أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن خالد - عندما تتمرد الذاكرة/ ٥/














المزيد.....


عندما تتمرد الذاكرة/ ٥/


حسن خالد

الحوار المتمدن-العدد: 7111 - 2021 / 12 / 19 - 23:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"في محراب اللغة العربية"

عندما التحقنا بالمدرسة في صغرنا، وينطبق ذلك على الغالبية العظمى من اقراني، لم نكن نتقن العربية إلا فيما يخص بعض المفردات التي تتطلبها قراءة القرآن والفروض الاسلامية؟
أو التي باتت جزءا دخيلا من لغتنا المحكية.
"إلزامية التعليم" كان له هيبته، و رغبة الأهل في التحاقنا بالمدرسة كانا دافعين للإلتحاق بالعملية التعليمية - التربوية وكانت "اللغة العربية - الرسمية" آنذاك لنا بعبعاً دخيلا علينا! لا نستطيع أن نفهم على المتحدث بها، ولا هو يستطيع أن يصل إلينا ما يريده، لكنه يمتلك سلطة الفرض؟!
فهي لا تشبه لغة أمي التي أتْقنتُها مع كل لمسة حنان من يديها، ومع كل رضعة حليب من ثدييها، ومع كل دمعة تنهمر من عينيها، ومع كل هدهدة المهد منها.
ولا تشبه أبدا حكايات أبي الذي كان يسردها لنا وخاصة في ليالي الشتاء الطِوال ونحن نتكور حول المدفأة.
ولا تشبه البتة أحاديث النسوة وهن يجتمعن أمام التنور يحللن القضايا الساخنة ويفضن أسرارهن لبعضهن ويقترحن الحلول لعقدٍ عصيّة على الحل.
ولا تشبه الأغاني التي ينشدها الفلاحون في الحقول أيام زراعة المحاصيل وجنيها
ولا تشبه الشتائم التي كنا نتقاذفها أنا واقراني، ونحن نلف حارات القرية وأزقتها الضيقة حفاةً نلعب ببراءة..
حتى التلفزيون لم يكن متوفرا في جميع البيوت، فالكهرباء حديثة العهد بالنسبة لنا..
أتذّكر أن أستاذا من أرياف القامشلي أتى من مديرية تربية الحسكة، إلى قريتنا "الفداء" ولها اسمها الكردي/ Kanîkerkê/ واسمه "الأستاذ: حسن" وكنا نقول له فيما بيننا "حسن عرب" لأنه كان عربيا، كان ذلك في العام الدراسي"إن اسعفتني الذاكرة"
1983/1982
كان معروفا بأكله للبيض النيئ وأحيانا يخصه مع الحليب ويشرب أمامنا ولا يجد حرجا أن يطلب من صاحب الدور أن يكون البيض النيئ ضمن فطوره.
في المدرسة الطينية وهي غرفتين فقط، إحداها للتلاميذ فيها طاولات موزعة على ثلاثة خطوط، من الصف الأول الى الصف السادس، ويكون الدوام على وجبتين والغرفة الأخرى هي بمثابة الإدارة وأمانة السر والمكتبة وأيضا سكنا للأساتذة يجهز فرشها أهل القرية بالتناوب أو تطوعا ولكل شيئ يتعلق بمقتنيات المدرسة.
طبعا يرفد أهالي التلميذ الطاقم التدريسي وهم عادة "إثنان" بالطعام وبالتناوب كل تلميذ يوم، الفطور والغداء يُرسل إلى "بيت الأستاذ - المدرسة" والعشاء - في الغالب - دعوة إلى البيت، لأن عدد الطلبة كان بحدود 40 تلميذ/ تلميذة فلا يأتي دور العزيمة إلا كل 40 يوم تقريبا فتحول طقسا قرويا بامتياز
طبعا المدرسة لا سور لها، لأنها تجانب القرية، وبيادر القرويين بمثابة الباحة للمدرسة، وطبيعي جدا أن ترى الكثير من التلاميذ يهرعون في فترة الفرصة إلى البيت ليتصيدوا "رشفة ماء" للشرب أو "كسرة خبز" وحبة بندورة أو خيار أو قطعة جبن، أو أي شيئ يمكن أن يتصيدوه، فالصيد ينبغي أن يكون خاطفا لأن الوقت فاضح في فترة الفرصة القصيرة، يقسم الأستاذ الوقت ضمن الحصة على الصفوف المختلطة معا فيسعى لأن يكون توقيت الحصة موزعا بالتساوي بين ثلاثة صفوف. دائما كان الصف الأول الأكثر عددا وأتذكر لما كنت في الصف الأول كنا حوالي 22 تلميذ وتلميذه، وأن "الصف السادس" كان تلميذا "واحداً"
كان الأستاذ "حسن عرب" يكلف في كل فرصة بعض التلاميذ "يزرعهم بين التلاميذ في الفرصة" ليخبروه عن "من تحدث بغير العربية" وهو يتقصد الكردية دون أن يُعلنها، كانت العقوبة قاسية ومهنية في عرفنا لأن الباحة مفتوحة والقرويين كثيرا ما كانوا يرون ما يحدث في الباحة المكشوفة، كانت العقوبة هي الركض من أمام المدرسة إلى جدول "cok" تجري فيه المياه من مجموعة ينابيع عذبة تأتي من منطقة "kanîka" يبتعد عن المدرسة حوالي 25 متر، ذهابا وإيابا وعلى رجل واحدة "kulîkulî" وبفمه قطعة عصا أو خشب "Darik- Depik"كعقوبة من ثبت أنه تحدث بلغة غير عربية!!
لم يسلم الغالبية من العقوبة، للأمانة كان الأستاذ يتساهل مع غالبية التلميذات "البنات"
الأمر المساعد أن دمج الصفوف ساعد في وجود صلة وصل بين أستاذ لا يتقن لغة تلامذته، وتلامذة لا يتقنون لغة أستاذهم، خاصة الصف الأول والثاني
رويدا رويدا تعلمنا لغة غريبة علينا، فهي اللغة الرسمية لا مناص من أن تتعلمها، واقتناء القرويين للتلفاز أيضا ساهم في توفر قناة أخرى للتعلم إلى جانب المدرسة
الأهالي لم يكونوا مانعون للضرب، الذي كان دارجا في حينه كحق للأستاذ يمارسه، كان "الضرب بالعصا والمسطرة على رؤوس الأصابع " و"الصفعات" و "شدّ الإذن" و"الخروج أمام التلاميذ وربع اليدين ورجل واحدة ويكون الوجه مقابلا للوح والظهر أمام التلاميذ" قلما كنت تجد أن أحدهم راجع المدرسة لأن الأستاذ ضرب إبنه أو عاقبه بل كان تلبية الأستاذ للدعوة إلى العشاء فرصة مباشرة للأهل ليوقعوا على شيك على بياض بمعاقبة ابنهم/بنتهم إن اقتضت الحاجة!
صحيح أن لنا هوية "قومية" واضحة، وانتماء قومي مختلف عن القومية العربية ونعتز بهما.
لكن اللغة العربية أيضا ولأسباب تاريخية تراكمية، تشكل جزءاً هاما أيضا من شخصيتنا الفكرية والثقافية والنفسية ووعاءا يسع الكثير من المتطلبات اللغوية الثقافية للكثيرين منا!
ولن نبالغ إذا قلنا "وضمن الظروف المحيطة" وفي ظل غياب منهاج تتبناه "سلطة تربوية" بينا، يصعب الاستغناء عنها على المدى المنظور، في ظل غياب بديلٍ "متفق عليه" عنها.
#هكذا_مرّت_مرحلتنا_الأولى..



#حسن_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجددا في محراب اللغة
- لِمَ الشعر أولا
- - الترجمة - بين المسؤولية والإبداع؟!
- - أصابع حمراء اللون - مقاربة نقدية في ديوان شعر
- وترجّل -حارس دجلة- الأخير
- مقاربة نقدية حول كتاب الحب وجود والوجود معرفة للكاتب الكوردس ...
- الحراك الحزبي - مقاربة نقدية
- أزمة الهوية والإنتماء
- -كورونا و اللاجئين-
- كي لا ننسى
- على الهامش
- عطاء بلا حدود مع كأس الشاي
- القرارات الارتجالية تموت
- عامل الصحة المجتمعي - عامل توعية-
- تناغم العامل الذاتي والموضوعي
- منهجية النقد وموجباته
- الشخصية البشرية
- ردّ على ويتجدد الحلم / بير رستم
- مسار الدول الضامنة - لعبة مكشوفة
- ما هي البدائل؟


المزيد.....




- فيضانات غير مسبوقة تجتاح بريتاني الفرنسية والسلطات تدعو للحذ ...
- رئيس أركان الجيش الجزائري يبحث مع وفد -الناتو- سبل تعزيز الح ...
- روسيا تدين أعمال المتمردين في الكونغو الديمقراطية
- رئيس وزراء سلوفاكيا يهدد زيلينسكي بمنع المساعدات المالية لأو ...
- وفد حماس يبحث مع المخابرات المصرية تطورات ملف التهدئة بغزة
- العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
- بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4 ...
- احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر ...
- العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة ...
- رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن خالد - عندما تتمرد الذاكرة/ ٥/