أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - حلول الولادت ومسخها














المزيد.....

حلول الولادت ومسخها


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7089 - 2021 / 11 / 27 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


هناك ثلاث (حلولات) في الخطــاب العرفاني العربـي، حلـول روح إنسان في إنسان آخـر ويسمى بالنسخ، وحلولـهـا فـي حـيـوان ويعرف بالفسخ، وحلولـها في جماد ويدعى بالرسخ، أما المسـخ فهو تحول الإنسان ومسخه الـي كيان آخر غير إنسـاني، كمـا نلمس ذلـك جليـا فـي ملحمـة الشــاعر أوفيـد (مسخ الكائنـات) وتحول شخصية (غريغوري ساما) الـى صرصـار في رواية (المسخ ) لفرانز كافكا.

وفي قصص القاص مشتاق عبد الهادي ضمن مجموعته البكـر (ولادات) تتضافر الشخوص الجماديـة (حبـل, برميل، بندقية، شجرة، وردة ) في طرح اشكالياتها الإنسانية متفـردة بزمام القص (الحكـي) ومنفـردة بثيمتها (الحكايـة) متخـذة مـن الضمير المتكلم (أنا) لسان حالها في سرد الوقائع والأحداث.

فالحبل بشعر بالزهو (وفــي ذروة نشاطي لقبت بأرجوحــة الأبطال) كونه سفير الموت يقبض بجسده المتين على أرواح آلاف الأجساد, وحيــن ينهد قوامـه وتتساقط شعيرات عضلاته, يرمونه على المزبلة لينخر البرد عظامـه, وتتوهج بداخلـه رغبـة الانتقـام, ويغمره السرور حين ينتشله رجـل عجوز، لكن سروره يتبخر، لأنه صار مسؤولا عن تقييد رقبة حمار بذيء ص 18

والبرميل في قصة (برميلان) لـه هموم ومعاناة ومشـاكل شـتى, فهو يحب ويكره ويغـار ويبعـث الرسائل إلى ابنـة عمـه (خزانـة النقـود) والبندقيـة فـي قصـة (البندقية) تحس بنشوة حالمة كلما داعبها مالكها (وتشعر بالغيرة من عشيقته) ويعتصرهـا رعب مميت حين يبيعها، بل أنها تناجيه وتحاوره (حقاً .. أشكرك جــداً) ص 25

والشجرة في قصـة (ولادات) تشكو حظها العاثر الـذي جعلـها تحويلـة مؤقتـة دون أن يمنحوا كلماتها أدنى انتباه، وهـي بكماء تصـرخ وسـط عوالمـها اللا ناطقة عن الزمان الذي يسير على فضائل الاخطــاء, بـل هـي تضرب عن الطعـام والشـراب عسى أن تموت, وتمـوت السرطانات على جسدها ص 10

والزهرة البنفسجية الرائعـة فـي قصة (وردتان لشـاعر مجـهول) تنقض على أصابع الفتاة وتغـرس أشواكها في كفها، وتكتشف الفتـاة أن للـ (زهرة عينين بشـريتين وأنيابـاً مرعبة) وأن الزهـرة (تبتسـم بخبث وتمتـص دمـائهـا بـهدوء) ص 23

ولنـا أن نتلمـس صـور (المسوخات) في أكثر من قصـة، مثل الخلايا السرطانية أو الكريات اللحمية التي تنمــو علـى جـذع الشجرة وتتحول الى أجساد بشرية عارية كما في قصة (ولادات) وتحـول الزوجة المرعوبة الى غزالة, والطفل الى فراشة ملونة كما في قصة (أمنيات مخربة) وتحول العاشـق إلى مصاص دماء والعشيقة الـى فزاعة كما في قصة (فزاعة) وتحول فم الحبيبة الـى بـئر عميقـة ودهليز يبتلع كـل مـن الشـاعر والشـرطي والطبيب كما في قصة(قبلة)وتحول الزوج والزوجة والنـاس الى هيـاكل عظميـة كما فـي قصـة (موتى) وتحول العاشق المنتظـر الى شجرة وارفة الظلال كما في قصة (إيثار)

هذه المشاهد الغرائبية التي تكتـظ بها قصص القاص مشتاق, الذي لم ينج من سطوة تجارب قصاصين آخرين، لا تسندها رؤيـة فلسـفية معينـة أو معالجـة موضوعية منطقية علـى صعيـد الفعل القصصي, وافتقـاره لعنصـر الاقنـاع، فمـهمـا كـان القـاص أي قـاص ذا منحى فنطازي وأجـواء سـوريالية عليه أن يقنـع متلقيـه بحقيقـة (واقعية) ما يحدث وإلا فقد نصـه صدقيته وتواصله وبطل جـدواه.

ويبقـى السؤال الملحاح (لماذا نكتـب ؟) قائماً وذا أهمية قصـوى إذ لابـد للكاتب أن يقول شيئا فـى طـيـات نصه, يبث خطاباً، يصنع معنى، يرسخ موقفـاً، ولابـد للقصـة (النص) أن تكـون ذات فحـوى، ذات جدوى، تحفز المخيلة وتؤلب الذاكرة وتثير الأسئلة وقد حاول القاص عـبـر قصـص مجموعته وبنية صادقة أن يغـاير النمط التقليدي فـي القـص، وأن يتجنب الموضوعـات المستهلكة, دون عنايـة شـديدة بأدواتـه القصصية, التي بدا عليها الشحوب والهزال، مما أوقعه في (فذلكـات) قصصية لا ترتقى الى فـن القـص الرفيع, بقدر ما تنتمي الى الخواطر القصصية الباهتة، كما في قصـص (انتماء, وبصمة تنين, وتمــرد) ففي قصة (طبول) تكررت جملـة (كان الوقت يحسم) سـبـع مـرات دون مبرر فني.

وقد عجت القصص بعشرات الأخطاء اللغويـة والإملائية, فضلا عن العبارات التمويهية مثل (الوقـت يحسم جوعه بصرخات مبهمة تهز أركان اليقين) ص 43

ولأنني أحرص بحب على تجربـة القاص الشاب مشتاق عبد الهادي, الذي تابعته منذ خطواتـه الأولـى عبر إسداء الرأي وتقويم نصوصه، وتشجيعه بشكل شخصي علـى خوض غمار القصة القصيرة، لذا أجدني حازماً تجاهه مطالبا إياه, ببذل المزيد من الجهد والمثابرة والمران, لتترسخ قدماه في مسـار الأدب الطويل الشائك، ولتتوهــج نصوصه في فضاء القصة الرحب متمنياً له النجاح الذي يستحقه.
...
جريدة الثورة 11 / 6 / 2000



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنطازيا رأس الحصان الطائر
- ما لم يقلهُ النقاد في (ما لم يقلهُ الرواة)
- محطات الطفولة والكهولة في (هي والبحر)
- المتنطعون
- ثقافة الطفل
- الإسلام وثقافة العوام
- موظفون ثقافيون
- من أرشيفي القديم 15
- سماحيات 24
- مسؤولية الكتابة
- اللغة المتعالية
- مسؤولية المثقف
- الفدرالية وازمة المصطلح
- بنية الحكاية في (تيمور الحزين)
- # الأدب و الفعل الإنساني # حين تتوقف الكتابة أمام اللغز الأب ...
- # شاعر وقصيدة # دع أمريكا تكن أمريكا
- الأدب والحياة
- # من أرشيفي القديم # 14
- هواة الأدب مهلا
- المبدع ومعادلة السعادة والألم


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - حلول الولادت ومسخها