|
البوتينية: وراثة الاستبداد
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 7086 - 2021 / 11 / 24 - 14:04
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
اتسمت السياسات الخارجية للاتحاد السوفييتي البائد المقبور بدعم الأنظمة الديكتاتورية والبوليسية الفردية والاستبدادية العسكرية حول العالم، عبر تمكين الطغاة في قارات العالم المختلفة من حكم شعوبهم بالحديد والنار والهراوة والبسطار، فما كان يسمى بـ"حلف وارسو"، وهو منظومة حكم ما عرفت بدول أوروبا الشرقية السابقة الساقطة والمتساقطة، والتي كانت تخضع للحكم العسكري والبوليسي على النمط الاستبدادي المخابراتي السوفييتي، وكان قد تأسس الحلف المذكور رسمياً في العام 1955، كنقيض، وفي مواجهة، لحلف الناتو، حيث ضمّ –أي حلف وارسو- جمهورية بلغاريا الشعبية (من يذكر الدمية والمهرج الشهير تيودور جيفكوف)، والجمهورية الاشتراكية التشيكوسلوڤاكية منذ 1960، وجمهورية ألمانيا "هونيكر" الديمقراطية (انسحبت في سبتمبر 1990، قبل إعادة توحيد ألمانيا)، وجمهورية المجر الشعبية، وجمهورية پولندا الشعبية، وجمهورية ألبانيا الشعبية (حجبت دعمها في 1961 بسبب الانشقاق الصيني السوڤيتي، انسحبت رسمياً في 1968)، والطامة الكبرى بجمهورية "موز" رومانيا الاشتراكية منذ 1965، التي خلـّفت واحداً من أخطر الطغاة والمستبدين الفاسدين في التاريخ الأوروبي، وهو نيكولاي تشاوشيسكو، الذي أعدم لاحقاً في 25 - ديسمبر – 1989، إثر انتفاضة شعبية، في محكمة ميدانية استمرت لدقائق، مع زوجته إلينا، والتي كانت عوناً له، وذراعه اليمنى في الطغيان والفساد والاستبداد، وذلك بعد حوالي ثلاثة عقود قضاها في حكم رومانيا اتسمت بالفساد والانهيار الاقتصادي والاستبداد وحكم المخابرات. كان الجامع المشترك الوحيد بين دول هذه المنظومة السوفييتية هو الطغيان والاستبداد وتكريس حكم وعبادة الفرد القرو-وسطي الظلامي الشهير، وينسحب هذا، أيضاً، على مجمل وبقية الأنظمة العسكرية والاستبدادية التي كان يدعمها الكرملين حول العالم من كوبا كاسترو، ليوغوسلافيا تيتو (التي قام الناتو فيما بعد بقصفها سجادياً، والقبض على وريثه المستبد والطاغية الشهير ميلوزوفيتش موجوداً، فيما وقف جنرالات الكريملين يتابعون مشهد القصف وهم يحتسون الفودكا)،، لكوريا مشاهير آل كيم سونغ، لمصر الديكتاتور ناصر، وعراق الثنائي البعثي بكر-صدام،(خذلوه لاحقاً كالعادة كما خذلوا حليفهم الآخر ابن قبيلة القذلذفة معمر)، وإثيوبيا منغستو هيلي ميريام، لألبانيا خوجة، وسواها من الدول البوليسية العسكرية الاستبدادية التي تقوم على قهر شعوبها وانتهاك حقوقهم والتنكيل بهم والعمل ضد تطلعات البشر وسعيها نحو الكرامة والحريات والعيش بأمان واستقرار. سقط وانهار الاتحاد السوفييتي لاحقاً وقصة سقوطه الدرامي رواية أخرى بنكهة مختلفة، لا مجال لسردها الآن، غير أن ما يقحمها ها هنا، هو القول بأن بوتين، يحاول إحياء سيرة وأمجاد الحقبة أو الإمبراطورية السوفييتية، ويهلل، ويروّج له بعض أبواق وعتاولة الاستعراب وتجار الحروب وسماسرة الأزمات من مستعربين وعجمان، وهو، إن حدث، فسيكون أسوأ شيء يمكن أن يفعله على الإطلاق، وذلك من باب عدم الاتعاظ، وأخذ العبر وفهم سياق الأحداث وتطور المجتمعات التي لا يمكن أن تعود للوراء على الإطلاق، وهو-أي بوتين- لا يجاري، ولا يحاكي أحد في ذلك سوى حلفائه من القوميين المستعربيين الذي يجهدون جهداً في بعث أمجاد قبيلة قريش الغازية والمحتلة، من 1400عام، لدول الإقليم. لا يبدو مشروع بوتين اليوم، قابلاً للحياة، ولا ناجحاً أو يحظى بأي وهج وبريق، مع ما هو جار على الساحة العالمية من تحولات كبرى تنحو كلها باتجاهات ليبرالية وحداثية وديمقراطية وانفتاحية، فيما يبدو مشروع بوتين الوراثي مجرد إعادة إحياء للنهج والطراز السوقييتي القديم في دعم الاستبداد والطغيان والنظم الفردية الأوتوقراطية والأوليغاركيات المتهتكة والمضطربة وتعاني سكرات البقاء وتعيش صراع وجود وتكابد صنوفاً من الأزمات، بشتى أنواعها الفاشية والعائلية والإيديولوجية، التي استهلكت وأتى عليها الزمان. وشهدت روسيا، بعد وصول بوتين للسلطة، تحولات ومسارات غير ديمقراطية، بعد انفراجة قصيرة عاشتها الشعوب الروسية بعد سقوط وانهيار الجدار السوفييتي، تمثلت باستئثار بوتين ورغبته الجامحة بالحكم المؤبد مدى الحياة، على نمط أباطرة الشيوعية القدماء كخروتشوف وستالين وبريجنيف، حين قام بتفصيل ولبس دستور على مقاسه ليبيقيه في الحكم طول العمر بالتزامن مع إجراء عمليات تجميل ونفخ خدود "بوتوكس" وتجديد للشباب، كجميلات هوليوود، في معاكسة وتحد لسنن الكون وقوانين الحياة، ومن دون التعرض في هذه العجالة للممارسات الاستبدادية والبوليسية الصبيانية لبوتين داخل روسيا وخارجها من مطاردة واعتقال ومحاولات الاغتيال لمنافسيه ومعارضيه. كان الاتحاد السوڤيتي المقبور، وقبله القيصرية التاريخية، أنموذجاً، رمزاً للاستبداد والطغيان ومعاداة الحريات وإجهاض والقضاء على المجتمع المدني وإعادة الشعوب السوفييته وزربها في زواريب القرون الوسطى، ويبدو أن روسيا الاتحادية ممثلة بـ"القيصر الجديد"، و"البوتينية" قد ورثت، وبكل أسف، هذا الدور التاريخي المشين، بدعم الطغيان والاستبداد ومؤازرة الطغاة في كل مكان، عن المقبور لا طيب الله ذكره، ولا ثراه.. فهل أصبحت روسيا معقلاً، ومركزاً، ومصدراً وعاصمة وحامية للطغيان والاستبداد الدولي وحكم العسكر والمخابرات؟
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التطبيع مع سوريا: طابخ السم ذائقه
-
العروبة: إحدى درجات الإسلام السياسي
-
البحث عن وطن جميل وجديد
-
حظر وتجريم التعليم الديني
-
هل جورج قرداحي علوي؟
-
تسونامي القرداحي: انحسار المد العروبي
-
انقلاب السودان: من شابه أسياده فما ظلم
-
أضواء على حلقة تدمر الشهيرة من برنامج الاتجاه المعاكس
-
الديكتاتوريات الهشة: ديمقراطية مرشد الإخوان
-
نشأة -الإسلاموفوبيا-: لماذا تخاف البشرية من الإسلام؟
-
مدخل لفهم مسألة وأزمة الأقليات
-
بعمركم لن تفلحوا بشيء ولن تساووا اليشر:
-
الاسلام مرض عقلي
-
ضيعة تشرين في ذكرى ما تسمى ب-حرب تشرين-
-
سوريا: تدمير التراث النصيري العلوي
-
سوريا: أوهام القوة الفارغة
-
تقليم مخالب الإخوان المسلمين
-
خرافة العروبة وحقيقة الاستعراب
-
خرافة الله الواحد الأحد
-
جوائز الترضية لملالي طهران
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|