رمضان حمزة محمد
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 7120 - 2021 / 12 / 28 - 17:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الإقطاع الجديد في العراق هو المحرك الرئيسي لإستنزاف المياه السطحية والجوفية. لذلك أدت الضائعات الكبيرة وأصحاب الأرض الوهميين والمستثمرون البعيدون عن الواقع إلى إزاحة العديد من المزارعين الحقيقيين على مدار العقود الماضية عن أراضيهم وحصصهم المائية. يسيطر المالكون الغائبون على مساحات واسعة من الأرض وخاصة المملوكة للدولة.. ولا يدفعون شيئًا مقابل إستغلال الأرض والمياه التي يستخدمونها ، أما الفوائد والإمتيازات فيتم تصديرها لهم وقد يكون القسم منهم خارج البلاد وفي أماكن بعيدة. عندما تجف إحدى المناطق ، ينتقل هؤلاء إلى منطقة أخرى ، بينما يُترك السكان المحليون لمواجهة القدر والفواتير المتزايدة لضمان بقائهم في أرضهم.
لذلك تشكل هذه الديناميكيات معًا واحدة من أكبر عمليات الاحتيال المتعلقة بإستغلال الأرض والمياه في عصرنا. يتم ذلك من ضعف الإجراءات الحكومية والفساد المستشري في هيكلية الدولة العراقية وباستغلال سكان الريف والأراضي ثم إلقاء اللوم عليهم فيما يتعلق بظروف التهميش الخاصة بهم. يجني هؤلاء المتنفذين المكافئات مقابل ذلك وبل وتنشرعدم الثقة بين المزارعين ليترك أراضيهم لتستغل من قبلهم. فشل السياسة والديمقراطية في العراق زاد من الإدراك بتحول هذه الظاهرة إلى كارثة بيئية وإنسانية. هذه الأحداث الدرامية مماثلة لفقدان الإنسان لإنتمائه الى الأرض والوطن. إن معظم مصادر المياه في العراق كونها أصلاً تقع ضمن المنطقة القاحلة والشبه القاحلة آخذة في التدهور المستمرلأسباب طبيعية وبشرية. ومع ارتفاع درجة حرارة الأرض واشتداد حالات الجفاف ، ستزداد هذه الضغوط.
عندما تنفد المياه ، ستنهار أساطير النمو والأرباح. ويمكن أن يؤدي ندرة المياه وشحتها إلى المجاعة والهجرة والعنف. وبالتالي سيؤدي ذلك الى إعادة التفكير في علاقتنا ببعضنا البعض وفي الموارد الطبيعية التي لا يمكن تعويضها ونحن جميعاً نتشاركها. إن المياه ملك للجميع ، وخاصة المياه الجوفية التي هي ملك لنا وللأجيال القادمة.
لذا بات من الضروري البدء بمراجعة سياسة إستخدامات المياه السطحية منها والجوفية. إنها الفرصة الوحيدة لإيجاد طرق أفضل إلى الأمام. إذا فشل مثل هذا الإجراء ، فسوف تزداد الضغوط والتحديات ، بما في ذلك تفضيل المصالح التجارية الزراعية القوية لمواصلة ضخ ما تبقى من المياه. ويجب أن يتوفر لدى مسؤولي الدولة الفرص لفرض حدود شفافة وعادلة لإستخدامات الأرض والمياه. وسيتطلب تحقيق هذا الهدف سياسة أفضل ، وإجراءات عامة ، ومسؤولية شخصية ، وقيادة سياسية حكيمة. قد تساعد هذه الخطوات في منع حدوث كوارث بيئية وإنسانية في العراق. وقد تساعدنا في البدء في تقييم كمية المياه وجودتها على حقيقتها، كونها كنوز وطنية ثمينة تستحق حماية وإشراف ورعاية الدولة والمجتمع والفرد.
#رمضان_حمزة_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟