اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7123 - 2021 / 12 / 31 - 08:43
المحور:
الادب والفن
عبرت القرن العشرين حالماً مع ملايين الحالمين . لم افتح بوابة ، ولا اغلقت خلفي ممراً ، وكل ما كنت اتمناه : ان اتلمس فواصل الزمن ، تلك التي سيفصلون بها سنة 2021 عن سنة 2022 .
في بلاد ما بين النهرين : كان الزمن ينساب بخفة الطائر او نعومة جلد الافعى : لا نعرف ان كان مستقيماً او دائرياً او حلزونياً . عبرنا سنواتنا الاولى فيه : عبور الماشين على الماء ، لا تعب ولا إرهاق ، ومن غير معاناة . كان زمن النهرين يحملنا على بطنه او على قفاه ، من دون ان نشعر بأننا نرفع قدماً لنعبر الحاجز بين سنة مضت وأخرى حلت .
لكن في بلاد ما بين احتلالين : كان الزمن راكداً لا نستشعر حضوره الا حين يتذاكر الناس عمر جارهم الذي رحل ، او حين تعلن ثلة من الضباط البيان العسكري رقم واحد ، فيكون حضور الزمن حين يتساءل الناس : كم ستدوم سلطة العسكر الجديدة هذه ؟
في بلاد ما بين حربين : يعرف الناس ازمنة زيارات القبور وطول مختلف انواع الادعية ، وعدد كلمات الدعاء ، ويتباهون بسرعة حفظها عن ظهر قلب . ولا يعرفون ازمنة اخرى ولدت في بلدان اخرى يسمونها : ازمنة الانتاج والإبداع .
في بلاد ما بين عارين : لا توجد مختبرات ولا تلسكوبات .
تتتج البلاد المعلقة بين مشنقتين : زمن واحد هو زمن الطاعة . يتحول - بعد كل حرب او انقلاب عسكري - الى حبال غليظة ، تلتف - وهي تنساب - حول رقابنا ، ولا تدعنا نتنفس حتى نقدم فروض الطاعة : مرة الى الرفيق الحزبي ثم بعد الاحتلال الى الزرقاوي او الى العمامة او الكشيدة ، أو زعيم الميليشيا .
في بلاد ما بين ميلشيتين : لا يوجد زمن خاص بالدولة ، الزمن الوحيد الذي يعرفه الناس هو زمن الزعامة والميليشيات .
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟