أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - أصالة عروبة الإنتماء العراقي















المزيد.....

أصالة عروبة الإنتماء العراقي


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 7125 - 2022 / 1 / 3 - 08:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة فرية غريبة يتداولها البعض عبر منصات التواصل الإجتماعي وبعض وسائل الإعلام , بمناسبة أو بأخرى ,يحاولون من خلالها إننتزاع هوية الإنتماء الأصيل لملايين العراقيين من العرب والمسلمين الذين يشكلون غالبية العراقيين , بدعاوى زائفة مفادها أن العرب والمسلمين منهم تحديدا , إنما هم أقوام غازية وفدت إلى العراق من شبه الجزيرة العربية قبل مئات السنيين وإستوطنت فيه , وإنتزعت هوية سكان العراق القدماء , ويدعي هؤلاء أنهم سكان العراق الأصليين الذين همشهم العرب الفاتحين . يحاول البعض منهم تأكيد أنتمائه الأصيل للعراق جزافا, بينما يعرف القاصي والداني وتؤكده الحقائق التاريخية , أن معظم هؤلاء القوم قد وفدوا إلى العراق في حقب تأريخية مختلفة, هربا من بطش وجور سلطات بلدانهم, وطلبا لملاذات آمنة وفرها العراق لهم , لما يعرف عن شعب العراق من كرم الضيافة وإستجارة المظلوم , حيث قاسمهم الحياة بحلوها ومرها , وأصبحوا جزءا من نسيجه الإجتماعي . وليس في ذلك منة من أحد فهذه طبيعة المجتمع العراقي , حيث لا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى.
تشير المصادر التاريخية إلى أن أصل سكان العراق يعود للقبائل العربية التي نزحت من الجزيرة العربية إلى وادي الرافدين في الألف السادسة قبل الميلاد. شارك العرب السومرين بخبرتهم في ميدان هندسة الري والزراعة وصناعة الأدوات المختلفة والتجارة الداخلية والخارجية. استمر توافد العرب العموريين إلى بلاد ما بين النهرين بعد سقوط الدولة الأكدية السومرية المشتركة وأنشؤوا العديد من الممالك مثل دولة آشور وإيسن ولارسا، وبابل التي استقلوا بها. وتمكن العموريون في بابل من السيطرة على كامل منطقة ما بين النهرين.
وفي بداية القرن الثالث الميلادي, أنشأ العرب مملكة الحيرة والمناذرة في منطقة جنوب الكوفة، وكان أهلها نصارى على المذهب النسطوري. ومن ملوكها الأوائل امرؤ القيس الأول والنعمان الأول والمنذر الثاني. وانتهى عهد هذه المملكة العربية في زمن النعمان الثالث على أيدي الملوك الساسانيون ,وإستعاد العرب دورهم المميز في العراق بعد الفتح الإسلامي على يد خالد بن الوليد عام 633 م .
وتدفقت القبائل العربية بقوة إلى بلاد الرافدين، مع الفتوحات العربية الإسلامية وبنيت البصرة ثم الكوفة ثم واسط ثم بغداد ثم سامراء ثم الموصل، وأصبح العراق في العصر العباسي مركزاً للحضارة العربية الإسلامية بل الحضارة الإنسانية، بعدها ضعفت الخلافة في بغداد حتى غزاها المغول ودمروا كل شيء وضاع العراق في خضم الصراع الفارسي – العثماني حتى الحرب العالمية الاولى 1914 م , وتأسيس المملكة العراقية عام 1921 التي أسقطها إنقلاب الرابع عشر من تموز عام 1958 , لتبدأ بعدها سلسلة إنقلابات عسكرية دامية وصراعات وحروب وفتن , إنتهت بغزو أمريكي همجي عام 2003 , أنهى وجود الدولة العراقية وفتح باب الفوضى والفتن والصراعات العبثية بين فئات الشعب المختلفة وطمس هويته الوطنية وإبعاده عن محيطه العربي والتشكيك بوجود دولة عراقية , وما زال العراق يعاني من آثاره المدمرة حتى يومنا هذا.
نحن هنا لا نقول أن العراق كان خاليا من السكان عندما وفد إليه العرب , بل أردنا بيان حقيقة تفاعلهم وإمتزاج دمائهم مع من كان ساكنا فيه لبناء حضارات عراقية شامخة ,أي أنه لم يتم إقصاء أحدا أو إسئصاله كما حدث في بلدان أخرى كثيرة . وأن دل هذا على شيئ فإنما يدل على صدق إنتمائهم الوطني العراقي الذي يمتد إلى ما قبل الفتوحات الإسلامية بمئات السنين , حيث أقاموا حضارات عريقة فيه ما زالت آثارها ومعالمها شاخصة حتى يومنا هذا في شمال العراق ووسطه وجنوبه . وهذا الإنتماء لا علاقة له بدين أو طائفة أو مذهب أبدا , فالأديان والطوائف والمذاهب لا تقتصر على قومية معينة أو بلدا معينا , بل هي جاءت لجميع بني البشر أينما كانوا وحيثما كانوا . لذا فأن القول بأن العراق أصبح بلدا عربيا بسبب الإسلام غير صحيح أبدا , ولكن الصحيح ,القول أن العراق قد إزدهر واصبح مركزا للحضارة البشرية زمنا طويلا بفضل الإسلام ,وخاصة بعد أن أصبحت بغداد عاصمة الخلافة العباسية الإسلامية الممتدة أراضيها من المحيط الأطلسي غربا إلى المحيط الهادي شرقا . وقد شرف الله العرب بإختيار اللغة العربية , لغة القرآن الكريم , وبذلك أصبحت اللغة العربية لغة عالمية , ويعود للدين الإسلامي الفضل بحفظ تراث العرب وحضارتهم وبقائهم أمة حية على الرغم مما تعرضت إليه من محاولات صهر وتذويب في حضارات أمم أخرى غزتها وإستوطنت في بلاد العرب سنين طويلة . ولن تجدي نفعا محاولات من يسعى عبثا طمس الموروث الحضاري العربي المتجذر في العراق , ذلك أن علاقة هذا الموروث بالعراق, هي أشبه بعلاقة الروح بالجسد, وبفصل الروح سميموت الجسد لا سامح الله.
والعراق شأنه شأن البلدان الأخرى , بلد متعدد القوميات والأديان والثقافات والطوائف , تعرض عبر تاريخه الطويل بسبب موقعه الستراتيجي وثرواته الطائلة , إلى غزوات أمم كثيرة إستوطن البعض منها فيه وإتخذها موطنا له . وبمرور السنين فقد إنصهروا في نسيجه الإجتماعي وأصبحوا عراقيين تماما ولا ضير في ذلك , إذ ليس هناك قيودا أو شروطا ملزمة للمواطنة العراقية وإكتساب الجنسية العراقية لمن ولدوا في العراق وعاشوا فيه وراغبين بالإنتماء إليه . يشيرالإحصاء السكاني للعراق الذي أُجري في سنة 1947م (والذي يسود الاتفاق مبدئي بين الباحثين والمتخصصين بهذا الشأن العراقي على دقته ومرجعيته العلمية) إلى أن العرب يشكلون نسبة (71.1%) من إجمالي سكان العراق , ونسبة الأكراد (19%) , ونسبة التركمان (2%) , ونسبة المسيحيين بطوائفهم المختلفة ( 3.1%) , واليهود ( 2.6%), وما تبقى للأيزيدين والشبك والصابئة المندائيين.
وطبقا لوقائع التاريخ ومعطيات الحاضر , فأن العراق بلدا عربي الروح الجسد دون إقصاء أحد, إسلامي التراث دون تعصب أو تزمت , بحكم تركيبته السكانية التي غالبيتها من العرب المسلمين ,كريما مضيافا عبر التاريخ لكل من يلجأ إليه , وهذا ما يؤكده تنوعه الأثني والثقافي , ولن تغير من واقعه هذا هرطقات المشعوذين ممن لا يروق لهم إستقرار العراق وأمن شعبه وتمتعه بحياة حرة كريمة ينعم بثرواته , فتراهم يفتعلون الإزمات والعزف على أوتار الحقد والكراهية بدعاوى باطلة , ظاهرها الدفاع عن الحريات وحقوق الأقليات , وباطنها تمزيق نسيج المجتمع العراقي . لذا نهيب بكل من يعنيه أمروحدة العراق وصيانة حقوق شعبه وكرامته , الكف عن إثارة كل أشكال العنعنات الأثنية والدينية والطائفية , من منطلق أن العراق وطن الجميع أيا كانت أصولهم وإنتماءاتهم ومعتقداتهم , ومن حق الجميع العيش فيه بأمن وكرامة , والعراقي هو كل من يحمل الجنسية العراقية شاء من شاء من شاء وأبى من أبى . حفظ الله العراق وشعبه الكريم من كل شر .



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق ضحية الطيش السياسي
- إصلاح حال العراق ... كيف وأين يبدأ ؟
- إنتهت العملية الإنتخابية في العراق ... ماذا بعد ؟
- واقع العراق ... قراءة تاريخية موضوعية
- الحكومة العراقية ... دعم دولي غير مسبوق
- العراق بين الأمس واليوم
- إنهم يخنقون العراق ... فهل من مغيث؟
- ترييف المجتمع العراقي
- متى تصان كرامة العراق ؟
- الموصل الحدباء والعبث التركي
- عجيب أمور ... غريب قضية ما هذا الذي يحدث في العراق ؟
- أخطبوط الفساد في العراق
- -الديمقراطية- في المنظور العراقي
- دور الأقليات غير المسلمة ببناء دولة العراق
- دور المفكرين التنويري
- هل ستغير نتائج الإنتخابات العراقية القادمة.. واقع العراق الم ...
- النظام الصحي العراقي... إهمال وفساد
- إصلاح النظام السياسي العراقي ... إرادة وطنية
- هل الجامعات العراقية .. مؤهلة حقا للإستقلالية.؟
- أنهيار منظومة الأخلاق في العراق ... مقدمة لإنهياره


المزيد.....




- إغلاق المخابز يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ومقتل وإصابة أل ...
- هل يهدد التعاون العسكري التركي مع سوريا أمن إسرائيل؟
- مسؤول إسرائيلي: مصر توسع أرصفة الموانئ ومدارج المطارات بسينا ...
- وزارة الطاقة السورية: انقطاع الكهرباء عن كافة أنحاء سوريا
- زاخاروفا تذكر كيشيناو بواجبات الدبلوماسيين الروس في كيشيناو ...
- إعلام: الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات صارمة على السفن التي ...
- الولايات المتحدة.. والدة زعيم عصابة خطيرة تنفجر غضبا على الص ...
- وفاة مدير سابق في شركة -بلومبرغ- وأفراد من أسرته الثرية في ج ...
- لافروف يبحث آفاق التسوية الأوكرانية مع وانغ يي
- البيت الأبيض: ترامب يشارك شخصيا في عملية حل النزاع الأوكراني ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - أصالة عروبة الإنتماء العراقي