أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - طيف ريمورا














المزيد.....

طيف ريمورا


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1660 - 2006 / 9 / 1 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


سمعت عن ريمورا كثيرا, لكن ريمورا التي عرفتها آنذاك كانت قاتلة الجمال
عيونها متسعة كالبدر. وجهها ادمي ابيض جميل, فرغم كونها سمكة إلا أنها
لا تجيد السباحة في المحيط بل في الأماكن الهادئة الخالية من الكائنات البشرية
التقيت بها قبل أيام, عندما قررت زيارة إحدى الجزر النائية المهجورة كي
استنشق رائحة البحر دون رائحة أجساد المستجمين على الشواطئ

وصلت هناك في إحدى مساءات أيار المعتدلة, حيث غابات السفانا كست المنطقة, فتشابك الأشجار باخضرارها واصفرارها جعلني استنشق رائحة الحياة والموت معا, مما جعلني اشعر وكأني في كهف أخضر بارد, فرغم غرابة المكان إلا أنني شعرت بالسعادة, فقد سررت بمتاهتي وانتصاري, فإلى الآن لا أعرف لماذا ادبلج الجنون إلى تمرد, ربما لأنه انحرافا عن دائرة الوقت التي تقيدنا؟ أو التخلي قليلا عن العقلانية التي أحيانا تحتاجنا أن نرميها لنفصل العقل عن الجسد.
ريمورا كانت سمكة مميزه, ليست كالأسماك لا تستطيع العيش في قاع البحر, بل تحب الهروب إلى الشاطئ للرقص هناك. فهي تحب الرقص في الجزر النائية والمعزولة, وعلى الشواطئ المهجو ره دون الالتفات إلى السماء.
لقائي معها كان صدفة لم أحبها, فقد أثارت في نفسي الشفقة والذهول والتساؤلات. لماذا أتت إلى الغابة, والمحيط هو بيتها. حديثنا لم يكن طويلا, لكن حبا مني بمعرفة السبب, سألتها, وكم كانت دهشتي كبيره عندما قالت: "جئت لأختلي بطيفي قليلا. لاراقصه .لأحبه لأبعد الحدود, تحت الشمس والقمر. تحت المطر وعلى الشاطئ. جئت لألقاه كي نرقص مع الشجر العاري سوية ونتمرد سوية, نجن ونشرب سوية. أتيت لأرى نفسي التي أنتظرها كل يوم, رغم معرفتي وإدراكي أن الخروج من المحيط يهددني بالخطر, لكني أحب هذا الطيف وأحب هذه الأنا".
طيفها كان أنسيها الوحيد صديقها وحبيبها, كانت سعيدة به كسعادة الجسد بالروح حين تحييه.
كنت مصغية لها بإحساسي كلها. أحاول ترجمة ما تقوله تلك المخلوقة الغريبة الآدمية والغير آدميه, حاولت أن اعرف سبب عفويتها وبراءتها لكني فشلت بمعرفة الأسباب, فهم كذالك هؤلاء, البسطاء يعطون الثقة دون الإدراك بالعواقب.


بدأ الليل يخيم على الغابة. كنت انتظر مغادرتها بفارغ الصبر لأني ابحث عن الخلاء والاعتزال, فلم أحبذ وجودها في تلك الغابة, لكني قلت في نفسي سأنتظر ذالك الطيف سأرى لماذا تشبكها به لهذا الحد. سأنتظر لأرى طقوس تمردهم.
هدوؤها كان غريبا وصمتها جميلا ونظرتها أجمل. كانت جالسة متوحدة مع ذاتها تحاول الرسم على التراب الناعم.
انتظرت كثيرا لكن المنظر هو ذاته, وهذا ما أثار في نفسي الكثير من الشكوك, وإذا بنور ساطع أطفئ نور عيوني, فلم استطع فتحها بسهوله. أيقنت عندها أن الفجر قد أشرق واني كنت في سبات عميق.
نهضت مذهولة نادمة على تلك الغفوة وقمت بسرعة, فربما الحّق ما لم أره. نظرت حولي فوجدت فقط ما رسمته على التراب من صور لأطفال مختلفين, فتشت عنها وعن طيفها لكني لم أجدها. رحت اقفز من مكان إلى مكان محاولة بالعثور عليها. نسيت رحلتي ونسيت القصد من وراء رحلتي وأصبح هدفي ريمورا الهادئة. ماذا فعلت لي لا اعرف, ما سر اهتمامي بها لا أعرف.
بعد البحث الطويل وصلت للشاطئ الذي دخلت منه إلى الجزيرة وإذا بها مسجاة هناك وجسدها ملطخا بالدم محاولة في نزع قلبها من جسدها. اقتربت منها بقلب يفيض حزنا وأسى. حركتها لكني في الحال أيقنت أن ريمورا قتلت عندما كانت في طريقها بالعودة إلى المحيط.
شعرت بغصة في حلقي على فقدان تلك البهية الرائعة وانهمرت دموعي حزنا عليها وعلى طيفها الجميل الذي لم يهنئ بها وبرقصتها ا.
أخذتها بين ذراعي وإذا بيدي تقع على رسالة كتبت بقطرات من دمها, قالت بها:"
أيتها الإنسانة التي أتت هاربة إلى هنا. آه كم تعلمين كم أكرهك لأنك أمراه من شذى الزهر. أيتها المرموره الجميلة رأيتك ترقصين أمامي على قرع طبول هتك إذني وترجم لي عتمة الليل نورا ساطعا ذبح عيوني, وأغفاها خوفا من أن يتجلى نورك أمامي فلا استطيع الهروب منه.
يا حبة القلب أكتب لك لأنك امرأة ولدت في زمن تصلب به الانوثه وتعلق به الحلمات على قارعة الطريق, اكتب لك لأنك امرأة, وهويتك امرأة, يا من قرعت طبول الحزن في نفسي. يا صاحبة الأنامل الناعمة وبراءة الأطفال, يا بهجة كان سقوطها مزمار الم أساح دمها في غلس أيار.
آه من أيار وعتمة أيار وطيف أيار, ذبحوني فيه ورسموا وجهه على جسدي المسبّل بين شقائق النعمان.
آه يا سيدتي الجميلة, يا طفلة رقيقه, الم تدركي أن هروبك إلى الغابة دمامل ألم تعتصر جراحي؟
يا أنت, يا أنا, يا أطياف الربيع وحزن النوارس القادمة والمهاجرة, هل عرفت الآن لماذا اكتب لك؟
اكتب لك لأننا رقصنا سوية في عتمة الليل على أنغام صاخبة دون أن تعلمين أن الرقص عهر, والتمرد كفر في ارض الأنبياء والعالم كله أنبياء وأنت مرموره جارية, أطفئ الزمن نباريس فرحك واغتال الطفل الذي في داخلك.
اكتب لك لأنك أنت. احبك كما أنت, وأكرهك كما أنت. اكتب لك لأنك طيفي الذي قتلني."



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجيب محفوظ : كفرنا بك مرتين
- صعود اخر
- حلقات الضوء
- لغز اليد الممدودة
- نساء من نبيذ ونار
- مزامير ثقافية
- حفر في التعري,قبل قدوم البحر
- -جوانب أخرى للمرأة في أدب -زياد خداش
- عري القناديل: امرأة, قصيده ووطن
- النرجس لا ينبت في نيسان
- ضرورة انتقاد المسئولين
- العسر التعليمي الاكاديمي
- العسر التعليمي التطوري
- مذكرات متعسر


المزيد.....




- شوف ابنك هيدخل كلية إيه.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 ب ...
- LINK نتيجة الدبلومات الفنية 2024 الدور الأول بالاسم ورقم الج ...
- رسمي Link نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس والاسم عب ...
- مشاهدة مسلسل تل الرياح الحلقة 127 مترجمة فيديو لاروزا بجودة ...
- بتقنية الخداع البصري.. مصورة كينية تحتفي بالجمال والثقافة في ...
- ضحك من القلب على مغامرات الفأر والقط..تردد قناة توم وجيري ال ...
- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - طيف ريمورا