صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 7069 - 2021 / 11 / 6 - 17:45
المحور:
الادب والفن
حين نشأت الصحافة وتكونت في بداياتـها وحتـى زمـن متأخر, عـدت فرعـاً مـن فـروع الأدب وكـان الأدبـاء تحديداً هم الذين يكتبـون المقـالات, ويديـرون الصحـف ويقومون بالنشر والتوزيـع, وما كـان آنـذاك ثمـت فـارق بين الأديـب والصحفـي, حتـى بـاتت الصحافـة بمـرور السنوات والحقب جنسا مستقلا وقائمـا بحـد ذاتـه, لـها محرروهـا ومندوبوهـا وشـتى مؤسسـاتهـا فـي إرجـاء المعمورة, واضحت الصحيفـة معلمـا بـارزا مـن مـعـالم الحضارة الحديثـة, ورافـدا حيويـا وجبـارا مـن روافـد الإعلام, بل كانت الإعلام كلـه قبـل الإذاعـة والتلفزيـون, وصار لكـل حـزب وتيـار ومنظمـة وحكومـة, صحيفـة وصحف تنطق باسمها, وتـروج خطابـهـا, وكـان الأدبـاء سباقين دوما في العمل الصحفـي.
وقـد أفـاد همنغـواي كثيرا من عملـه كمراسـل حربـي فـي كتابـة روايتـه (وداعاً للسلاح) أما مـاركيز فقـد ابتـدأ حياتـه المهنيـة صحفياً بارعاً, حتى تحـول الـى روائـي مبـدع مسـتفيداً من تجاربه الصحفية.
وبمـا أن الصحافـة تعتمـد الخـبر والحدث والتشويق, لذا انبثقـت القصـة القصـيرة التـي نمت وترعرعـت وتكونـت فـي رحـم الصحافـة التـي شجعت هذا النـوع الجديـد مـن الكتابـة فـي منتصـف القرن التاسع عشر, واعتمدت الكتـاب المختصيـن (الساردين) الذيـن يصوغـون القصـص الرومانسـية والاجتماعيـة والبوليسية والميلودراميـة, بطريقـة مختصـرة ومباشـرة وسلسـة تـفـترق وتغـايـر نمـط كتابـة الروايـة الطويلة بتفاصيلها وتشعباتها وتوصيفاتها, حتـى أصبحـت جنسـاً أدبياً جديداً, لـها كتابـها وقراؤهـا ومريدوهـا, وغـدت القصة لازمـة مـن لـوازم معظـم الصحـف بمختلـف مشاربها, وأخذ الكثير مـن تلـك الصحـف يلـتزمون نشـر قصة العدد لكاتب مرموق.
القصة القصـيرة بصيغتها الحالية وطابعها الخاص المميز كجنس أدبي, هي ابنـة شـرعية للصحافـة اليومية والأسبوعية والشهرية, التي مازالت تعتمدهـا وتعدهـا واحـدة مـن امتيازاتـها الثقافية الباذخة والرصينـة فـي آن.
...
جريدة الأنباء 12 / 10 / 2003
عمودي الأسبوعي الثابت (على حافة الثقافة)
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟