أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - # قاب قوسين من المرأة #














المزيد.....

# قاب قوسين من المرأة #


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7061 - 2021 / 10 / 29 - 17:36
المحور: الادب والفن
    


خمس قصص قصيرة من مجموعة (قاب قوسين مني) للقاصة هدية حسين، تنفرد بهموم المرآة واشكالاتها العاطفية والنفسية والاجتماعية، وهذه القصص الخمس مكتوبة بضمير المتكلم أنا، و(الأنا) هنا (امرأة) تسرد مقاطع من سيرتها الذاتية, بحسبان السيرة عنصر جوهري في أي عمل فني, وفي السيرة يهيمن عادة ضمير المتكلم أنا (كي يجعل من الوهم حقيقة واثباتاً) على حد تعبير ميشال بوتور.
من هذا المنطلق أعد هذه النماذج من الشخوص النسوية في القصص الخمس, منتقاة بدقة وقصدية وذكاء من حيوات حقيقية لتلك النسوة المفترضات، أولتهن الكاتبة اهتمامها وتعاطفها وانحيازها لهمومهن، وهن متباينات في الوعي والطموح والسلوك، وبرغم انتمائهن لشريحة واحدة، إلا إن جميعهن مسحوقات محبطات متصدعات الشخصية, يعانين حالات مرضية نفسية وعقلية مثل (الذهان والهستيريا والشيزوفرينيا) كما في قصص (رجل في فنجان، وخارج الزمن, وعاصفة الثلج) والكاتبة لا تقرر ذلك ولا تقره وإنما توحي به لنا، ونحن نكتشف ونستدل, وهذه ميزة من ميزات هدية حسين.
كل هاتيك النسوة, بلا ملامح وبلا هوية وبلا أسماء, يجمعهن هم مشترك واحد، هو (الأنوثة) المطعونة في الصميم، أنوثة مستلبة ومؤجلة ففي قصة (رجل في فنجان) ثمة امرأة ارستوقراطية النزعة والمنشأ, تعيش بمفردها في شقة، تعاني الوحدة والوحشة والفقدان فقدان الرجل طبعا، وهي طالما ترغب بدعوة رجل يؤنسها ويملأ فجوات وحشيتها، لكن لا أحد, ترى من هذا الذي شاركها فنجان القهوة ؟ تتساءل بلوعة ولهفة وحيرة، لكن الكاتبة تختم قصتها بإطلالة رجل أسمر مربوع القامة, يدخل غرفة النوم ويطلب فنجان قهوة, لنتساءل نحن بدورنا من هو هذا الرجل ؟ هل هو وهم أم حقيقة ؟ أهو بواب العمارة مثلا أم طيف عابر من وحي الخيال ؟ أم هو زوجها الذي جعلت الرتابة وجوده ملغياً, هذا ما لا تفصح به الكاتبة وهذا سر نجاحها.
وفي قصة (ليس على سلوى حرج) موظفة مسحوقة تحت وطأة الحاجة والعوز تتأرجح على حافة الانهيار والسقوط ، رأسها محشو بالضياع, وهي تبغي أن تحل محل اختها في اصطياد الرجال وابتزازهم كما (صيد السمك، المهم كيف نقود السمكة الى الطعم) والطعم هو جسد المرأة والرجل هو (كلب، والشاطر من يقود السلسلة) والكاتبة هنا تقتطع بمهارة مشهداً من واقع شاذ في زمن الحصار, لتلق عليه ضوء كشافها بجرأة تحسب لها, معلنة بذلك احتجاجها وادانتها لكل ما يسيء لكرامة الإنسان ويشوه أنوثة المرأة.
وفي قصة (خارج الزمن) امرأة صحفية تدخل مستشفى المجانين, لتعاين حالات وهموم نساء محبطات، مستلبات، وهي تتأمل وجوها شاحبة رخامية منكسرة تحدق في الفراغ، وهن يبدون حسب تعبير القاصة مثل تماثيل رخامية، خاضعات طائعات, بثياب رثة وأنفاس واهية وعيون متضائلة، ولكل منهن حكاية مأساوية، فالمرأة المسنة فقدت ابنها الوحيد في الحرب، والمرأة الطويلة النحيلة مثل نخلة جرداء احرقت زوجة أبيها، وذات الشعر الأشعث تعرضت لحالة اغتصاب، وأخرى يخونها زوجها مع عشيقة، وأخرى تدعي الجنون لتتخلص من عقوبة السجن، هكذا دواليك تعرض علينا مرأى الاضطهاد والألم والجنون لنساء مختلفات من دون أي تعليق.
وفي قصة (نبوءة) ثمة امرأة مهجورة، متشردة، ضائعة في شوارع مدريد يلسعها البرد بلا مأوى لتجد نفسها في النهاية داخل جدران السجن, وفي قصة (عاصفة الثلج) امرأة تنتظر حبيباً لا يجيء, لأن الحرب أخذته الى الأبد, والزمن متوقف لديها, وهي متوقفة عن زمن مضى، وهي لا تريده أن يمضي, لذا تسترجعه في كل حين وتعيش تفاصيله كحاضر مستمر عبر مونولوج شجي متماسك, يدل على مقدرة الكاتبة في سبر أغوار الأنثى, وفق أسلوب قصصي شفيف, يؤكد مقدرتها السردية.
نستنتج من هذه القصص, أن شخوصها النسائية بلا رجال وإن كان ثمة رجال, فهم خائنون (خارج الزمن، ونبوءة ) أو كلاب نهمة (ليس على سلوى حرج) يستحقون الموت, فبطلة قصة (النبوءة) تقتل حبيبها يوسف, وزوجة المدير تقتل وديع في قصة (الساحر)
وهن جميعهن نساء مهجورات حالمات ينتظرن رجلاً ما كما في (رجل في فنجان، وخارج الزمن، ونبوءة ، وعاصفة الثلج) وغالباً ما يتعرضن لاعتداءات جنسية (يلتصق بي من الخلف واضعاً السترة على كتفي) في (ليس على سلوى حرج) و(دخل عليّ في الظلام وفعلها) في (خارج الزمن) و (ذلك الفتى الأسود, الذي حاصرني في طفولتي خلف ماكنة الطحين) في (نبوءة) و (رمى بها عند أول لقاء بينهما, خلف أكوام التبن) في (الساحر).
ثمة مواضيع أخرى تناولتها المجموعة, لا تقل أهمية عن موضوعة المرأة, مثل الحرب والموت والشيخوخة, لكنها في هذه القصص الخمس, كانت أكثر قرباً وصدقاً لنفسها ولهواجسها واكثر اتقاناً لفنها القصصي.
هدية حسين مبدعة أخرى تضاف الى قائمة المبدعات العراقيات, لطفية الدليمي وبثينة الناصري, وميسلون هادي, لتعلن حضورها بينهن وبيننا بجدارة.
...
جريدة الثورة 7 / 9 / 1998



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- # من أرشيفي القديم # 12
- في الشأن الثقافي 3
- # من أرشيفي القديم # 11
- # من أرشيفي القديم # 10
- # من أرشيفي القديم # 9
- # من أرشيفي القديم # 8
- # من أرشيفي القديم # 7
- # من أرشيفي القديم # 6
- # من أرشيفي القديم # 4
- # من أرشيفي القديم # 5
- في الشأن الثقافي 2
- # من أرشيقي القديم # 3
- # من أرشيفي القديم # 2
- # من أرشيفي القديم # 1
- تغريدات ساخنة 5
- هؤلاء علموني
- أسماء وعلامات
- في استذكار أحمد يعقوب
- الوقوف على ساق واحدة / رواية عراقية جديدة
- في هجاء الثقافة والمثقف


المزيد.....




- كيف تنبّأ فيلم أمريكي بعصر الهوس بالمظهر قبل 25 عامًا؟
- مهرجان -المواسم الروسية في الدار البيضاء- يجمع بين المواهب م ...
- شم النسيم: ما هي قصة أقدم -عيد ربيع- يحتفل به المصريون منذ آ ...
- فنانة أرجنتينية تستذكر ردة فعل البابا الراحل على لوحة بورتري ...
- لوحات تتحرك.. شاهد كيف بدت هذه الأعمال الفنية التفاعلية في د ...
- سعيد البقالي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ضيف ...
- جورج كلوني يثير الجدل باعتراف حول زواجه من أمل علم الدين
- الأديب نزيه أبو نضال.. أيقونة أدبية وسياسية أثرت المشهد العر ...
- دار النشر -إكسمو- تطلق سلسلة كتب -تاريخ الجيش الروسي-
- قبل نجاح -Sinners-.. مخرج وبطل الفيلم يتحدثان عن علاقتهما ال ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - # قاب قوسين من المرأة #