أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نهاد ابو غوش - فقيد فلسطين سماح إدريس














المزيد.....

فقيد فلسطين سماح إدريس


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7090 - 2021 / 11 / 28 - 12:25
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


نهاد أبو غوش
ودع لبنان ومعه فلسطين والعالم العربي والإنسانية جمعاء، فارسا متميزا من فرسان الفكر والكلمة المقترنة بالانخراط اليومي في النضال الوطني والقومي والإنساني، وهو المناضل والأديب والأكاديمي والمترجم والناقد المرحوم سماح إدريس، أحد أبرز مؤسسي حملة المقاطعة العربية والدولية، ومدير دار الآداب البيروتية، ومدير تحرير مجلتها الشهيرة "الآداب" التي أسسها والده الأديب القومي والتنويري المعروف سهيل إدريس في أواسط القرن الماضي.
رحل سماح وهو في أوج عطائه القومي والإنساني بعد صراع مرير مع مرض خبيث لم يمهله طويلا، لكنه قاومه بشجاعة، مثلما قاوم تيار الردّة والتطبيع، وكان حاضرا في جلّ النشاطات الوطنية اللبنانية والعربية والدولية المتصلة بحملات مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.
سماح إدريس صاحب العبارة الشهيرة " إذا تخلينا عن فلسطين ...تخلينا عن أنفسنا" والتي تحولت إلى شعار يتحلق حوله عشرت الآلاف من مناهضي التطبيع، من المحيط إلى الخليج، عبارة ذكية ومكثفة تدلل على أن دعم النضال الفلسطيني ليس مجرد موقف تضامني مع الشعب الذي تعرض لأكبر ظلم في التاريخ الحديث، ولا محض انحياز أخلاقي لقيم العدالة والحرية، بل موقف مدافع عن كرامة كل شعب من شعوب أمتنا، ورافض لاستباحة الدول العربية وسيادتها، ومتمسك بحق شعوب أمتنا في صياغة مصيرها بحرية بعيدا عن قيود التبعية والهيمنة.
فلسطين أبّنت الراحل، بموجة عارمة من الحزن التي عمّت مواقع التواصل الاجتماعي، وبيانات الفصائل والحراكات الجماهيرية، وعشرات المقالات والكتابات في مختلف الصحف والمواقع الاليكترونية العربية، وفي ذلك بعض الوفاء لهذا الراحل الكبير الذي لم يبخل بشيء من أجل فلسطين، وهو يستحق أن يكرّم أكثر بإطلاق اسمه على شوارع أو مدارس أو مؤسسات، وهذه الموجة تظهر كم يحتاج شعبنا لمواقف وأصدقاء مثل سماح إدريس، وقد بات أمثاله أشبه بعملة نادرة في هذا الوقت الذي يسميه بعضنا "الزمن العربي الرديء"، في ظل انفراط عقد التضامن العربي، وشلل الجامعة العربية ومؤسساتها، وتراجع مكانة القضية الفلسطينية، وانفضاض الأشقاء والاصدقاء عنها، وانكفاء كثير من الدول على همومها الذاتية ومشاكلها الداخلية. كل ذلك قاد إلى موجة التطبيع المجاني مع دولة الاحتلال التي يجري التعامل معها كدولة طبيعية، وهي في ذروة تطرفها اليميني ونزعتها الاستيطانية والتوسعية، وأطماعها المعلنة في أراضي ثلاث دول عربية، ومُضِيّها قُدُما في بناء وتوطيد نظام التمييز العنصري الصارخ في فلسطين.
استقطبت الثورة الفلسطينية المعاصرة في بداياتها كثيرا من المناضلين والمثقفين العرب والأجانب، فانتسبوا لها وناضلوا في صفوفها، وشمل ذلك جميع فصائل العمل الوطني من دون استثناء، بعض هؤلاء المناضلين قدّم حياته واستشهد في سبيل القضية التي انتمى لها، وبعضهم ظل في صفوف الثورة الفلسطينية ومؤسساتها لسنوات وعقود طويلة، فتبوأوا مناصب قيادية رفيعة، واكتسب بعضهم الهوية والجنسية الفلسطينية بعد عودة قيادات منظمة التحرير إلى أرض الوطن.
ولكن جاذبية الثورة والقضية الفلسطينية تراجعت بعد سلسلة الأحداث التي مرت بها وخاصة مع خروج قيادة المنظمة ومسلحيها من لبنان عام 1982، ثم توقيع اتفاق أوسلو وما تلاه من اتفاقيات وقيود وواقع جديد، ثم التطورات الداخلية التي شهدتها تجربة بناء سلطة حكم ذاتي فلسطينية تحت الاحتلال، وما شاب هذه التجربة من ثغرات سواء بالعجز عن تحويل هذه السلطة إلى دولة، والانقسام الذي ابتلينا به، وتراجع المد القومي على امتداد العالم العربي، ونتائج حربي الخليج، كل ذلك ساهم في تراجع دعم القضية الفلسطينية وحوله من حالة جماهيرية إلى حالة نخبوية. طبعا لا يمكن أن نغفل الاستثناءات لهذه الحالة وخاصة فعاليات التضامن الواسعة والمليونيات التي طافت شوارع المدن العربية خلال الانتفاضة أو حتى خلال مواجهات شهر ايار الماضي، لكن ذلك لا يغير تشخيص الحالة التي ربما تنعكس في شكل تضامن العرب مع القضية الفلسطينية، من الانخراط اليومي المباشر إلى أشكال التضامن والهبات الموسمية.
عامل آخر ساهم بلا شك في هذه الحالة، وهو أن منظمة التحرير حين كان لها ما يشبه الدولة في لبنان "جمهورية الفاكهاني"، كانت لها مؤسساتها العسكرية والثقافية والإعلامية والبحثية القادرة على اجتذاب النخب والكفاءات العربية، حتى المعارضين المغضوب عليهم من أنظمتهم كانوا يجدون في الفصائل الفلسطينية عنوانا يلوذون به، هذه الحالة تراجعت بشكل حادّ بعد قيام السلطة إلى درجة يمكن القول معها أن كثيرا من المناضلين الفلسطينيين، وليس العرب فقط، ابتعدوا عن المنظمة ومؤسساتها ومشروعها السياسي.
الراحل سماح إدريس كان استثناء عن التوصيف السابق، فهو لم يكن مجرد ناشط ومتضامن مع فلسطين، بل كان فاعلا في ميادين الثقافة والأدب والنشر والترجمة والكتابة، كما كان ناشطا في صفوف المجتمع المدني اللبناني. وهو انتسب إلى تيار النضال الوطني الفلسطيني، من بوابته العلمانية واليسارية على خطى تلاميذ الحكيم، بعد خروج منظمة التحرير وقيادتها من بيروت، وتوثق ارتباطه بفلسطين وقضيتها مع استشراء موجة التطبيع. وازداد سماح التصاقا بالفلسطينيين وعنوان وجودهم في لبنان "المخيم" في وقت سعت قوى طائفية وانعزالية لبنانية لشيطنة المخيم وتصوير الوجود الفلسطيني بانه سبب لكل مآسي لبنان ومشكلاته، فحرّضت على الفلسطينيين وعملت على حرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية والاجتماعية، بينما ارتبط الراحل بمخيمات الثورة التي تحولت مخيمات للبؤس في لبنان، وصادَقَ أطفال المخيمات وتبنى قضايا المخيم كجزء من التزامه تجاه الشعب الفلسطيني، وهكذا بكاه فلسطينيو لبنان بكل الحزن والحب الذي يليق بمن ارتبط بهم وكرس حياته من أجلهم.
عزاؤنا في سماح إدريس أن من كان مثله لا يموت بسهولة حتى لو دفن جسده تحت التراب، بل سيبقى ذكره حاضرا في وجداننا وملهما لكل أنصار الحرية والعدالة الإنسانية على مرّ الأجيال.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حنين بريطانيا لماضيها الاستعماري
- إسرائيل: مناورات دائمة وتهديدات لا تنتهي (3)
- إسرائيل: مناورات دائمة وتهديدات لا تنتهي (2)
- إسرائيل: مناورات دائمة وتهديدات لا تنتهي (1)
- هل نقترب أم نبتعد من إنجاز الاستقلال؟
- عرفات الرمز: كل شيء مكرّس من أجل فلسطين
- وعود كلامية للفلسطينيين وانحياز عملي لإسرائيل
- تنمية التحرر وتعزيز الصمود في فلسطين
- المجتمع المدني الفلسطيني والانقسام
- إسرائيل وإدارة الجريمة في الداخل
- الحركة الوطنية الأسيرة (2)
- الحركة الوطنية الأسيرة (1)
- وعد بلفور الاستعماري في الذكرى 104
- الدولة المارقة
- المصالحة وإنهاء الانقسام أولا
- الأبارتهايد كحل للمعضلة الديمغرافية
- وداعا للفلسطيني الجميل سعيد عياد
- اسرائيل والدولة الفلسطينية: من الرفض إلى الأبارتهايد (2)
- إسرائيل والدولة الفلسطينية: من الإقرار الظاهري للرفض القاطع( ...
- هجمة إرهابية على المجتمع الفلسطيني


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نهاد ابو غوش - فقيد فلسطين سماح إدريس