صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 7071 - 2021 / 11 / 8 - 22:15
المحور:
الادب والفن
غالباً ما أقرأ دراسات نقدية فاحشة البذخ الفكري, وفي غاية الأبهة المعـرفـيـة, وتتـمـتـع بثراء اصطلاحي مستل من النقد العربي القديم, والمناهج الحداثوية الغربية، وتتجلى بهالات من التـزويق النظري الهـلامي, متنطعة بفذلكات أدبية وإنشائية تحوم في فضاء من الفـراغ, في الوقت الذي تدعي المنهجية الصـارمـة والـبـحث العلمي الموضـوعي, واستبطان الآفاق والأبعاد الاستراتيجية في ما وراء النص الأدبي، إذ تفترض وتفـرض واقعاً ضبابياً بارداً, غير واقع النص المألوف واضح المعالم, حتى تسقط من حيث لا تدري صريع هيمنة الأطروحـة النقدية المفخخة والمدججة بالتهويمات والتـرمـيـمـات المعدة سلفاً, جراء سوء الاستقبال والاستعمال, وبالتالي اسقاط مفاهيم ونظريات اجرائية لا تـتـواءم وبنيـة النص, لـتـدور في فلك من الدوامـة التحليلية المقننة والمفـبـركـة, حـتى تصطدم بجـدار صلد من الخـواء والـهـراء والثرثرة الممنطقة والمشفرة.
ويدهمك الشك في مشروعية ثقافتك ووعيك المعرفي، في خضم هذه التقليعات النقدية، وبمراجعة بسيطة تكتـشف أن هذه المحـاولات (النقدية الهجينة التهويمية) هـي قراءات ناقـصـة وغير ناضجة, بالرغم من التنظيـر والتـأويل والـتـهـويل, وتخلو من الحصانة الفكرية المسؤولة, والجهد النقدي الرصين, وتدور في حلقـة مـفـرغـة من السـفـسطة والشـخـبطة، ولا تميـز بين نص إبداعي وخاطرة مدرسية متواضعة, وتخلط عمـدا بين المعدن الثمين والمعدن الرخيص, بحيث تجعل من الهش رصينا, وتدس في الرصين الهشاشة.
هؤلاء النقاد الدارسون المنهـجـيـون من حيث يعلمـون أو لا يعلمـون, تنقـصـهـم الخـبـرة والدراية والتـجـربة في عـمـلـيـة تمثـيـل وتـحـسس النص الإبداعي, ويمـتـازون - بلا حـسـد - بعـمى الألوان ويـفـتـقـدون الى الذائقة القرائية التي تمثل حسب اعتقادي العمود الفقري للتشخيص والدراسـة والاسـتنـتـاج, والتي تعـول على أهمية النص وثرائه، إذ أن القراءة تعد بحد ذاتها فناً وذوقاً ودقة اختيار, وانتخاب ما يصلح وما يفيد وما يضيف الى آفاق الوعي والفكر, كون القـراءة نافذة شـاسـعـة على تفاصيل وجزئيات الحياة بكل تشعباتها وهي وسـيلـة مـهـمـة لـلاسـتـزادة الفكرية والعلمية والمعرفية، ولأن القراءة هي غذاء العقل, فالعقل النقدي ليس تهويمياً أبداً.
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟