعددة لهذا "الآخر" الذي يسكن تحت جلده، فكان يكلم الله والملائكة والجن والأرواح المتعددة التي تتجول في الفضاء من حوله وتولول مع الرياح في ليالي الشتاء الممطرة. بطبيعة الحال، يمكنك أن تكلم الله وتناجيه وتحبه وتعشقه وتطلب منه ما تشاء، ففي هذه الحالة أنت متعبد صالح، ولكن عندما يبدأ الله يكلمك ويرد على تساؤلاتك، فهناك إشكالية تحتاج إلى الحل. في الماضي البعيد، عندما يكلمك الله، فأنت نبي أو قديس على أقل تقدير، أما اليوم فلابد أنك مصاب بالشيزوفرينيا أو الصرع أو أي إختلال عصبي آخر، وعادة ما ينتهي بك الأمر في مصحة لمعالجة الأمراض العقلية. وإذا كان الحل الديني قد فقد صلاحيته لمعاينة إشكالية الإنفصام الأنطولوجي للكائن، فإن الفن ما يزال ذا فعالية مريعة للتعبير عن هذه الإزدواجية الخلاقة والتي تبعث على القلق في نفس الوقت. ذلك أن هذا الإنسان ككائن غريب ومغترب، هو كائن المسافات البعيدة والأزمنة القادمة، الآن الحاضر يبدو دائما في غير مكانه ومتأخرا عن موعده، ويتسائل هذا الإنسان على الدوام متى سيكون مطابقا لذاته، متى سيأتي الآن ؟ ويدرك أن الآن يتحدد بما هو غير كائن، بما لم يأت بعد، وهو يعيش هذا التوتر بين الحاضر وعدم الـ "فيما بعد"، بين الآن وعدم ما كان في الأمس، وهذا التوتر هو أحد مصادر القلق الذي يعاني منه الإنسان منذ عهود بعيدة. الإنسان كائن يطارد نفسه، هو المطارد والطريدة، هو الصياد والفريسة. يريد أن يلتقي بنفسه، يتعرف على كينونته ووجوده، إمكانياته وحدوده، يريد أن يجلس على طاولة واحدة مع ذاته ويفتح جميع الملفات المؤجلة. وذلك ما أدركه رامبو الشاعر الرائي في السابعة عشرة من عمره.
ذلك أن الشاعر آرثور رامبو، أدرك بطريقة حدسية حقيقة في غاية الأهمية، أصبحت محل إهتمام الفلسفة والدراسات الفينومينولوجية فيما بعد، أدرك حقيقة تعالي الأنا أو الإيغو وكونه جزء من العالم وكائنا مثل بقية الكائنات ويمكن أن يكون موضوعا لوعيي تماما كالآخر، وذلك في الرسالة المسماة "رسالة الرائي - lettre du voyant " التي كتبها إلى جورج إيزامبارد Georges Izambard في 13 مايو 1871 حيث يقول: "أنا هي آخر. الأسف للخشب الذي يجد نفسه كمانا". وبعد يومين، يردد نفس الفكرة في رسالة مكملة لرسالته الأولى إلى بول ديميني Paul Demeney، قائلا : "لأن أنا هي آخر. إذا استيقظ النحاس بوقا clairon، فليس ذلك خطأ منه. هذا يبدو لي أكيدا : أنا أحضر تفتح تفكيري : أنظر إليه، أستمع إليه". وهي فكرة مفادها أن الأنا التي تفكر مغايرة للأنا التي تقول أنا أفكر. فالوعي يستطيع أن ينعكس على ذاته ويتأمل نفسه مفكرا.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكابالا والفلسفة الحديثة
- التصوف والعدم
- اللغة كسلاح ملوث
- الثورة .. والثورة
- عار الكلمات العارية
- أزمة العقل وضرورة الثورة
- المادة والثورة
- الحيوانات تحب لعق البترول
- الأمل أفيون الفقراء
- فكرة .. مجرد فكرة
- عن السلطة والمال والسلاح
- الإنسان مشروع الألوهية
- الرقم الروحي أو QR code
- الفن والحشيش وضرورة الهلوسة
- الإبداع الفني والمخدرات
- تيك تاك
- شكيبير .. الشاعر المسطول
- بمناسبة الإنتخابات الليبية
- الشعر والألوهية
- اليوم العبوس


المزيد.....




- حذاء إلفيس بريسلي من جلد الغزال الأزرق يُعرض للبيع في مزاد
- هل شاهد بوتين مناظرة CNN بين ترامب وبايدن؟ الكرملين يوضح
- الأردن.. الأميرة رجوة تثير تفاعلا بأحدث صورة بعيد ميلاد زوجه ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير طائرة بدون طيار أطلقها الحوثيون با ...
- كاميرا CNN ترصد مشاهد اقتراع الناخبين في إيران لاختيار خليفة ...
- -بوليفيا تنتصر للديمقراطية-.. رئيس المكسيك المنتهية ولايته ي ...
- ما الذي يجب أن تعرفه عن مناظرة بايدن وترامب التاريخية؟
- التدبير الاستباقي والتدبير التأجيلي
- يورو 2024: ألمانيا المنشية تواجه الدنمارك العنيدة في ثمن الن ...
- رئيس بوليفيا يكشف لـRT بعض خفايا محاولة الانقلاب في بلاده


المزيد.....

- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الآخر ومنفى الأنا