رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 7094 - 2021 / 12 / 2 - 23:42
المحور:
الادب والفن
قصي الفضلي والرثاء في
"كيف ارثيك"
"كيف ارثيك ... ؟
وبقايا الغروب
تحمل روحي إليك ...
ترددني ظلال ملامحك
اهزوجة بحروف تُمْضَغُ
ذرات ترابي
بعدد الخطوات
تمر على باب قبره
حيث يولد حرف ليموت آخر"
يقال: "لكل مقام مقال"، وهذا لا يقتصر على الفكرة فحسب، بل يجب أن يطال الألفاظ المستخدمة أيضا، وإلا أصبح النص (غير متجانس)، فعندما تتألف الفكرة مع الالفاظ يصبح النص متجانس/مطلق، وأحيانا نجد الحروف تتآلف مع الفكرة والألفاظ في خدمة المعنى، وهذا يعتمد على قدرة الكاتب/الشاعر وعلى لحالة/الظرف الذي يكتب به.
"قصي الفضلي" في رثاء والده يستخدم ألفاظا متعلقة بحالة الفقد التي يعانيها، فنجد مجموعة ألفاظ متعلقة بالراحل: "أرثيك، الغروب، ترابي، قبر، ليموت" فهذه الألفاظ متعلقة بحالة الموت/الفيقد.
وهناك ألفاظ أخرى متعلقة بالأثر الذي تركه الفقيد: "ظلال، ملامحك، ذرات، الخطوات" نلاحظ أن الشاعر يركز على الأثر غير المادي، أو الأثر الذي لا يرى، الذي يبقى عالق في الذهن/العقل، وكأن الشاعر يعي حقيقة الموت، (فسلم) له، من خلال تناوله لأفعال/أشياء غير محسوسة.
من هنا يمكننا القول أن هناك انسجام بين الفكرة/المضمون وبين الألفاظ، لكن ليس من الصواب الإستسلام للموت، فيمكننا أن نسلم بوجوده، لكن لا يمكن أن نسلم له، من هنا نجد رغبة الشاعر في الحياة من خلال: "روحي، يولد" وكأنه من خلال "روحي" يريد أن يستعيد الفقيد، وعندما استخدم "روحي" أظهر ما فيه من عطاء/حب ورغبة بعودة الفقيد، لكنه في استخدام "يولد" والمتعلقة بالكتابة، اتبعها بلفظ الموت، وكأنه يعترف بولادة وموت الكلمة، لكنه لا يريد أن يعترف برحيل الفقيد.
فالشاعر يمتلك مشاعر مرهفة، ويتأثر بأي شيء، فبما بالنا بحدث جلل مثل رحيل والده؟، لهذا أوجد (بديلا) يواسي به نفسه من خلال أعترافه بحقيقة ولادة وموت/انتهاء الكلمة/الكتابة، بينما لم يقدر على التسليم برحيل الفقيد، وهذا ما يجعل الرثاء نابع من داخل الشاعر، وليس من فمه، ومن ثم يُوصل فكرة ألمه بفقدان والده بصورة صادقة ومقنعة.
النص موجود على صفحة الشاعر.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟