صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 7063 - 2021 / 10 / 31 - 17:16
المحور:
الادب والفن
ما من روائي عربي استطاع أن يجسـد الهم السياسـي للإنسـان العربي واشكالاته وتشعباته مثلما فعل الروائي الفذ عبد الرحـمن منيف, الذي قرأ الواقع العربي ببصيرة مفكر ورؤية ناقد, واستغور أعماق هذا الواقـع المتشابـك بأحـداثه وتناقـضاته وصراعاته واستخلص أسبـاب ودوافع الازمات السياسـية والاجتماعية في الوطن العربـي وافرازاتها في ظل صدمة الحـداثة الغربـية, التي اربكت واقلقت الثوابت الكلاسيكية وزعزعت القـناعات الأصولية بعد مرحلة الاستعمار واكتشاف أبـار النفط ,وانغمار المواطن في معمعة الحياة السياسية المستجدة آنذاك بآلياته الحديثة ليكون على محك التاريخ, وليجد نفسه بالتالي واقفا على شـفا هاوية العنف والقمع مذهولا مغلولا, وانطلاقـا من هذه الزاوية الحـرجة التي حشر فيها الانسان العربـي والمثقـف تحـديدا, راح الروائي المبـدع عبـد الرحـمن منيف الذي اكتوى بســعير الأنظمة وخطاباتها العقيمة المراوغة يدون ملحمة الإنسان ونضاله الحميم من أجل حياة حـرة كريمة، ومقـاومته لكل أشـكال الاسـتغلال والاضطهاد والطغيان في قـالب الرواية التي تمكن منها الروائي عبر لغة سلسلة ثرة وحنكة فنية بارعة وفكر خصب.
وهكذا جاءت رواية (الأشجار واغتيال مرزوق) كوثيقة حـية على مدى تهافت الايديولوجيات البائدة, في حين عدت رواية (الشـرق المتوسط ) صفعة في وجه الأنظمة العربية الشـمولية التوليتارية, وادانة صارخة لخروقات الدكتاتوريات لأبسط حقـوق الإنسـان، أما رواية (سباق المسـافات الطويلة) فهي بـانوراما زاهية عن مواجع ومباهج ومشاغل الناس في الشرق الصاخب, وتعد رواية (مدن الملح) بأجزائها الخمس ملحـمة تاريخية عن حقبـة أو حقب عربية أتسمت بالغليان.
واختتم منيف مشواره الروائي برواية (أرض السـواد) وهي تتناول فترة عصيبـة من تاريخ العراق الحديث في العهد العثماني, لقـد التصق منيف بقـضية الانسـان من دون كلل أول ملل, وجعل من هذه القضية رسالته في الحياة التي رحل منها في 23 / 1 / 2004 في دمشق عن عمر ناهز السبعين عاما.
...
جريدة الأنباء 29 / 2 / 2004
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟